الولايات المتحدة – إيران: تسليم العصا الغليظة!

الولايات المتحدة – إيران: تسليم العصا الغليظة!
لم تكن تصريحات أوباما الأخيرة تنصل من مسؤوليات الولايات المتحدة تجاه نشر الديموقراطية التي عملت عليها منذ أن قدمت ورقة العمل الشهيرة حول إعادة تشكيل شرق أوسط جديدة لاجتماع الدول الثمان الصناعية الكبرى، أو أنها سحبت يدها من دعم المعارضة السورية المعتدلة، وإنما هو انسحاب جزئي لصالح عميل تم بناؤه على مدى سنوات عديدة، ليكون هو الشرطي الجديد للمنطقة والانكفاء الأمريكي الجديد لتقوية اقتصادها الداخلي والخروج من الأزمة الاقتصادية هي الأولوية التي تحتل رأس المستشارين في البيت الأبيض، على اعتبار أن هناك في الشرق من هو جاهز لدفع المال والمقاتلين لتحقيق خرائط قد سرّبت منذ عام 2006 كبداية جديدة لخلط الأوراق، والبدء في تصنيع شرق جديد يلائم أطراف القوة، دون وجود لحرب باردة جديدة قد تنهك الإقتصاد الذي بدأت بوادر العافية تنتشر في أعضائه..

لعل لعب الولايات المتحدة دور إدارة الأزمات في الشرق الأوسط جاء لإيضاح مكامن القوة عند بعض الدول التي نذرت نفسها للهيمنة على القرار الإقليمي، والاختلاف المذهبي بين هذه الدول هو الأساس في إدارة الأزمة، فلا يخفى على أحد الصراع الخفي بين تركيا السنّية وإيران الشيعية، للهيمنة اقتصادياً وسياسياً على قرار الدول التي أزاحت الرماد عن جمر الثورة، وخرجت الشعوب للتغيير الجذري، وبدا جلياً التقارب التركي - المصري على خلفية نجاح الإخوان المسلمين في مصر باستلام البلاد، غير أنه بدا واضحاً أن الرئيس الإخواني كان يريد الذهاب باتجاه إيران الدولة الأكثر نفوذاً في المنطقة بقرار دولي!

أعتقد أن مهندسي السياسة الأمريكية الشرق- أوسطية راضين عن سياسات أوباما في الشرق الأوسط، وإلا لخرجوا علينا بفضيحة مزلزلة لأوباما، كتلك التي هزت العالم وأودت بالرئيس نيكسون "ووترغيت"، على الرغم من الكشف عن حالات التجسس على مكالمات لمسؤولين كبار تعدّت حدود الولايات المتحدة لتطال زعماء أوربيين، وانتهت بلمح البصر، وكأنهم يذكرّون أوباما بمصير نيكسون عام 1974 ،ليعود إلى جادة الصواب بعد الحديث عن خطوط حمراء ربما تُدخل الولايات المتحدة في مواجهة يمكن حلها بإنهاء الترسانة الكيماوية السورية لحماية إسرائيل، بالمقايضة على انتخابات هزيلة تكون أمراً واقعاً، بالتزامن مع تأسيس حزب الله السوري، بغية طرح مفهوم المقاومة، ووضعه على الجبهة السورية مع إسرائيل لردع المغامرين الذين قد يفكرون في زعزعة أمن إسرائيل ولو بالتلميح!

ربما رست المزايدة السياسية على الخصم الإيراني، وهذه المماطلة في إنهاء البرنامج النووي الإيراني، إذ يؤكد الجميع أن إيران قاب قوسين أو أدنى من تصنيع السلاح النووي عبر الاعتماد على المياه الثقيلة القادرة على إنتاج "البلوتونيوم"، لذلك كان ما يجري من مفاوضات على تخفيض نسب تخصيب "اليورانيوم" إلى أقل من 5 % على سبيل جس النبض من أجل الكشف عن عميل شرق أوسطي يستلم العصا الغليظة دون خسائر بشرية أو إقتصادية للولايات المتحدة. وعلى ما يبدو، كل الخيارات وضعت في السلّة الإيرانية، ليعود التاريخ مرة أخرى إلى ما قبل الثورة الإسلامية، وإنتاج عهد الشاه الإيراني، مع اختلاف الحالة الجيوسياسية بما يخدم الحروب الدائرة في المنطقة؛ بدأ الغزل الأمريكي – الإيراني عندما جاء مرشد الثورة برئيس إصلاحي، محاولاً تخفيف اللهجة الدولية ضد إيران، ذلك أن الفترتين الرئاسيتين اللتين حكم فيهما أحمدي نجاد إيران المتطرفة، والتي تقع بين فترتين لرئيسين إصلاحيين، حاول المرشد أن يقول للعالم: "نحن نستطيع أن نكون متطرفين وإصلاحيين في الوقت ذاته، أنتم ماذا تريدون؟ وأي ثمن سندفع؟ وما هي مكتسباتنا ؟

تعمل الولايات المتحدة على غض النظر عن التدخل السافر لإيران في سورية، عبر مليشيات طائفية لبنانية وعراقية، وربما وصل عددها إلى أكثر من ثلاثين فصيل شيعي، وبعض المرتزقة، دون أن تضع أي من هذه الفصائل على قوائم الإرهاب، باستثناء الجناح العسكري لحزب الله اللبناني، وبالمقابل وضعت جبهة النصرة السنّية على قائمة الإرهاب، وتدّعي عدم تسليح المعارضة السورية بأسلحة فتاكة كي لا تصل للأيدي الخطأ، وهذا ما دأبت عليه الولايات المتحدة بعد احتلال العراق من ترك جنوب العراق ذي الأغلبية الشيعية لإيران، وبذلك تضمن الولايات المتحدة بسط النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، على الرغم من الغضب السعودي لهذا التقارب الذي يخرج السعودية من الهيمنة على القرار السنّي العربي، وما يحصل في لبنان من فراغ رئاسي قسري يقوده حزب الله الشيعي، أحد أيدي الأخطبوط الإيراني، وضرب التحالف السنّي اللبناني بقيادة الحريري واجهة السعودية في هذا البلد.

لقد استلمت إيران المهمة من الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة الشرق الأوسط بقوة العصا الغليظة، بهدف إقناعها باستعادة الإمبراطورية الفارسية، مع تراجع الدور التركي لصالح الذهاب باتجاه أوربا، إلا إن الولايات المتحدة دائما تعدّ خارطة للطريق من خلال تدمير صورة إيران الشيعية في البحر السنّي، من خلال إدخالها بحروب ذات صيغة طائفية معتمدة على عنجهية رجالات الثورة الإيرانية، و غرور قاسم سليماني الذي صرّح أكثر من مرة أنه على استعداد لأن يصلي صلاة المغرب في الكعبة الشريفة، كناية عن احتلال المملكة السعودية خلال ساعات، وبذلك تحاكي الولايات المتحدة مهمة حركة طالبان التي دعمتها للوقوف في وجه الاتحاد السوفيتي، وعندما تمردت طالبان على السيد اعتمدت الولايات المتحدة على شيطنة طالبان من أجل موافقة الشعب الأمريكي في دخول حرب أفغانستان.. ومن بعدها العراق عبر أسلحة الدمار الشامل عند صدام حسين عميلهم المتمرد بعد انتهاء مهمته.

التعليقات (2)

    موسى احمد امهان

    ·منذ 10 سنوات 3 أشهر
    نحن ننتظر ان يحيق المكر السيء باهله

    from syria

    ·منذ 10 سنوات 3 أشهر
    علينا ان نعلم ان الايرانيين هم فرس وليسو مسلمين حقيقة. واكثر من ذلك الكثير منهم علمانيين . والتشيع هم من اخترعوه لان الكثير منهم من اسلم نفاقا وعلى ذلك فالمذهب الشيعي ليس اسلاميا بالاساس
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات