انتشر على صفحات التواصل فيديو من اللطميات يتغنى بدمار حلب والتوعد بالعجب الذي سيفعلونه بها ونتذكر جميعا ذلك المنشد الطائفي الذي تغنى بدخول يبرود وقبلها انتشرت عدة مقاطع تدل على حقد زرع بالنفوس لدفعها نحو التمتع بالقتل والدمار والدم، إن هذه النتيجة التي وصل إليها الحال لا ندري بالحقيقة لو بقي صدام حسين هل كانت ستحدث أم لا، ولا ندري إن كان الرجل حقاً أدرك مبكراً أن تلك الثورة المزعومة بإيران ليست سوى حركة عنصرية شبيهة بالصهيونية العالمية وهي ستكون بذات الخطر الصهيوني ولربما أخطر كونها ستتلاعب بالغرائز الطائفية وستقود لتفتيت النسيج الاجتماعي بالمنطقة وترهق بالتالي الكيانات العربية وتدخلها بصراعات لم تكن بالحسبان، لكننا نعلم كيف ظن الرجل أن بناء مفاعل نووي قد يكون الرادع لكل طامع بهذه الجغرافيا وتجاهل بناء دولة تحت سقف قانون وطني يتيح لجميع أبنائها العمل على تنمية مواردها المختلفة، بضعة شعارات وحرب استنزاف واستخفاف بالإنسان وصور عملاقة وتماثيل ودبكات يتصاعد من خلفها الغبار وتعلو صيحات النخوة إلى حدود التماهي ليغيب الوعي، بالتأكيد لاتبني دولة، ذهب صدام وقدّم الأميركان خدماتهم الجليلة للدولة الفارسية وابتدأ ناي الساحر يخرج الأفاعي من جحور الطائفية وأصبح النفط الذي لم يبنِ العراق أيام صدام يساهم في بناء ميليشيات المرتزقة التي ترفع نخب الدم العربي وتقدمه قرباناً لذلك القابع في طهران يمارس شهوته الانتقامية من هذه الأمة وثقافتها، في سوريا الأسد دخل النظام بشراكة استراتيجية مع طهران وتل أبيب ودعم بالمقلب الآخر تنظيمات متطرفة لا تمثل نسيج الأمة ولا فكرها أوسماحة دينها، ولكنها تتناغم مع هذا المشروع وتعطيه مبررات النمو كالقاعدة وما تفرع عنها، وخرج النظام الرسمي العربي من دائرة الفعل والتأثير وأخذ يتصالح مع مصالح إيران بسياسة هزيلة غير مفهومة، بل هي أقرب لسياسة النعامة حين تدفن رأسها بالرمال، ندري أن ملايين الدولارات التي أنفقت على بناء جيوش لم تصرف سوى للاستعراضات العسكرية الفلكلورية بمواسم محددة لنشاهدها على الشاشات، ونتساءل إن كانت تلك الاستعراضات هي لترهيب الشعوب من حكامها أم للتوضيح لمواطنيها أن خلفكم دول، لكن ماحصل بليبيا واليمن وحتى الانقلاب العسكري بمصر وما يحصل الآن بسوريا يشير إلى أننا مازلنا خارج مفهوم الدولة وهذا بطبيعة الحال يمكن تعميمه على النظام الرسمي العربي، لنتصور أن صدام حسين أنهى فترته الانتخابية وعاد لمنزله تحت سقف دستور مدني حقيقي يضمن حقوق المواطنين وبقيت مؤسسات العراق ملكا للشعب يقدم فيها العراقيون جميعهم طاقاتهم وكفاءاتهم وخبراتهم ويعملون على تطوير الدولة، هل يا ترى ستجد إيران منفذاً لشراء مرتزقة بطريقة غرائزية على هذا النحو أم أن الحالة الوطنية العراقية ستتغلب على كل خرق؟ نحن الآن أمام حالة وجودية نكون أو لا نكون، والتصريحات الإيرانية الأخيرة أصبحت واضحة حتى لأولئك الطامرين رؤوسهم بالرمال، وأصبحنا الآن أمام توصيف لا يحتمل اللبس، إما خونة وإما شجعان بما فيه الكفاية لإعادة الثقة للمواطن العربي بأمته، وأصبح واضحاً أن الدفاع عن سوريا هو دفاع عن أمة بأكملها وأن دماء السوريين التي نزفت في سبيل حريتهم هي بالضرورة توصلنا إلى ذات النتيجة، وإن كان حاكمو القصور العربية قد رغبوا بتأديب الشعوب التي تتطلع للحرية عبر درس سوريا فإنهم الآن وأكثر من أي وقت مضى عليهم الاعتراف بخطأ التقدير والاستنفار لمواجهة الجنون الفارسي بإرادة لا تحتمل التحليل والتسويف على طريقة آل الحريري وكتلتها النيابية التي تصالحت مع أوامر الطاعة القادمة من الضاحية لأجل كرسي وزارة هو آخر مايهم مرتزقة إيران بلبنان حيث عينهم على تفتيت أمة بأكملها من خلال مشروع سيدهم في طهران، وأيضا لا يحتمل مؤتمرات قمة يتوالى فيها على منبر الخطابة حامل تلك العصا بالسودان و صاحب الكرسي المتنقل بالجزائر وذلك المتلعثم بالعراق وصاحب كازينو لبنان وغيرهم ممن يمكن وضع العلامات الفارقة للدلالة عليهم وهم كثر، على النظام الرسمي العربي الآن أن يسقط من حساباته فرق الدبكة وطبق رمضان واكتشاف لفظ الجلالة على قشرة بيضة أو حبة بطاطا والاكتفاء بحقيقة أن الله خلق الدجاجة وما في هذا الكون وليس بحاجة لكتابة اسمه كماركة على عظمة ما خلقه، على النظام الرسمي العربي الآن أن يدرك معنى دخول حمص على أنقاض مسجد خالد بن الوليد، ومعنى التغيير الديموغرافي للسكان ومعنى لطمية تقول مقدمتها "بحلب إحنا سوينا العجب"، والعجب هنا لن يبقى بدمشق وحدها بل سيكون عند أبواب عواصم ومدن عربية كبرى وربما على أسوار الكعبة المشرفة حيث لا ينفع الندم، ليس تهويلا هذا الكلام وليس لاستجلاب الدعم لثورة السوريين العظيمة، فالسوريون كما كتبوا في لوحاتهم هم من يتبرع للكرامة العربية بنهر دم وهذا كاف لممارسة حق النقض الآن على هذا الخطاب العربي المتردي بل والمخزي وهنا لا نحتاج لصدام حسين جديد يرفع سيفه بوسط دبكة شعبية بل نحتاج لقادة يتصالحون مع أمتهم ويساهمون بصناعة تاريخ جديد يبدأ من كلمة حق.
التعليقات (3)