مجرد كابوس

مجرد كابوس
دفعت حالة الميوعة في الموقف الدولي تجاه الوضع السوري بنظام بشار الأسد إلى رفع سقف طموحاته من المفاوضات في جينيف، لدرجة بات يطلب معها ما لم يحلم بتحقيقه طوال فترة حربه على الشعب السوري.

حسناً لتكن مفاوضات ولتكن هناك عملية سياسية برعاية دولية، حسب تقديرات النظام، ولكن لا بد من تحويلها إلى فرصة وترجمتها إلى مكاسب سياسية وعملانية، عبر مرحلة طويلة تنتهي بتكريس نظام بشار الأسد حاكما على سورية، هذه طموحات الدائرة الصلبة للنظام. أو إيجاد بديل مشابه عبر الاحتفاظ بالجزء الأكبر من النظام، وبثقافته وأيديولوجيته وعقيدته، وإن جرى تجديد رأسه، وهذه طموحات روسيا وإيران.

عبر العملية السياسية، التي يرعاها المجتمع الدولي، يصل طموح نظام حد قيام المعارضة بتفكيك نفسها عبر تدمير بنيتها المتنوعة، وذلك من خلال الدخول في صراعات طويلة ومدمرة بين أطرافها المختلفة، لا بأس أن تبدأ بالفصائل التي لا ترتبط بشبكة علاقات قوية مع المعارضة ولا تتمثل ضمن أطرها، على أن ينتقل الصراع إلى الأطر الداخلية نفسها، الأمر سينتج عنه إنهاك قوة المعارضة وعزلها عن بيئتها الحاضنة بعد انكشافها كبنية عاجزة ومشرذمة، أما الآلية لذلك فتكون من خلال تعريض بنية المعارضة لحالة من الضغط المتواصل والمطالب المتناسلة بهدف الاستجابة لطلبات النظام التي يرغب بدوره بدمجها في طور الطلبات العالمية وخاصة قضية محاربة الإرهاب.

كذلك يطمح النظام إلى إحلال روايته عن القضية السورية بدل رواية المعارضة، بحيث تتحول إلى مسألة محاربة إرهاب ومؤامرة منذ حادثة أطفال درعا مرورا بكل المآسي التي عاناها الشعب السوري، وذلك بهدف عدم تعرضه للمسائلة القانونية عن كل أفعاله السابقة!. تقديرات النظام تهيئ له إمكانية تحقق حزمة الطموحات تلك، القضية لا تحتاج سوى لوقت أكثر وتشكيلة من المناورات السياسية مع إجراءات ميدانية موازية.

يستمد النظام مكانيزمات طموحه تلك من دعم روسي تبين أنه يقوم على خريطة طريق طويلة ومعقدة ومناورات سياسية عديدة بهدف تطبيقها على الواقع السوري، تفاصيل تلك الخطة مستقاة من تجارب عسكرية وسياسية قريبة ومشابهة للحالة السورية.

بعض من تفاصيل تلك الخطة بدأ يكشف عن نفسه من خلال بعض الإجراءات العملية والتفاهمات التي ترعاها موسكو في جينيف، مثل عملية إجلاء المدنيين من حمص، تحت إشراف الأمم المتحدة. وكان نفس هذا السيناريو قد تكرر في البوسنة عام 1995، عندما جرى السماح للنساء والأطفال في سربرنيتشا، بالمغادرة، ثم تحركت فرق الموت الصربية وذبحت ثمانية آلاف شخص بقوا في المدينة المحاصرة بعد مغادرة النساء والأطفال.

من تلك التفاصيل أيضاً، إتباع روسيا حيلة زج الولايات المتحدة في محادثات لا نهاية لها في جينيف بينما تساعد موسكو وطهران الأسد على سحق المعارضة باستخدام آلته العسكرية الضخمة. في الوقت الذي تستمر فيه روسيا وإيران باستمرار تدفق الدعم العسكري للنظام وتشكيل شبكة أمان دوليه تحميه من أي إجراء دولي، حتى لو تمثل بمطلب توصيل مساعدات إنسانية إلى المناطق النائية أو تلك التي يصعب الوصول إليها، كما حصل مع مشروع قرار مجلس الأمن الأخير.

خلاصة هذه العملية التي تديرها روسيا وإيران، ويشتغل نظام الأسد على تنفيذ الأجزاء الميدانية منها، إيصال العالم في نهايتها، وبعد زمن مقدّر، إلى القبول بالوقائع الحاصلة على الأرض، مجبراً. حينها يجد العالم انه يفتقد للقضية الأساسية بعد أن جرى تغيير معالمها بالكامل عبر عمليات التزوير والتجميل وسواها، وبعد مسح الآثار والدلائل الجنائية من موقع الجريمة؟، وحينها سيقف ممثل النظام في جينيف، أو مكان أخر، ويعلن أن العالم كان نائماً وشاهد كابوس، ترأى له انه حقيقة. وبعدها فليستمر الكابوس.

التعليقات (1)

    أﻷسد يخدم عدة اسياد

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    لينقذ نفسه ويقتاد طائفته بالجزرة والعصا
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات