انتخاب رؤساء.. أم "صانعي نعوش"!

انتخاب رؤساء.. أم "صانعي نعوش"!
أيكفي علم وشعار وخاتم يمهر على منافذ الحدود لنقول إنها دولة، أو ماهي المعايير التي تعرف من خلالها الدولة؟. فروع أمن وبوليس وبعض العسكر، أم نشيد وطني وملصقات وفريق كرة قدم ومسلسل درامي وبضع أغانٍ؟. ولعل السؤال الأهم هل هز الربيع العربي أفكارنا لنعيد تقييم ما كنا نتعايش معه، فبدا لنا كم نحن مغفلون وبائسون وعشنا كذبة انتماءات لم تكن إلا وهما؟. ياله من مشهد مثير للتأمل والضحك، ربما والدمع كخاتمة للوجع القابع في الروح. انتخابات رئاسية عربية بالجملة يعلن عن بدء مشوارها التتابعي لفريق الرئاسة من الجزائر إلى مصر ولبنان وسوريا وانتخابات برلمانية في العراق. كم نحن جاحدون للنعمة العظيمة نعمة الديموقراطية العربية في عرسها أو عرسنا أو عرس الطبل والطبال.

لم تكن الانتخابات العربية تثير التساؤلات كثيرا فهي تحصيل حاصل لسياسات المكرمة المقدمة من ولاة الأمر، لم تثر سابقا حتى الضحك والاستهزاء لأنها مرآة عروش تعربش أبطالها على خلايا أجسادنا وخدروها واستراحوا من ركلاتنا، يخرج ذلك العجوز على كرسيه ليباغت رسامي الكاركاتير بلوحة لم تخطر على بال أعتاهم ريشة وقلماً وفكرة، فيفوز كرسيه بتعريف دقيق عنا كدول، نعم دول تشبه كرسي المقدام في الجزائر أم المليون شهيد، لكن ما لم يخطر ببال من أبدع أطرف لحظات توم وجيري الشهيرة تلك الإعلانات القادمة من مصر أحمد عرابي إلى مصر السيسي لتصبح أم الدنيا كأم لهذه الكوميديا الساخرة، لم لا فالشعب دافع فواتير الحب والنسيان وهو المنطلق والهدف وهو شعب دولة العرب العظمى، وصاحب كلمة ارحل بوجه مبارك. أما في لبنان فلم تتعالَ الأصوات لتقول لأي من رؤسائه ارحل، هم يرحلون بابتسامات عريضة في سياسة مريضة مبنية على توازنات طائفية لم ولن تكون نموذجا لأحد سوى لقاطعي طرق الحارات ليتمترسوا داخل تجمعاتهم بحكم مطلقٍ فتصبح الجمهورية جمهوريات.

اللبننة والعرقنة أمراض تتشابه في تحاصص الغنائم والشاشات والطرقات

وكلاهما أصبح لديه جمهوريات فيها أكاديميات محترفة بتخريج القتلة لتخريب أحلام الناس في مهدها، وبين هذا وذاك يطل علينا جنرال موريتانيا العظمى بتجديد بيعته على رمال الفقر والجهل بدبكة ديموقراطية شعبية تتناسق مع تراثنا العربي كحالة مغلقة تسورت فيها الأماكن والحصى وسميت دول، تزدهر أعراس ديموقراطيتنا وتتجلى في سوريا قلب العروبة النابض، قلب ينبض ويجاهر بما في المستنقع، مذيع يصعد في طائرة القتل ليأخذ لقطة للذكرى مع البارود وأخرى تقدم تقرير النصر فوق جثث أبناء الجمهورية، وفيلسوف شعرائها على وزن أدونيس وكاريكاتير إبداعها غوار الطوشة الذي طاش عند أحذية العسكر، وباب تراثها الأهم هو باب الحارة بزعامة "أبو عصام وأبو شهاب" ونجم غنائها المعاصر علي الديك، جمهورية ابتدعت فن البراميل لتوزيع دعوات الاقتراع، ورئيسها سطا يوما على الدستور خلال دقائق كما سطا البعث على كيانها قبل خمسين عاما وأمّم كل شيء حتى الحمامات العامة، هنا الديموقراطية حالة منفردة هذا العام حيث دعايته استغرقت ثلاثة أعوام ونيف جوا وبرا وبحراً، اصطف خلالها الشهداء منتخِبين وهم في أسرّتهم أو على منافذ خبزهم بمنتهى الشفافية وغادرونا مطمئنين سعداء، حتى الأطفال ومن في الأرحام انتخبوا، هم صوتوا بالدم بين إخوانهم العرب المصفقين المترقبين كأس العالم على أحر من الجمر، يا لهذا العرس الديموقراطي العربي الذي سيذهل البشرية لعقود وعقود.

هو مذهل ومرعب عندما نعلم أن أول المنتخبين في طابور هذا العرس ومنذ عقود هي دول عظمى، قادة العالم الحر ونصف الحر والراقص على جليد الحرية في سيبيريا، كلهم قد سبقونا بانتخاب قادتنا الميامين عبر بريدهم المشبوه، باركوا بقاءهم ولقنوهم طرق اجتثاثنا، فهم فوق محاكم الجنايات وأكبر من كل منظمات حقوق الإنسان بل ربما هم الأقدر على حفظ حقوق كل الناس، فرمزهم يقبع بالسودان يلوح بالعصا بلا رجفان، نوافق أو لا نوافق هذا شأن داخلي نبحثه في القبر، فنحن أمة تتخبط في توصيف وجبات الحلال والحرام وتأخذ الحمية مثقفيها في تعريف أيهما أقرب للقلب الشعر النثري أم النثر الشعري، تعتلي منصات طوائفها عمائم بلا رؤوس تفتي للحاكم في خطبها العصماء كيف يقتل وينهر ويؤمم البلاد والعباد للأحفاد.

أيها السادة في قصور نعوش أوطانكم كفاكم هياما بنا نرجوكم، كفاكم بذخ المكارم على أفواهنا فقد زهقنا الدسم، لا نحب ديموقراطيتكم العظيمة ولا تطربنا أغانيكم الوطنية، نحن القابضين على الخيانة والعاملين لأجلها والكسالى والمعتوهين والأميين نحب أن نموت بلا ديموقراطيتكم، خذوا كل الكراسي المتحركة وكل النياشين، خذوا براميل الدفء وغاز الخردل وخذوا رعاة أمر طوائفنا نحب الجهل نحن، نحب البرد والجوع وحصير القش، هكذا نحن بصغر عقولنا نحب أن نحكم أنفسنا بأنفسنا، أفلا تعتقوننا لوجه الله؟.

التعليقات (2)

    كلام سليم

    ·منذ 10 سنوات أسبوع
    لا غبار عليه

    JORDANIAN

    ·منذ 10 سنوات أسبوع
    أيها السادة في قصور نعوش أوطانكم كفاكم هياما بنا نرجوكم، كفاكم بذخ المكارم على أفواهنا فقد زهقنا الدسم، لا نحب ديموقراطيتكم العظيمة ولا تطربنا أغانيكم الوطنية، نحن القابضين على الخيانة والعاملين لأجلها والكسالى والمعتوهين والأميين نحب أن نموت بلا ديموقراطيتكم، خذوا كل الكراسي المتحركة وكل النياشين، خذوا براميل الدفء وغاز الخردل وخذوا رعاة أمر طوائفنا نحب الجهل نحن، نحب البرد والجوع وحصير القش، هكذا نحن بصغر عقولنا نحب أن نحكم أنفسنا بأنفسنا، أفلا تعتقوننا لوجه الله؟.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات