السويداء بين جحيم النظام وتقصير الائتلاف

السويداء بين جحيم النظام وتقصير الائتلاف
إن تلك المدينة الصغيرة التي انتمت بقوة إلى محيطها عبر أجيال طويلة وتقاسمت معه تفاصيل الحياة بحلوها ومرها، مازالت تربك الأسد ونظامه في كيفية التعاطي معها، لم يقصفها بالصواريخ والطائرات حتى الآن لكنه هددها عبر عناصر أمنه، لم يطلق الرصاص على المتظاهرين بشكل مباشر، لكنه لاحقهم بشبيحته وأمنه واعتقل الكثيرين واستشهد في سجونه عدد منهم، دخل حسن نصرالله قبل مدة على الخط وحاول تسويق فكرة أنها مدينة يتيمة تحتاج جهوده وجهود أمة فارس للدفاع عنها مكملا مقولة نظام الأسد بتلك الدعاية المستهلكة إنه حامي الأقليات، يدرك جيدا هذا النظام ومن خلفه حالش أن من ساهم بتحرير وبناء وطن لا يمكن أن يغدر فيه ليمزقه، ولذلك أخذ يبتدع طرقا جديدة للتهويل عليها من خلال وجبة الصواريخ تلك التي استهدفتها في هذا الوقت بالذات، ولكن السؤال هنا كيف تبنت جبهة النصرة إطلاقها ببيان واضح ومصور، وكانت قبله قد حدثت عدة أمور غير مفهومة كاختطاف مقاتلين من الجيش الحر في المحافظة وهما خالد رزق ورائف نصر اللذين مازال مصيرهما مجهولاً حتى اللحظة، مادعى العديد من الناشطين والتنسيقيات وبعض الحراك المدني في المحافظة لمناشدة الائتلاف وقيادة الأركان فيه لتحمل مسؤولياتهما تجاه هذا الأمر، بل تمت دعوة ممثلي المحافظة بالمعارضة للاستقالة كتعبير احتجاجي على هذا الفعل. ولكن يبقى السؤال الأهم الذي على جبهة النصرة أن تجيب عليه وهو هل هي تمارس دورا دعائيا للنظام وحالش في حمايتهما للسويداء؟ ثم تأتي بعض الأخبار عن هجوم بعض المسلحين المجهولين على بعض الطرق أو القرى ليجدد السؤال بطريقة أخرى على صفحات التواصل الاجتماعي وغيرها، وهو هل جبهة النصرة تسير على خطا داعش لتعلن لأهالي السويداء أن التطرف قادم فاحذروا هذه الثورة وعلى من انخرط فيها الاستعجال بالانسحاب منها، أم هنالك جهة ما تستعمل اسم الجبهة وهي بريئة من كل ما يجري.

على ذلك أصبح الشارع في السويداء منقسما بين من يعتبر جبهة النصرة جزءا من النظام وبين من يعتبرها جزءا من الثورة، وكلاهما مر إن بقيت هذه التساؤلات بلا إجابات، حيث ابتدأت الأصوات تتعالى للتسليح بغية الدفاع عن هذه المحافظة ضد التطرف أيا كانت الجهة التي تسوقه، سواء كان النظام أو التنظيمات المحسوبة على الثورة.

لاشك أن التخاذل العربي في دعم ثورتنا اليتيمة من جهة ومنع الأسلحة النوعية عن الثوار من جهة أخرى، مع مشاهدة تلك المدن العظيمة التي دمرت بالبراميل وبخاصة حلب دون أن تهز الضمير العربي أو العالمي، وكذلك كان الأمر عندما قصفت الغوطة وغيرها بالكيمياوي، إضافة إلى الصور القادمة من خارج الحدود عبر الفضائيات عن مآسي اللاجئين، كل ذلك يجب أن يوضع بالحسبان من حيث أثره في التهويل على الناس والقلق من المجهول، وفي سؤالي لأحد مقاتلي كتيبة سلطان الأطرش عن تصوراتهم، أجاب إنهم لا يملكون إلا إصرارهم على النصر فهيئة الأركان وداعمو التنظيمات العسكرية المختلفة بالثورة قد حرموهم من السلاح ولم يستجب أحد لأدنى طلباتهم، بل تركوا لمصيرهم حتى باتوا يشعرون بأن هنالك قرار ضمني متفق عليه أن تبقى المحافظة بلا أداة فاعلة تحميها، كي يتلاعب بها النظام كما يشاء ويساعده بعض الملثمين مجهولي الانتماء ببعض عمليات الاختطاف والقتل والبيانات المشبوهة، يثق مقاتلو كتيبة سلطان الأطرش أن السوريين قد خرجوا بثورتهم المباركة ليس لتبديل وجه سلطة سياسية وحسب، بل لإعادة الاعتبار إلى سوريا الوطن من خلال إعادة الوقار والهيبة لكل تفاصيلها، حيث قال المقاتل لو أخذنا الدعم ذاته الذي أخذه غيرنا لأصبحنا قوة فاعلة، ولكن للأسف أدخلونا بمتاهة المزاودات السياسية التي لا فائدة منها سوى تمرير الوقت، ويتابع قائلا إن ما خسرته هذه المحافظة من شهداء قضوا تحت التعذيب في سجون النظام وكذلك الضحايا الذين تم إعدامهم في قطعهم العسكرية لرفضهم إطلاق النار على السوريين عدد ليس بقليل، ربما لو تمت الاستجابة لنداءات الكتيبة بالتسليح الحقيقي لساعد ذلك على التقليل من عدد الضحايا المغدورين وأيضا كنا استوعبنا كل من ينشق عن جيش النظام، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الناشطين المدنيين الذين يلاحقون ويعتقلون لأنهم لا يجدون بعد مرور ثلاث سنوات من هذه الثورة مكانا أو حاميا لهم من البطش والتنكيل. بالتأكيد هنالك بعض البيانات الطيبة التي خرجت عن قادة بعض الكتائب العاملة في درعا تشد من أزر السويداء بوجه هذا النظام ولكن يبقى التساؤل الأهم لممثلي هذه المحافظة بالمعارضة بهيئاتها المختلفة هل هنالك خطط واضحة لكل المستجدات؟ أم أن الأمور ستبقى على حالها إلى أجل غير مسمى.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات