إسمى (خان) .. و لست إرهابياً !

إسمى (خان) .. و لست إرهابياً !
كل ما أراد فعله هو أن يقابل الرئيس الامريكى كى يخبره هذه الكلمات : "أنا اسمي خان .. ولست إرهابياً "، فهذه هى العبارة التى جاءت علي لسان الممثل الهندي الشهير(شاروخان) بطل الفيلم العالمي"MY NAME IS KHAN" الفيلم يناقش قضايا الإرهاب والإسلام والإعاقة والتفرقة العنصرية ، ومعانى إنسانية متعددة أخرى مصهورة جميعها فى بوتقة فيلم أمريكي بنكهة هندية ، ليعيد تقديم الاسلام الى الغرب ــ بل وحتى إلى العرب ــ بعد أن صارت تهمة الارهاب ملصق حصرى لكل ما هو إسلامى !

تذكرت هذا الفيلم وأنا أتابع أخبار الطبيب البريطانى المسلم (عباس خان) ، الذى كان محتجزاً فى أحد سجون نظام الأسد ، و الذى أعلن النظام فى روايته مؤخراً أنه قد مات منتحراً فى السجن ، وهى رواية بقدر ما تحمل من الكذب فإنها تحمل من الكثير من الكوميديا السوداء !، فالتهمة هى "علاج مدنيين على وشك الموت " ، وهى تصنف ــ بحسب قوانين نظام الأسد المعمول بها حالياً ــ على أنها عمل من أعمال الإرهاب !

(عباس خان) .. قصة تبحث عن فيلم !

(عباس خان) .. جراح عظام بريطانى ، قد سافر الى سوريا فى نوفمبر 2012 مع منظمة خيرية لايصال معونات للاجئين سوريين في تركيا، لكنه عَبرَ الحدود إلى داخل سوريا ، وقد ألقت ميليشيات النظام السورى القبض عليه بعد يومين فقط أثناء علاجه لعدد من المصابين من المدنيين في مدينة حلب ، وقد اُحتجز لعدة أشهر فى معتقلات النظام ، و تلقت أسرته رسالة يخبرهم فيها انه سوف يُطلق سراحه قريبا .. وأنه يأمل فى العودة الى بلاده قبل حلول أعياد الميلاد ، لكن تحوّل أمله إلى سراب .. بعدما إنتهت حياته بهذا الشكل التراجيدي ، و أصبح موته مأساة ، وصفها (ديفيد كاميرون) فى رسالة الى والدة الطبيب بأنها "مأساة مقززة" ! ، لكن أين كانت الحكومة البريطانية من الافراج عن (خان) قبل أن يُقتل ،و ماذا فعلت قبل أن تصبح وفاته "مأساة مقززة" ؟!

لم نسمع عن أى دور للحكومة البريطانية أو أى محاولة للافراج عن الرجل ، وحتى بعد وفاته لم يظهر الغضب المعهود عن حكومات دول الغرب إذا ما قُتِلَ أو جُرِحَ أى مواطن لديهم ، بإستثناء ما قاله (هيو روبرتسون) وزير شؤون الشرق الاوسط بالخارجية البريطانية ، الذى صرح بأن الحكومة طالبت بالحصول على تفسير لملابسات وفاة خان التي وصفها بأنها "مثيرة للشك للغاية"! ، وفى الواقع أن (روبرتسون) لم يأت بجديد فى كلامه ، فيكفى لأى شخص أن يستمع الى كلمات (فيصل مقداد) نائب وزير الخارجية السوري وهو يعلن عما توصل إليه تقرير الطب الشرعي فى سوريا الذى يفيد بأن"خان" انتحر في السجن شنقا مستخدماً ملابس النوم .

تصريح مقداد يثير عدة أسئلة ، منها: ماذا كان سيرتدى الطبيب المنتحر عند نومه إذا فشل فى محاولته للانتحار ؟! ، هل كان النظام سيبدله بملابس نوم أخرى .. أم سيسهل له مهمة الانتحار بوسيلة أخرى غير ملابس النوم ؟! .. لم يجب (فيصل مقداد) عن ذلك ، ولعل هذا ما يبرر وصف أسرة (خان) لتصريحات النظام السورى حول ملابسات الوفاة بانها "كاذبة ، وضرب من ضروب الخيال" ، إذ كيف يُقدم طبيب على وشك الافراج عنه بعد أيام قليلة الى الانتحار وقتل نفسه ؟! ، لماذا إنتظر كل هذه الأشهر الماضية من الاعتقال دون أن يفكر فى الانتحار .. وإذا بنا نجده ينتحر فجأة دون مقدمات بالرغم من إنتظاره للافراج عنه بعد أيام ؟!

لكن بعيداً عن ذلك ، فإن البعض يرى أن مقتل خان هو وضعٌ للزيت على النار ، فالافراج عن خان كان سيتم بعفو رئاسى ، فى محاولة لتقارب الأسد من بريطانيا من خلال إظهار حسن النية، لعلها تسير فى ركب الدول التى تريد إيجاد حل دبلوماسى للازمة السورية و الذى من شأنه ان يبقى على الأسد فى الرئاسة ، لكن ربما هناك من بين قادة الأسد من لا يرغب فى حدوث ذلك ، ويرى أن إرسال رأس مواطن بريطانى الى بلاده سيكون له دور فى إيقاف سيل المقاتلين الوافدين من دول اوربا سواء للقتال او المساعدة ، وهذا يتوافق نسبياً مع هوى بعض صناع القرار هناك ، خاصة بريطانيا التى جردت بعض المواطنين من جنسيتهم لأنهم يقاتلون فى سوريا !

كلاهما .. صاحب قضية

شاهدت لقطات من مراسم جنازة الطبيب (خان) التى تمت فى مسجد المركز الثقافى الاسلامى بمدينة لندن ، بعدها تذكرت (رضوان خان) .. الشاب الهندي المسلم الذى يتسم بالذكاء الشديد رغم انه يعاني من مرض التوحد ، يسرد الفيلم بعض مواقف طفولته البسيطة والمؤثرة ، تتوالى الاحداث الى يسافر الى الولايات المتحدة ليعيش مع اخيه هناك ،وبعد فترة تقع أحداث 11 سبتمبر فتنقلب الدنيا رأساً على عقب ، ويبدأ المجتمع الأمريكي ينظر الي المسلمين هناك علي أنهم إرهابيين وقتلة ، تأتى نقطة التحول التراجيدية في الفيلم مع مقتل سمير ابن مانديرا (وهى هندية مطلقة أحبها خان وتزوجها بعدما تعرّف عليها) علي أيدي مجموعة من أقرانه الأمريكيين البيض ، كانت الجريمة مأساة تهز الوجدان وتبعث الحزن فى النفوس ، إختزلت الأم أحزانها في توجيه الاتهام لزوجها المسلم (رضوان خان) ،معتبرةً أنه هو السبب فى مقتل ابنها ..لأنه مسلم !

طلبت منه عدم العودة إلا بعد أن يخبر الجميع بأن اسمه خان وأنه ليس إرهابياً .. فليذهب لكل فرد أو حتى الى رئيس الولايات المتحدة ، أخذ (خان) الموضوع موضع الجد ،وبدأ رحلة طويلة مقابلة الرئيس الأمريكي عبر سلسلة من المواقف الصعبة والعنصرية التي تعرض لها ، لكنه استطاع فى النهاية - وهذه هي رسالة الفيلم - رغم اعاقته أن يصنع المستحيل لا لشيء إلا لفهمه العميق والصحيح لمعاني الإسلام ، لينتهى الفيلم بمقابلته مع باراك أوباما ليقول له "اسمي خان ولست إرهابيا".

كلاهما .. صاحب قضية ، وإن كان (رضوان خان) قد أسفعته الدراما والحبكة السينمائية فإستطاع أن ينجو بحياته من الاعتقال وربما الموت .. وأن يحقق هدفه و ينتصر لقضيته فى النهاية ، فإن (عباس خان) لم يسعفه الحظ .. خاصة وأنه كان فى مواجهة زبانية نظام لا يعرف الرحمة ، تهمته كانت مساعدة مدنيين وإنقاذ أرواحهم ، وهى ضربٌ من ضروب الارهاب بحسب مفاهيم النظام الأسدى .. حيث إنبرى إعلام النظام فى الحديث عن أن الطبيب البريطانى كان يشارك فى "أنشطة إرهابية" ، وفى معتقلات الأسد تبدد أمل (خان) فى الافراج عنه عندما صعدت روحه الى خالقها لتنتهى قصته ، دون أن ينجح فى الانتصار لقضيته ويخبر العالم بانه مجرد طبيب حاول إسعاف الابرياء .. وأن اسمه خان .. وأنه ليس إرهابياً!

التعليقات (7)

    shrief

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    الفيلم رائع .. سواء : القصة او التمثيل او الاخراج.. وأيضا التصوير و بالمناسبة ممكن قصة الطبيب الانجليزى هذا .. تصير فيلم مستقبلا .. اتوقع ذلك

    mahmoud elkomy

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    هذا الفيلم من اكثر الافلام الهادفة واعجبنى بلورته بهذا الشكل فى هذا المقال

    ايهاب مصطفى

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    الارهاب صناعه مخابراتيه صهيونيه عندما عجزوا على محاربه الاسلام فسعوا لتشويه معانى الاسلام الصحيحه بهذه الكذبه مقال مستوفى لما هو ظاهر للواقع ودحر الاكاذيب

    M. T.

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    تعجبنى كتاباتك يا أحمد .. بالتوفيق دائما

    محمد رمضان

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    دراما عجز اهل دار الاسلام عن الخروج بمثلها والدفاع عن براءه الاسلام من الارهاب عمل رائع وشكرا لنشر القضية(عن قصة الفيلم اتحدث). وكان الله فى عون اخوتنا فى سوريا ونحسب هذا الطبيب من الشهداء ان شاء الله

    Priyanka

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    Really nice movie.

    سعد حورية

    ·منذ 10 سنوات شهرين
    انا كوني معاق قصر بالاطراف العلوية لقد اعجبت بالفيلم لشروخان انا اسمي خان ولست ارهابيا وقد اعطاني دافعا للدفاع عن المعوقين بكافة اعاقاتهم ومن الاروع ما شاهدت ولقد بكيت وضحكت كثيرا
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات