"إكونومست" البريطانية وتحت عنون "الحرب والسلام في سوريا، من هم الأخيار؟" تحدثت عن تصاعد قوة الجهاديين وتفاقم الصراع الطائفي في سوريا وهو ما يضع الداعمين الغربيين للمعارضة في مأزق، فماذا تفعل عندما يفقد الطرف الذي تدعمه التأثير؟ هذا هو السؤال الذي يواجه الداعمين الغربيين للائتلاف الوطني السوري، المظلة التي تدّعي أنها تمثل المعارضة السياسية الرئيسية، وجناحه المسلح المكون من جماعاتٍ ضعيفة الارتباط والولاء له، والمعروفة باسم الجيش السوري الحر. ومع استمرار خسائر هذه الجماعات المعتدلة نسبياً أمام الفصائل الأخرى لا سيما تلك الجهادية تقع الحكومات الأوروبية والإدارة الأمريكية في مأزق عميق.
مع تصاعد قوة الجهاديين بدأ المسؤولون الغربيون بهدوء في الدعوة إلى إعادة الارتباط مع بشار الأسد، في حين يرى آخرون أن السبيل الوحيد هو العمل مع الإسلاميين الملتزمين الذين يرفضون التطرف رغم رفضهم الانتماء للتحالف المدعوم من قبل الغرب وحتى الآن، لا تزال الحكومات الغربية في حيرة من أمرها حول دعم الفصائل العسكرية على الأرض.
السبب المباشر لهذه الحيرة هو نمو الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، مثل جبهة النصرة التي تتوسع ويتزايد تأثيرها بشكل مطرد ودولة الإسلام في العراق الإسلامية والشام (سوريا الكبرى) وهي الأكثر قسوةً بين هذه الجماعات، وتنتشر في جميع أنحاء شمال وشرق سوريا. وهذا ما تسبب أيضاً في تخوف العواصم الغربية وبين السوريين الذين يهمسون أن المتطرفين قد يكونوا أسوأ من النظام الذي استخدم الطائرات المقاتلة والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية ضد المدنيين والذي نفخ فيه الروح كل من روسيا وإيران بإصرار.
ويبقى تنظيم واحد لا يتبع للقاعدة مكون من سبع جماعات إسلامية يسمى الجبهة الإسلامية، ويشمل "أحرار الشام" وهي جماعة سلفية كبيرة، و"جيش الإسلام" وهو عدة مجموعات تتمركز حول العاصمة دمشق. كما نأت الجبهة بنفسها عن الجناح العسكري للائتلاف برئاسة سليم إدريس وعن دولة الإسلام في العراق الإسلامية والشام.
ولكن صناع السياسة الغربية غير متأكدين من كيفية التواصل مع هذه الجبهة. كما وصفها أعضاء التحالف بأنها متحفظة جداً وغير ديمقراطية رغم محاولتهم تعزيز الروابط معها. كان الدبلوماسيون الأميركيون على اتصال معها، ولكن الغرب عموما حذر من التقارب الشديد معها لأن مقاتليها متهمين بهجمات طائفية وحشية على المدنيين العلويين في المنطقة الساحلية في سوريا، موطن طائفة آل الأسد.
أظهر الغرب قلقه في 11 كانون الأول عندما أكد مسؤولون أميركيون وبريطانيون أن المساعدات غير القاتلة للثوار في سوريا في الشمال تم تجميدها بعد أن سيطرت الجبهة الإسلامية على عدة قواعد للثوار ومستودعات تابعة لقوات الائتلاف بالقرب من الحدود التركية. وقبل أيام تم اختطاف المحامية العلمانية رزان زيتونة التي كانت اسماً بارزاً في الاحتجاجات السلمية ضد النظام منذ عامين وتشير أصابع الاتهام إلى مجموعة داخل الجبهة.
تبدو الحكومات الغربية الآن أكثر انشغالاً بالتهديد الجهادي من إسقاط الأسد ونظامه. ومن هنا جاءت فكرة بثها مؤخراً الدبلوماسي الأمريكي المخضرم ريان كروكر، بأن الاحتمال الأقل سوءاً الآن سوف يكون إجراء المحادثات مع الأسد الذي قام الغرب بالفعل بالتعاون معه على إزالة الأسلحة الكيميائية.
ليس من الواضح حتى الآن من سوف يمثل المعارضة السورية في جنيف، حيث يقترح الروس جماعات من خارج الائتلاف، في حين أنهم والأمريكان سيجلسون على الطاولة، فإنه من غير الواضح ما إذا كانت إيران والمملكة العربية السعودية التي مولت الجبهة الإسلامية ستشاركان أيضاً، ومن دون مشاركتهما سيكون من الصعب عقد صفقة فعالة.
التعليقات (3)