محاربة الإرهاب وتنحية الأسد سياق واحد

محاربة الإرهاب وتنحية الأسد سياق واحد
ثمة تناقض فاضح ومكشوف تنطوي عليه حركة الدبلوماسية الدولية تجاه سورية، لم يعد الأمر قابلاً للإخفاء، ولم تعد تنفع كل تكتيكات المناورة التي تتبعها بعض الأطراف ذات العلاقة بالشأن السوري، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي صار واضحاً أنها تمارس سياسة اصطياد الفرص في مياه الشرق الأوسط العكرة، وقد باتت مكشوفة طبيعة اللعبة التي تمارسها واشنطن تجاه بعض الأطراف حيث تعرض عليهم فرصة ممارسة أدوار معينة مقابل ابتزاز تلك الأطراف وإلهائها عن الأهداف الحقيقية لواشنطن في المنطقة والعالم.

في ظل هذه المناخات ثمة مخاطر باتت تحيق بالقضية السورية، وباتت ملامحها واضحة ولم يعد بالإمكان إخفاؤها أو السكوت عنها، حيث تقضي السياسة الأمريكية بهذا الخصوص تطبيع العلاقات مع إيران والسيطرة على نفطها بعد أن أنهكتها العقوبات الاقتصادية وحولتها إلى طرف سهل يمكن تشفيته في المفاوضات عبر إغرائها بفتح قنوات وشرفات يظهر خلالها الأمريكيين بأنهم يؤيدون سياساتها الإقليمية، أو أقله لا يعارضونها، وخاصة عبر سعيها إلى تشكيل هلال شيعي من طهران إلى سورية ولبنان، بالتزامن مع نزوع السياسة الإيرانية إلى النهج المذهبي.

وفي ظل هذه المناخات، أيضاً، ثمة جهود ديبلوماسة وسياسية مكثفة تحظى بتغطية إعلامية منسقة، يجريها مشغلوا نظام بشار الأسد الخارجيين، روسيا وطهران، تهدف إلى حرف الأزمة السورية عن عناصرها الأساسية بوصفها مشكلة شعب أو أجزاء كبيرة منه مع نظام عائلة استبدادية متسلطة، إلى مشكلة محاربة ما يسمى بالإرهاب ضد بعض المجموعات المتطرفة التي نشأ اغلبها من خلال مختبرات النظام والدول المشغلة له وإما كانت نتيجة استدعاء لها كإفراز طبيعي للحرب الطائفية التي يشنها الحلف المذكور على مكون سوري بعينه بقصد تدميره وإخضاعه وإجهاض كل ممكنات الثورة بداخله.

ومن موسكو إلى طهران وبغداد يبدو الحديث عن محاربة الإرهاب مزدهراً حتى أنه بات يجري الحديث عن تشكيل آليات إنجاز هذه المهمة كأولوية سورية بل وإقليمية وعالمية، وبالتالي فرض نتائج مسبقة على مؤتمر جنيف2 المنوي عقده في بداية العام القادم، على أساس تشكيل حكومة موسعة بقيادة بشار الأسد على أن يجري ضم الثوار في أطر جيش موحد من أجل محاربة الإرهاب!.

بالطبع ما يشجع على مثل هذه الأطروحات اعتقاد روسيا وإيران أن المناخ العالمي صار مهيأ للقبول بأي حل للأزمة السورية وانه يتجه إلى توكيلهما هذا الملف بالكامل وما عليهما سوى إخراج الحل المناسب وبالتالي فإن الأمر لا يتطلب أكثر من تقديم رواية متماسكة عن خطر الإرهاب وأولوية محاربته في هذه الظروف وجعل قضية تنحي الأسد تبدو غير منطقية وواقعية في مثل هذه الظروف، ألا تستدعي الواقعية مثل هذا النمط من التفكير وخاصة وانه يجري تقديم السياسات الانتهازية واللا إنسانية على اعتبارها سياسيات واقعية ؟

لكن ما دام مناخ الواقعية والتعقل هو السائد ألا يستدعي ذلك وقوف العالم على وقائع الحدث السوري وتفاصيله كما هي وليس عبر منهجية انتقاء بعض التفاصيل من سياقها العام وتقديمها على أنها الحدث الحقيقي؟، وعليه فحين الحديث على الإرهاب لا بد من التأكيد على أن الإرهاب الحقيقي هو ما يمثله ويمارسه بشار وحلفاءه على جسد الشعب السوري، ولا يحتاج الأمر للبحث عن شواهد وأدلة لإثبات هذه الحقيقة الفاضحة، إذ تكفي قائمة القتلى التي تكاد تلامس الربع مليون مواطن سوري، ومثلهم معوقين، وحوالي المليون جريح، وعشرات ألاف المخفيين، ومئات المقابر الجماعية المخفية، زد على ذلك ثلاثة ملايين لاجئ خارج سورية، وعشرة ملايين نازح داخل سورية نفسها، وتدمير حواضر ومدن بكاملها انطلاقا من كونها تخص المكون الاكثري في البلاد.

عند الحديث عن الإرهاب أيضاً يتوجب التذكير بأن فصائل المرتزقة الإرهابية التي تعمل بشكل منظم ودائم هي الكتائب التي تقاتل بجانب النظام، وهي تمارس كل أنواع الجرائم التي تحظرها قوانين الحرب وذلك لان نظام بشار الأسد منحها الصلاحية الكاملة وحرية التصرف مقابل إنقاذ نظامه. وتسجل مصادر محايدة أعداد هؤلاء المرتزقة بأكثر من مئة وخمسين ألف تم جلبهم من إيران والعراق ولبنان واليمن وباكستان، يضاف إلى هؤلاء استقدام ألاف المجرمين المحترفين من روسيا وكوريا وبعض جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابقة، حيث يحصلون على مقابل مادي كبير يتم اقتطاعه من حق السوريين المحرومين والذين وصل عدد الذين هم بحاجة إلى مساعدات فورية حوالي تسعة ملايين، فيما وصل عدد الذين يتهددهم خطر الجوع عتبة الثلاثة مليون شحص.

محاربة الإرهاب وتنحية الأسد صنوان لا ينفصلان، المفروض تركيز الاهتمام في هذا السياق على محور الإرهاب وصانعه ومفتعله في سورية، وهو بشار الأسد، ذلك أن محاربة الإرهاب إن تمت ببقائه فستكون أشبه بعملية محاربة طواحين الهواء.

التعليقات (2)

    Faris Alhamawi

    ·منذ 10 سنوات 4 أشهر
    I absolutely agree with the auther. he targeted

    سوري آه يا بختي

    ·منذ 10 سنوات 4 أشهر
    التعليق خالف قواعد النشر
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات