وبحسب تقديرات الخبراء فإن الحرب إذا انتهت ووضعت أوزارها فإن عملية إعادة إعمار سورية تحتاج (160) بليون دولار، ومدة زمنية لا تقل عن عشر سنوات، للعودة بسوريا إلى عام 2010.
والسؤال المحرق والموجع في آن هو هل ثورة سلمية عارمة خرج لها الشعب بالملايين للمطالبة بانهاء الاستبداد والفساد والإفساد في المجتمع والدولة في سوريا هل ضريبتها كل هذا الدمار المذهل الذي قد تعجز عنه الزلازل والبراكين وربما تسونامي ؟! لقد طالت الخسائر كل شيء الأرواح والبنى التحتية وتم تهجير الملايين داخل سوريا والى دول الجوار والغرب الأوروبي، وهذا كله شكل ويشكل وسيشكل انعكاسات اجتماعية واقتصادية ونفسية سلبية للغاية على الشعب السوري، ناهيك عن العبئ الاقتصادي الذي ينجم عن الهجرة إلى دول الجوار على هذه الدول التي تعجز عن إيواء النازحين السوريين وتقديم الدعم المتكامل لهم، لكبر عددهم وضعف طاقة تلك الدول على القيام بالمهمات الإنسانية المطلوبة.
لقد تورط العديد من الدول الفاعلة دولياً في هذه الأزمة التي لم تكُ تحتاج إلى كل هذا التدمير الممنهج بتغطية دولية وتنفيذ محلي سلطوي قمعي شرس، الا يعني ذلك سقوط مقولة النضال السلمي لإسقاط الأنظمة على الطريقة الغاندية في الهند؟، بعد أن تم مواجهة الحراك السلمي بالبندقية والصاروخ والدبابة والمدفع والسكود والكيماوي، وصمت العالم، وبعد أن تم تغذية النظام ماليا وعسكريا بكل الدعم الذي يحتاجه لقمع الثورة، وتم تغطيته دبلوماسيا –بالإضافة إلى الدعم العسكري- عبر حق الفيتو الذي مارسته روسيا دون رحمة أو خجل أو حياء، في سلوك تاريخي هو أقرب إلى ما يمكن أن نسميه "التلوث الأخلاقي" الذي مارسته روسيا ضد الشعب السوري.
إن إدامة الأزمة السورية على أثر الدعم الذي حصل ويحصل عليه النظام من حلفائه الإقليميين والدوليين، من شأنه أن يساهم في تدمير بنية الإنسان السوري وخلق الأحقاد والخصومات التاريخية بين أفراد الشعب الواحد، وبين طوائف إسلامية متعايشة عبر مئات السنين، ألا تستدعي هذه الحرب المجنونة ضد حرية الإنسان السوري، ألا تستدعي إحضار الجوانب السلبية في التاريخ العربي الإسلامي إلى اللحظة الراهنة وممارسة العنف والاقتتال باسمها؟.
لا يمكن لنا تفسير كل ما جرى إلا بحقيقة باتت ساطعة وواضحة وهي أنَ ما تم هو نتيجة طبيعية إلى ارتهان سيادة الدولة الوطنية (التي كانت الأنظمة الدكتاتورية تتشدق بها على مواطنيها) إلى البعد الدولي الخارجي وبخاصة أمريكا وروسيا، كما أن تدمير سوريا، فقط لكي لا تتحقق مطالب الشعب بالحرية والكرامة، هو إرضاء للقوى المعادية للعرب، ولهذين السببين الرئيسيين لم يتم إيقاف نزيف الدم والدمار السوريين، وتم استدامة الأزمة، وكان قبول النظام تدمير أسلحته الكيميائية، والسكوت عن ضربات إسرائيل لمواقعه العسكرية الهامة -حتى بالتصاريح- مؤخرا، دليلا كافيا ووافيا لصحة التحليل الذي نذهب إليه وهو ارتهان قرار النظام السوري للقوى الدولية، رغم محاولات عقد مؤتمر جنيف 2 الذي يكتنفه الغموض والالتباس ، والذي تدعو إليه نفس الجهات المساهمة في تدمير سوريا إنسانا وشعبا وبنية تحتية وحضارة.
التعليقات (2)