المجتمع الدولي استطاع نزع الكيماوي ولم ينقذ سوري واحد محاصر!

المجتمع الدولي استطاع نزع الكيماوي ولم ينقذ سوري واحد محاصر!
استطاع المجتمع الدولي الوصول إلى "غرفة نوم" ديكتاتور دمشق لتخليصه من السلاح الكيماوي, لكنه لم يستطع حتى الآن إدخال رغيف خبز إلى طفلة من الغوطة الشرقية أو حبة دواء إلى طفل من المعضمية أو كأس ماء إلى حمص.

هي واحدة من أبشع الأسلحة المستخدمة في الحرب في سوريا, والأطفال هم الأكثر عرضة للأذى والتضرر منها هي سياسة الحكومة السورية في تجويع شعبها. فالقوات الحكومية تحاصر المناطق الموالية للمعارضة مثل المعضمية، ويقوم الجنود السوريين بمنع إيصال جميع المواد الغذائية والأدوية, وتملأ الجدران كتابات تدعو الناس إلى الركوع للأسد أو الجوع.

* قاتل الرضّع والأطفال

رنا الطفلة التي ولدت قبل أوانها توفيت في سبتمبر/أيلول بعد 18 شهر بسبب نفاد الأملاح التي كانت تبقيها على قيد الحياة.

قال زكريا ناشط من المعضمية: "أن ما يحدث هنا لا يمكن تصوره وكأننا لسنا في القرن 21 حيث نرى الأطفال الصغار يموتون من سوء التغذية ونقص الغذاء في حين يعلم الجميع أن الغذاء على بعد خمس دقائق فقط خلف نقاط تفتيش الأسد ولكنهم يستخدمون الجوع كسلاح قديمٍ قدم الحرب نفسها لسبب بسيط أنه فعال جداً".

ليندا شاكر بربري اختصاصية تغذية تعمل مع جمعية خيرية مسيحية تحت مظلة الأمم المتحدة تعالج أكثر من 80 حالة من حالات سوء التغذية في المخيمات، لكنها تعتقد أن هناك أكثر بكثير وقالت في وصف هؤلاء الأطفال "وجوههم هادئة ولا تحوي دلائل على الحياة حتى أنهم لا يبكون".

* رسالة ونداء

رزان زيتون محامية حقوق الإنسان والتي قدم لها المجتمع الدولي جائزة "ساخاروف" لحرية الفكر، لم تستطع حضور حفل التكريم لأنها ترفض الخروج من مناطق الحصار في دمشق إلا أنها وجهت رسالة ونداء في كلمة ألقاها نائب رئيس البرلمان الأوروبي في حفل توزيع جائزة "ساخاروف" بعنوان رسالة إلى المجتمع الدولي وتضمنت:

" السيدات والسادة الحضور..

فكرت ببدء رسالتي هذه بآخر إحصائيات الضحايا والمعتقلين والمفقودين في بلدي سويا. لكنني وجدت الأمر عبثياً.. فعداد الموت لا يزال يتقدم باضطراد ويقوم مركزنا -مركز توثيق الانتهاكات في سوريا- بإصدار تقاريره ونشراته الدورية التي يمكن أن تضعكم بآخر إحصاءات الموت والاعتقال وغيرها من أوجه المعاناة اليومية للسوريين.

بدلا من ذلك، سأحكي لكم حكاية صغيرة، حصلت منذ أيام مع سيدة من الغوطة الشرقية حيث أقيم حالياً. الغوطة كمناطق أخرى كثيرة في دمشق وريفها، محاصرة منذ أشهر طويلة من قبل قوات النظام. لا اتصالات ولا كهرباء. لا دخول ولا خروج لرغيف خبز أو حبة دواء أو حتى للأشخاص أنفسهم.. قلة قليلة جداً من النساء وكبار السن يتمكنون من عبور حاجز النظام إلى الجانب الآخر من الحياة. السيدة إياها كانت من المحظوظين الذين تمكنوا من المغادرة لبضعة ساعات وشراء ربطة خبز لأبنائها.. وعند عودتها إلى الغوطة وعلى حاجز النظام، طلب منها ومن جميع ركاب الميكرو، أن يضعوا ربطات الخبز التي بحوزتهم في صف عمودي.. واشترط عناصر الحاجز على من يرغب باستعادة ربطة الخبز، أن يقوم بالعواء كالكلاب.. السيدة تركت أرغفة الخبز التي ينتظرها أطفالها، هناك على الرصيف.. هي الحكاية الأبدية مع أنظمة الاستبداد, الخبز أو الحرية.. الخبز أو الكرامة، الحياة أو الحرية.. تلك السيدة غير متعلمة، وربما لم تسمع يوماً بمواثيق حقوق الانسان وترهات العدالة الدولية ومؤسساتها.. لم تنتسب يوماً إلى حزب أو تيار، لكنها كانت تعبر بكلماتها البسيطة الغاضبة عن بداهة الكرامة الانسانية، وهي مؤمنة أنهم لم يتمكنوا من إذلالها، لكنها أيضاً غاضبة من نفسها لأن كرامتها حالت دون إطعام أطفالها.. يكفي أن أتذكر تلك الحكاية، حتى أجدد إيماني بثورتنا ضد هذا النظام المتوحش.. وأيضاً، حتى أجدد فقدان إيماني، بهذا العالم وعدالته المدفونة تحت طبقات سميكة من المصالح والنفاق..

لذلك، أرغب بشدة، بأن أنقل رسالة منكم جميعا إلى تلك السيدة، أخبرها فيها أنكم تؤمنون بحقها برغيف الخبز لأطفالها دون امتهان كرامتها، ومن حقها ألا تفقد أحد أطفالها في قصف عشوائي من حمولة ميغ تزور سماءنا بشكل يومي، أو بقصف مدفعي من الجبل الذي يطل على غوطتنا، أو بهجمة كيماوي غادرة.. وأنكم تؤمنون بحقها في الأمان والعدالة والحرية، وتهتمون لأمرها كإنسانة بغض النظر إن كانت من الأقليات أو الأكثريات!.

أرغب بأن أخبرها نقلا عنكم، أنكم تعلمون فعلاً ماذا يعني أن تفقد نصف أفراد عائلتك شهداء أو معتقلين أو مفقودين، ويكون النصف الآخر منهم مهدداً بالمصير نفسه في أية لحظة.. وأنكم تحسون تماماً بما يعنيه أن يعيش مئات الآلاف من البشر في القرن الواحد والعشرين، من دون كهرباء، ولا هاتف، ولا مياه نظيفة، ولا رغيف خبز ولا دواء مناسب..

أرغب أن أخبرها بأنه لا يزال في العالم بقية من رحمة، وأن هناك من لا يزال يعتبر أية معاناة إنسانية في أي مكان من هذا العالم، مسؤوليته الخاصة..

لذلك اسمحوا لي من هذا المنبر أن أعلن عن تشكيل رابطة الحاصلين على جائزة "ساخاروف" لمساندة الشعب السوري وتخفيف معاناته..

لنقول جميعاً لتلك السيدة وسواها، أننا كنشطاء لسنا ديكوراً للمجتمع الدولي المتخاذل.. وأن باستطاعتنا أن نفعل الكثير على الأصعدة كافة، الاعلامية والسياسية والاغاثية، لنوازن قليلاً من عجز السياسات الرسمية عن الحد من معاناة وآلام شعب كامل.. أتمنى أن تصلكم رسالتي، وأن يصلني ردكم وتجاوبكم.. إن لم يكن أنتم نخبة المجتمع المدني ومثقفيه، فمن غيركم ينتصر لحق الانسان بالحرية والكرامة؟!".

التعليقات (2)

    مروان

    ·منذ 10 سنوات 5 أشهر
    حياكي الله

    سامر الحديدي

    ·منذ 10 سنوات 5 أشهر
    الله لا يوفقهم وانشالله منخلص من هالمجرمين عن قريب اولهم بوتين
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات