مراسلون بلا حدود: سوريا البلد الأكثر خطورة على الصحفيين

مراسلون بلا حدود: سوريا البلد الأكثر  خطورة على الصحفيين
هو بروميثيوس الثائر على الأسطورة الإغريقية والذي خطف المعرفة من الآلهة وقدمها لبني البشر فأكلت كبده الطيور، وهو الذي أضاء الحقيقة الحبيسة في ويلات الحروب فاعتقله الظلاميون، وهو الذي وهب الحياة للخبر فقتله الحدث.. هو الصحفي في سوريا.

الصحافة هي المهنة التي تقوم على جمع الأخبار والتحقق من مصداقيتها وتقديمها، بساطة التعريف تختزل كثير من الصعوبات والتهديدات التي تواجه الصحفي خلال أدائه لرسالته وتشير إلى مراحل هذا العمل الذي أصبح أخطر مهنة في سوريا اليوم.

أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود الدولية التي تتخذ باريس مقراً لها تقريرها الخاص عن العمل الصحفي ومخاطره في سوريا وفي أكثر من ثلاثين صفحة تناولت الإعلام السوري بمختلف جوانبه والخطر المتزايد الذي بات ينطوي عليه عمل الصحفيين في هذا البلد، فضلاً عن تصاعد وتيرة التهديدات التي يتعرضون لها في الميدان وارتفاع درجة المخاطر والصعوبات التي تعترض سبيل الفاعلين الإعلاميين، السوريين منهم والأجانب، على مدى الأشهر الاثنين والثلاثين التي تلت اندلاع هذا الصراع.

كما ذكر التقرير العديد من الحالات التي شكلت نماذجاً لتضحية العاملين في المجال الإعلامي بكل شيء من أجل إيصال الحقيقة إلى الجميع ومنهم طاقم تلفزيون الأورينت عبيدة بطل ومهندس الصوت حسام نظام الدين والفني عبود عتيق الذين تم اختطافهم في تل رفعت (40 كلم شمال حلب) في 25 تموز 2013 على أيدي الظلاميين في هجوم على مكتب تلفزيون أورينت. كما تم الاستيلاء على أجهزة كمبيوتر ومعدات الفيديو وشاحنة البث التلفزيوني خلال الغارة. وقال أهالي المختطفين الثلاثة لتلفزيون أورينت أنهم لم يتلقوا أي كلمة منهم منذ اختطافهم حتى اللحظة في بيان نشر على موقع تلفزيون المشرق (الأورينت) الإلكتروني.

والفنان التشكيلي علي فرزات الذي تعرض للاعتداء من قبل شبيحة الأسد رداً على فنه واعتقال الصحفي الحقوقي مازن درويش وأعضاء المركز السوري للإعلام وحرية التعبير من قبل المخابرات الجوية مخلب النظام السوري مفترس الحقيقة ومايزال بعضهم معتقل حتى اللحظة، ورامي رزوق مراسل إذاعة "أنا" السورية، الذي اختطفه المتطرفين شمال سوريا ولا أخبار عنه.

وتناول التقرير أيضاٌ مقتطفات من شهادات إعلاميين منشقين عن النظام توضح سيطرة الأجهزة الأمنية على الإعلام الحكومي وشبه الخاص ومنهم أحمد فاخوري ولينا الشواف.

ويُوضح التقرير أيضاً أن الإعلام يُعتبر بدوره من أبرز ضحايا هذا النزاع الذي خلف خسائر بشرية مهولة. "فإذا كانت وسائل الإعلام الحكومية بمثابة الجناح غير المسلح للنظام في حربه الدعائية والتضليلية، فإن المؤسسات الإعلامية التي رأت النور بُعيد اندلاع الثورة في سوريا سرعان ما تحولت في كثير من الأحيان إلى دمى تحركها أيادي خفية. ومع ذلك تبقى الإرادة لإضفاء طابع المهنية على هذا القطاع موجودة وهو ما من شأنه أن يبعث روحاً جديدة في بعض هذه المنابر الإعلامية الحديثة العهد".

كان النظام السوري في بدايات الثورة وحده من يستهدف الإعلاميين انتقاماً منهم على تغطية الاحتجاجات ونقل مظاهر قمعها ومحاولة منه لاسكات صوت الحق وإخفاء الحقائق. أما الآن فقد بات الصحفيون السوريون والأجانب على حدٍ سواء يقعون قيد الاحتجاز على أيدي عناصر جيش بشار الأسد وبعض جماعات المعارضة في المناطق المحررة شمال البلاد، كما أضحوا يرزحون تحت وطأة الرقابة التي تحاول فرضها القوات التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الهيئة السياسية الأكثر نفوذاً في صفوف الأكراد في البلاد. فبعدما كان بشار الأسد هو “صياد حرية الصحافة” الوحيد في سوريا عام 2011، ظهرت الآن جبهة النصرة على لائحة الصيادين التي نشرتها مراسلون بلا حدود في مايو 2013، علماً أن بعض الجماعات الجهادية الأخرى مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تستحق أن تلتحق اليوم بصفوف هذا النادي الذي يضم أشد أعداء حرية الإعلام.

وفي إحصائيات قدمها التقرير يتصدر النظام السوري بجميع أجهزته الأمنية كمفترس للحقيقة وصياد حرية الإعلام قائمة الانتهاكات ضد العاملين في مجال الإعلام حيث شكلت ممارسات النظام أكثر من ثمانين في المئة من هذه الاعتداءات التي شملت الاستهداف العمد والاعتقال إلا أن الخطر في المناطق المحررة من سوريا تجاه الإعلاميين يظهر بشكل واضح وينحو إلى التصاعد مع تزايد حالات الاغتيال والخطف في هذه المناطق ما ينذر بنظرة تشاؤمية وخطر محدق بحرية التعبير، التي كانت أحد دوافع الثورة السورية وأعمدتها.

التعليقات (1)

    ابو على سلمى

    ·منذ 10 سنوات 5 أشهر
    الله يجيرنا من قنوات بديلة عن الدنيا والاخبارية
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات