لماذا كل هذا الاستعجال لمؤتمر جنيف 2؟

لماذا كل هذا الاستعجال لمؤتمر جنيف 2؟
مؤتمر جنيف 2 الذي تسعى العديد من الدول إلى انعقاده في تشرين الثاني "نوفمبر" المقبل، وبخاصة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية مع تشجيع إيران لحضوره ورغبتها أيضاً في ذلك، يأتي بصورة مستعجلة بعد طول فترة تنويم وتخدير وفشل للمساعي السلمية والسياسية، له أسبابه العديدة يمكننا أن نحددها في هذه المقالة.

فبعد الإتفاق على كشف وتدمير الأسلحة الكيماوية للنظام السوري بموجب القرار الأممي 2118، والتي جاءت ثمرة الإتفاق الأميركي الروسي، ودخول لجنة الكشف على هذا السلاح إلى الأراضي السورية وقيامها بمهماتها المنوطة بها، وتجاهل العمل على إستصدار قرار وقف إطلاق النار أو استصدار قرار ملزم حتى بإيصال المساعدات الإغاثية الإنسانية إلى المحاصرين في الغوطة وحمص، يشعر المجتمع الدولي متمثلاً بصورة خاصة بروسيا وأمريكا بحالة من الإحراج الإنساني المتواري تحت جنيف 2 والسعي إليه بشكل محموم، في ظل استمرار القتل اليومي بعد خسارة أكثر من 120 ألف قتيل وعشرات آلاف الجرحى والمفقودين وملايين المهجرين، وهي تدرك أنها لم تقم بأي بادرة أو حل جدي ينهي الأزمة الإنسانية والسياسية والعسكرية السورية، واختزلت الأزمة السورية بالسلاح الكيماوي، متجاهلة أيضاً التدخلات الإقليمية الواضحة في هذه الأزمة، لذا فهي عوضاً عن الضغط على النظام للقبول بصلاحيات حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات لم تجد غير الحلقة الضعيفة في المعادلة السورية وهي المعارضة فراحت تضغط عليها لإجبارها على الحضور ولو غير مقتنعة.

والنقطة الأهم في هذا الاستعجال هي أن روسيا وأمريكا تدركان حاجة لجنة الكشف عن السلاح الكيماوي في سورية لوقف إطلاق النار لممارسة مهامها، فلا تجد الدولتان غير مؤتمر جنيف حلاً لتمرير اتفاقهما بتدمير الأسلحة الكيماوية، وأعطيت مهلة لتاريخ أواخر حزيران 2014 موعد بدء انتخابات الرئاسة في سورية، لتكون الدولتان قد أنهتا مهلة التدمير لهذه الأسلحة ومهدت الطريق للإنتخابات الرئاسية القادمة في ظل عدم الاهتمام والمبالاة بمقتل العشرات كل يوم في سورية من مدنيين وعسكرين دون أن يرف للعالم جفن التعاطف مع الضحية الانسانية، أما ثالث النقاط فهو تثمير تطبيع العلاقات الإيرانية-الأمريكية بالجسد السوري أي بالضحية السورية لريثما تكتمل الصفقة الأمريكية-الإيرانية بصورة واضحة.

وكل ذلك كممهدات للانتقال بالأزمة السورية إلى نهايات تدميرية فتأتي النقطة الرابعة وهي إرضاء إسرائيل وبالتالي إيصال الحالة إلى المدى المأساوي الأقصوي، والأطراف الدولية تحاول جر المعارضة لجنيف 2 وهي متأكدة أن فرص النجاح قليلة فإن قبلت فستترك الأمور, ولن تحصل اتفاقات ملموسة بين طرفين متصارعين كل منهما لم يتنازل عن أهدافه، وإن حصل الإتفاق فسيكون مبتوراً وضعيفاً وهشاً، ولن يكتب له النجاح في ظل عدم وجود أي قرارات ملزمة للطرفين، وإن رفضت المعارضة المشاركة فإن المسؤولية ستلقى عليها، وهكذا لا نجد أي جدية للأطراف الدولية وكل هذا الاستعجال لأهداف ومقاصد وغايات لا تتعلق بمصلحة الشعب السوري ومعاناته الفظيعة لا من قريب ولا من بعيد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات