تناسي الضحية السورية.. قرار دولي بامتياز!

منذ الأيام الأولى للثورة السورية المباركة وقد رفع السوريون شعار "مالنا غيرك يا الله", بعد أن ضربت مظاهراتهم السلمية بالرصاص الحي، وكانوا يرفعون شعارات "سلمية، حرية، كرامة، واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد".

ووصمت ثورتهم باليتيمة أي بغياب دعم دولي أو إقليمي واضح منافح ومدافع عن تحركهم السلمي الديموقراطي الراقي، وذلك من أجل الانتصار وتحقيق مطلبهم بالحرية والعدالة وإنهاء الفساد والاستبداد الذين طالا لأكثر من أربعة عقود مظلمة بائسة.

أقول كان السوريون بحدسهم الثوري يشعرون بعدم اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي بهم واعتمدوا على قواهم الذاتية المباركة وعلى الله تعالى في السير ظافرين إلى الحقوق الإنسانية الكاملة في وطن حر سعيد.

وقد تحققت رؤيتهم الحدسية الثورية بتجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهم الشاملة بالقتل والاعتقال والتهجير والتدمير للمنازل والبنى التحتية وضربهم بالبندقية والمدفع والدبابة والطائرة وصواريخ السكود ووصولاً إلى الكيماوي حيث وقف العالم عاجزاً عن تحقيق أي خطوة باتجاه إيقاف نزيف الدم وإنقاذ الضحية السورية، لكن راحت وسائل الاعلام وساسة العالم ينشغلون باتفاق العار بين لافروف وكيري وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة الأمريكية .

وأثناء النقاشات الدولية حول الكيماوي لم يأخذ الشعب السوري والمتابعين الصورة الكافية لكارثية المشهد الكيماوي بتفاصيله الموتية المؤلمة، ولم يُترك مجال للحديث في هذا الموضوع الإنساني الكبير، لم نشاهد مقارنة مثلاً بين المدن المنكوبة بالسلاح الكيماوي والنووي في حلبجة هيروشيما والغوطتين بدمشق "بالكيماوي".

بالاتفاق الروسي-الأمريكي -الذي توج بقرار أممي برقم 2118 القاضي بتدمير الأسلحة الكيماوية للنظام السوري بإشراف دولي- يكون العالم المتحضر الواعي المتقدم قد باع قضية الملايين من السوريين القتلى والجرحى والمفقودين والمهجرين والمشردين والثكالى واليتامى, قد باعها إلى روسيا بالتعويض عن عقدتها الليبية بقولها إنها خُدعت من الغرب هناك وخرجت ليبيا من يدها الجشعة، وتعويض ذلك بسوريا النظام والمصالح الغير نظيفة على حساب دماء ودموع وآلام الشعب السوري وذلك عبر ثلاثة " فيتو"، وحركات بهلوانية محمومة من أجل تحقيق هذه المصالح، وأمريكياً بإرضاء إسرائيل لإنهاء سورية بشراً وتاريخاً وبنيةً تحتية ومستقبلاً، وتفتيت المنطقة وتوتيرها قومياً طائفياً مذهبياً وخلق بؤر صراع قاتلة مدمرة ومزمنة لاستثمارها, ولو بعد عشرات السنين، ناسية ذلك أو متناسية أن استمرار القهر والظلم لا يولد إلا الإرهاب والتطرف والحقد، وأن هذا القهر الذي تفجر في وجه الدكتاتوريات العربية ثورات عارمة كاسحة ربما سينفجر مرة أخرى بطرق أخرى ضد المصالح الروسية والأمريكية.

لقد تكشفت الأمور بوضوح إنها "المؤامرة الكونية على الثورة السورية", وبالتالي على سورية الشعب سورية الحرية سورية المستقبل، فملايين الأطفال محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية في الداخل والخارج (أطفال يموتون جوعاً في الغوطة بدمشق) ومن فقدان الماء والطعام والكساء والدواء وأيضاً التعليم.

السؤال الآن من ينقذ هذا الشعب المسكين من كارثة الحمل الثقيل على كاهله وأزمته الإنسانية الضخمة التي تعجز عنها دول الجوار, والأمر يحتاج جهداً دولياً ضخماً جداً في ظل تدخلات إقليمية سافرة في المشهد السوري راحت تشوه الثورة السورية بتلوينات وأصوليات قومية ودينية وطائفية "مذهبية", وهو ما كان النظام يستجدي حصولها مراراً وتكراراً.

المندوب الروسي في الأمم المتحدة قال سابقاً: "بأن على جميع الأطراف تسهيل مهمة لجنة كشف وتدمير الأسلحة الكيماوية في سورية، وهو حريص على ذلك لكن دولته العظمى تمنع إصدار قرارات أممية ملزمة بتسهيل مرور مساعدات الإغاثة الدولية والإقليمية إلى المحاصرين في حمص وغوطة دمشق وغيرها من المناطق السورية".

ومما سبق نستطيع الوصول إلى نتيجة مؤكدة مفادها: "تناسي السوريين ومعاناتهم قرار دولي بامتياز".