سنة ومليار!!

سنة ومليار!!
الزمن اللازم لتدمير السلاح الكيماوي سنة، أما تكاليف عملية التدمير هذه فتبلغ مليار دولار. كيف إستطاع بشار الأسد القيام بهذه العملية التقديرية وهذا الحساب الدقيق هذا ليس أمراً مهماً، ذلك أنه صار من حقه إصدار الوصفة التي يريد لعلاج مشكلة الكيماوي وعلى العالم أن يتكفل بصرف تلك الوصفة من الزمن سنة ومن المال مليار!.

لا يحمل حديث الأسد أي شبهة للمبالغة، والرجل لا يطلب أكثر من المعقول، فطالما أن العالم إكتفى بتشخيص العلة وترك أمر علاجها للأسد، فما عليه سوى تلقي اللائحة التنفيذية التي تتضمن تقنيات العلاج، بما فيها مواعيد تناول العلاج ومقدار الجرعات، ثم ألم تصدر تصريحات أمريكية عديدة بأن الأمر قد يستغرق عقد من الزمان ويكلف مليارات من الدولارات؟، ألا يبدو العرض الأسدي أكثر جدوى و نجاعة؟ سنة ومليار.

ولكن لماذا خفض الأسد سقف طلباته إلى هذا الحد ولم ينتظر استكمال العروض ليرى ما إذا بإمكانه الحصول على فترة زمنية أطول وتمويل دولاري أكبر؟، الواقع أن التخبط الغربي، والأمريكي منه تحديداً حوّل الأسد إلى صاحب مبادرات خلاقة، وجعله صاحب السبق السياسي، فهو يستطيع حل العقد السياسية بأكلاف لا تخطر على بال واشنطن ومراكز صنع القرار فيها، بل حتى أنه يتفوق على مراكز دراسة الجدوى ذات التقديرات العالية الأكلاف، التي كانت لن تكتفي بأقل من عشرات مليارات الدولارات وسنوات مديدة، فيما هي عند الأسد سنة ومليار.

في الحسابات الأسدية، أن الأسد في طريقه إلى تنفيذ هذا العقد العالمي، خلال مدة عام وبشفافية مالية كاملة، فإنه يتحول إلى قائد مسؤول يمكن الركون إليه، وفي هكذا أوضاع لا يحتاج العالم أكثر من ذلك. والمعلوم أن لعبة المسؤولية والالتزام بها هي لعبة طالما أجادتها عائلة الأسد، ذلك أن الأب كان قد بنى سمعته كقائد إستراتيجي حكيم وداهية، بناءّ على مسؤوليته في تنفيذ إلتزاماته تجاه إسرائيل وأميركا في الجولان ولبنان.

وفي الطريق إلى هناك أيضاً يتوقع، الإبن، القائد أن يكون قد قضى على الثورة السورية، فكل المعطيات، وفق حساباته، تصب في مصلحته، فالثورة وقد جرى إنهاك بيئتها، بعد هذا الكم من النزوح والدمار والموت، لا بد أن دينامياتها على وشك الانطفاء، ولم يبقى سوى بؤر منتشرة هنا وهناك تفتقد في الغالب على التنسيق والقيادة والضبط، وخطوط إمدادها مقطوعة، فيما داعيميها الخارجيين قد أعياهم الملل ويعانون من حالة التخبط وعدم التنسيق وإختلاف الأهداف والرؤى بين الدوائر الإقليمية والمحلية.

في هذه السنة أيضاً يستطيع الأسد مواصلة تدعيم ترسانته التسليحية وبشكل شرعي وعلني، طالما أنه ليس هناك إعتراض على إستخدام الأسلحة التقليدية بغض البصر عن حجم قوتها التدميرية، ويستطيع أيضاً تزخيم قدراته البشرية بضخ المزيد من المقاتلين.

هي سنة كاملة يستحصلها بشار الأسد برغبة المجتمع الدولي وإرادته، وقد تكون مدعمة بقرار من مجلس الأمن، في هذه السنة، عين العالم ستكون مصوبة على الكيماوي، وعقله وضميره سيكون مشدوداً إلى تفاصيل الحدث الكيماوي، من نوع عدد المواقع التي يتم زيارتها وعمليات التدمير وتفاصيل الكشوف المختلفة، وعلى الهامش ستكمل المذبحة سيرها الطبيعي هانئة بدعم تخطيطي روسي إيراني ودعم تنفيذي من حزب الله.

على أن صورة الواقع لن تكون وفق هذه التسلسلية الروائية، ذلك أن الثورة تحمل من التصميم والإرادة ما يجعل كسرها أمراً بعيد المنال، وحتى وإن حصل وكسرت، فإن الناتج عن ذلك سيكون رماد بلد. سنة ومليار لن تحيي نظام ميت، ولكنها قد تكون كافية لإنضاج الأزمة السورية وتحولها أزمة عالمية يضطر العالم لمعالجتها إلى إنفاق مليارات وسنوات.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات