المثقف الكردي في سوريا و"فوبيا" التخوين!

المثقف الكردي في سوريا و"فوبيا" التخوين!
الوضع الكردي في سوريا حديث سجال ونقاش واسع بين كل المهتمين بالشأنين الكردي والسوري في آن، هذا الوضع الذي يكتنفه الغموض المعرفي ويكتسي ثوب الشعبوية والابتعاد عن العمق الفكري والمعرفي لتحليل الحالة موضوعيا، وهو ما يؤثر على الرأي العام الكردي والسوري معا، وهنالك من المثقفين والكتاب من يضيع بوصلة الفهم المرتبط بالحالة السورية العامة، والمتشابك مع تداعيات ثورة سلمية جند الكون كله ضدها بعد أن تبين قوة الإرادة والتصميم على إنجاحها من قبل المشاركين فيها وهم أغلبية الشعب السوري بكافة مكوناته الأقلياتية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، فتحولت إلى ثورة مسلحة، وهنا دخلت شياطين التخطيط والبرمجة والتشكيك بغية التخريب والتشويه لإسقاط الثورة وإطفاء جذوتها المشتعلة بوقودين وقود أزمة حياة وكرامة دامت أربعين عاما ووقود قتل فاحش مريع جنوني للمتظاهرين السلميين لمدة 6 أشهر باعتراف النظام نفسه، فكان الذي كان ولا تزال فصول التراجيديا قائمة.

ومن أبرز وأسخن الفصول ما يتعلق بالوضع الكردي، اشتباكات بين الب ي ده وجبهة النصرة والقتل والتناحر.. السؤال الكردي الكبير دائما: (أين دور المثقف التوعوي التثقيفي في هذه المحنة المزدوجة – الكردية والسورية معا).؟!

المثقف الكردي لا يشكل كتلة صماء متراصة الصفوف والأنساق منسجمة الأهداف ومتفقة الرؤى والمواقف، المثقف الكردي قليل منه من يحاول مدفوعا بألم الحالة وكثافة الوعي إلى معالجة الوضع الكردي الذي جرته إليه الأحزاب الكردية التي لم تكن بمستوى الحدث السوري الكبير – الثورة السورية – وكانت إلى حد كبير ارتجالية وتواكلية ضعيفة لا بل مفتقدة التحليل الاستراتيجي العميق، فكانت تنسحب من مؤتمرات المعارضة السورية بعصبية ملفتة، وكانت تحاول خلق المبررات والأسباب فقط للتهرب من الاستحقاق السوري والكردي معا، وترك الأمر لتنظيم وحيد لمعالجة الحالة فكان المآل ما نراه الآن من قتل وتناحر وفعل ورد ة فعل واقتتال.

اذن المثقف الكردي في هذه الحالة الاستعصائية ماذا سيعمل، هنالك رغبة جامحة لديه للحديث بشفافية وبروح نقدية واعية لكشف الأخطاء وشرح الأسباب والعوامل التي تدفع إلى بقاء الحالة الكردية في قفص مسيج بأسلاك شائكة بفعل فاعل وقصد قاصد ، واستمرار الحالة وكأنها طبيعية يأتي من غياب دور المثقف الكردي في تشكيل رأي عام رافض لحالة القفص المسيج بأسلاك مانعة للتفاعل مع البعد الوطني السوري العام ، ويغيب مثل هذا الدور التاريخي في اللحظة التاريخية الفارقة بالخوف من العقوبة المفروض على حريته بالتعبير ، وكأنه بهذا يخرج من قمع إلى قمع آخر لا يتغير المضمون والمفعول القمعي ، الذي يتغير شكل القامع وصورته ولغته ، والحالة هي هي ، إنها الفوبيا ، فوبيا قمع حرية التعبير، وتهمة التشكيك بالوطنية والقومية، والخيانة هي بالغة الثقل والتأثير على نفسية المثقف وهو ضعيف الالتفاف الشعبي بسبب عوامل كثيرة متعددة ناتجة عن ثقافة الاستبداد والأدلجة والقمع وكم الأفواه، نعم إن المثقف الكردي الراغب في تصويب الأخطاء ونقد الممارسات السياسية الارتجالية للقوى الكردية يواجه بسيل من الشتائم والاتهامات الباطلة وقد يتعرض للاعتقال والقتل من أبناء بني جلدته، إن هذا الواقع المرير والأليم للمثقف الكردي– فوبيا التخوين- المناط به مهمة الوعي والتنوير والتحريك من المفترض أن يقدَر سوريا وعربيا وأن يكون العتب السياسي والثقافي العربي على المثقف الكردي مخففا ومدركا ومشفوعا بالصعوبات الكبرى التي يتعرض لها المثقف الكردي التي لولاها لكان قد استطاع تشكيل رأي عام كردي قوي قادر على تغيير موازين القوى لصالح الاستمرار في الانخراط مع الثورة السورية والمسار الوطني السوري العام.

التعليقات (1)

    محمد الكردي

    ·منذ 11 سنة شهر
    انه مقال رائع يجسده كاتب مرموق في ظروف كردية وسورية بالغة التعقيد والاشكالية لا يمكن للكرد الا ان يكونوا مع الثورة وهم قد عانوا ظلم البعث والاستبداد ، وموقف اورينت وصاحبها المتنور غسان عبود موقف رائع وهنا بيت القصيد
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات