كرسي بأربعة أرجل

كرسي بأربعة أرجل
في بدايات القرن الماضي أيام الانتداب البريطاني على فلسطين، راهن أحد الزعران أو القبضايات في إحدى مقاهي مدينة القدس على حركةِ يسخر فيها من ضابط بريطاني. فقام بسحب الكرسي من تحته عندما أراد الجلوس فسقط الضابط وضحك كل من في المقهى، عندئذ همّ حراس الضابط بضرب هذا الأزعر، لكن الضابط الانكليزي منعهم.

بعد عدة أيام أرسل الضابط الانكليزي بطلب الأزعر وعندما حضر أثنى عليه وعلى جرأته وأعطاه مكافأة وسلاحاً بعد أن اتفق معه على التعاون من أجل استتباب الأمن في البلد,

وبعد عدة شهور حثه على قتل أحد الأشخاص، وكان المقـتول ينتمي إلى عائلة كبيرة، فسجنه قائلاً: السجن مكان آمن لك حتى لا ينـتقموا منك، وخلال فترة سجنه بدأت محاكمته، وأثناء فترة المحاكمة كان يزوره في السجن ويطمئنه قائلاً : إنها تمثيلية ونحن لا نضحي برجالنا.

حـُكم على القاتـل بالاعدام شنقاً ولازال الضابط يطمئنه بأنها تمثيلية وأنه سينقذه في الوقت المناسب، وصل القاتـل إلى حبل المشنقة ووقف على الكرسي والتف حبل المشنقة حول عنقه، عندها اقترب منه الضابط وقال له: ستتعلم الآن كيف يـُسحب الكرسي من تحت شخص ما، وسحب الكرسي من تحته.

قصة الكرسي هذه التي لا تخلو من أمثولة، توضح لنا كيف كان يفكر الغرب.. ومازال. ربما يجب أن يعيها كل معارض سوري أو مجلس أو هيئة تدعي تمثيل الثورة. وهي تدفعني لطرح أربعة أفكار ربما تصلح أربعة أرجل للكرسي الذي سحب من تحت الضابط البريطاني أولا، ومن تحت الأزعر ثانياً:

1- الاستقلالية في مواجهة المصلحة

على كل قوى الثورة إدراك أن المصلحة هي المحرك الأساسي لأي دولة في العالم، وكل جهة تدعم من يخدم مصالحها، ويحقق أهدافها، ثم تتخلص منه عندما تنتهي صلاحية استخدامه مباشرة.. وربما لا يختلف الأمر كثيرا عندما تكون هناك ثورة... فما يبدو بالنسبة لنا معركة حرية، قد يبدو للآخرين مجرد صفقة أو مساحة نفوذ... فاحرص على استقلاليتك حين تضطر أن تخوض لعبة مصلحة من أجل هدفك!

2- مصلحة الوطن فوق الجميع

على جميع المجالس والهيئات والتنسيقيات أن تضع مصلحة الوطن أمام أي اعتبارات شخصية، وأن يدركوا ان من جاء بهم إلى قاعات المؤتمرات هي دماء الشهداء وتضحيات المعتقلين والثوار، و ليس تاريخهم النضالي أو اموالهم السياسية.

3- الشفافية والصدق عنوانا المرحلة القادمة

على جميع اطياف المعارضة الابتعاد عن الكذب والمراوغة السياسية لكسب المحبة والظهور بمظهر ” البطل القومي“ على حساب الثورة ودماء الشهداء لأن المنصب في المرحلة القادمة تكليف ومسؤولية، وليس تشريفاً وانتهازية.

4- تعامل مع السقف الحقيقي لا المستعار!

التعاطي مع شارع ثائر يختلف كل الاختلاف عن التعاطي مع الشارع الصامت, الثوار هم المنطلق الاول وليس الأخير حاليا، لأن اطياف الشعب السوري الصامتة والخائفة تأتي في المرتبة الثانية، وعاجلا أم آجلا ستندمج تلقائيا بدولة المدنية والتعددية التي يطالب بها الثوار الحقيقيون. فليكن هؤلاء هم السقف الحقيقي الذي تتطلع إليه... لا تلتفت إلى الأسقف المستعارة لأنها مجرد ديكورات!

* من أسرة تلفزيون الأورينت

التعليقات (10)

    عبد الرحمن محمد

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    انتبه لحدا يسحب الكرسي من تحتك يا صديقي .. مقال جميل لك مني كل الود

    طارق الأتاسي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    مقال أكثر من رائع ويصف الحال بأقل الكلمات صح لسانك أبوحسام :)

    leader

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    كلام رائععع

    سوري حر

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    من أجمل المقالات التي قرأتها في منتدى الآورينت بالتأكيد. مقال رائع بكل معنى الكلمة... الله محيي شباب الثورة والأستاذ همام بكتاباته الحلوة على الأورينت نت والأستاذ عروة تبع برنامج شير

    وائل الشهابي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    مقال رائع ... شكراً همام

    صقر الأسد

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    بدنا نقلب هالكرسي ونقعدك عليه يا حيوان قاعد ما تتذاكا على سمانا يا حثالة

    شوقي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    جميلة جدا المقالة ومعبرة ... مشكور على المجهود

    خلود فارس

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    بالفعل القصة معبرة جداً وعلى المعارضة السورية أن تتلخص العبر من الأشهر الماضية وتكون على قدر المسؤولية التي أوكلت إليها, تحية لكاتب المقال ولأورينت نت وكل من يدعم ويساند قضيتنا العادلة

    ولبد احمد

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    مفال جميل جدا و معبر لكل من يفكر بكرسي أ

    باسل

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    جميل جدا اسلوب استقاء العبر من هذه القصة لنا جميعا بشكل عام وللإئتلاف الوطني بشكل خاص في هذه المرحلة ... بتمنالك التوفيق اخي الغالي همووووو
10

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات