حينما تصبح ثقافة النقد ثقافة سوقية...!

حينما تصبح ثقافة النقد ثقافة سوقية...!
"أن ترى إلى الطائفية والطوائف بعين الطائفية والطوائف، ذلك في الغالب هو ديدن كومة الزبالة الفكرية التي تدعى الجمهورية".

الهجائية سالفة الذكر تنتمي إلى أدبيات نقد المدعو ثائر ديب,التي جاءت في تدوينة على صفحتة الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك", لن نمشي على ديدن ما رصفه من هجائية وصلت حد استعمال مصطلحات سوقية, لا تسيء إلى متلقي هذا الكم من الشتائم بقدر ما تسيء إلى مصدر هذا الكم من الشتائم, معتبرين إلى حد ما أنه مثقف يفترض به, بل الأحرى والمشترط في تصدير ألفاظه وفي سياقة أمثلته, التزام الحد الأدنى من القيمة والتفكير الأخلاقي.

ما أثار حفيظة ديب, إقدام كتاب موقع"الجمهورية"لدراسات الثورة السورية, على تشريح الواقع والتعامل معه بواقعية, وهذا الواقع يحتم التعامل مع واقع معاش, ولا يشترط ولا يلزمنا البقاء ضمن أفكار وتهويمات الآخرين, وهذا المنطق الفكري يقودنا إلى البحث في موروثات الفكر وتأثيرها في جمعية وعينا, بينما طريقة "ديب" التي تفترض نهاجية ونموذجية منهجية, تصل حد الطوباوية في التعاطي مع الفكر, وتقودنا في أحسن الظروف إلى الاجترار أو كوننا شراح لنتاج غيرنا.

"أول خطوة على الدوام في نشر زبالتها وروائحها هي التعامل مع مفهوم الطائفة على أنه مفهوم وبديهي وواضح بوصفها جماعة من البشر تجمعها صفات مشتركة تمارسها على الأرض ولا يخرج عليها إلا من كان استثناء للقاعدة".

ديب يفترض الآخرين صورة مصغرة عنه, صورة يشترط فيها الاتساق والتناغم مع منطقه, فلا ترى فرقاً بين أدوات الفكر في تشريح حادثة عن أخرى, سوى في مجال تطابقها مع أدواته ورؤيته ورؤاه إن وجدت, وهذا التطابق يصل به إلى حد الصومعية الثقافية وتأليه أفكاره, وتكفير ورجم من يخالفها حتى لو كانت مجموعة من خيرة كتاب سوريا وشبابها ومن مشتغلي الحراك المدني فيها في تفرد يخرج التعاطي الفكري والثقافي عن أسر الفكر الجامد إلى فسحة التشريح الميداني.

"وهذه بالطبع أردأ فكرة يمكن أن تخطر لأحد يريد أن يتكلم في هذا الموضوع وهي تنتمي إلى ما يُدعى الفهم الشائع common sense".

إذا اختلف شخصان,وقبل أحدهما برؤية الآخر وجدال بها, كان هذا الشخص كامل الحواس والصحة النموذجية في الاختلاف واحترام قواعده, وإن أصر الآخر على الإزدواجية والتهويم, وإصراره ملتفح الإيهام على اشتراطات التطابق, يكون لديه مشكلة قد تكون إحدى تجسيداتها المرض أو الاستعباد, وفي أحسن الظروف, افتقاد الوعي والحس لديه لخبرات نموذجية تمكنه من التقييم.

"أي أنها ذات نفس ما يقوله الطنبرجي والأمي والطائفي والشرطي الذي يفك الحرف ومعهم علماء الجمهورية بلا زيادة ولا نقصان".

بالنسبة للطنبرجي والأمي والشرطي, هذه قوى الظل التي صنعت الثورة, والتعامل معها على أساس فوقية ثقافية وعقلية"البطل"وما تفرزه من عقد, هي التي تستلزم نعت من يستعملها بصفة الأمي, أما بالنسبة لنعت الطائفي هي بالضرورة هي مرضية يستصحبها سلوكيات عدوانية لفظية أو فعلية, وفي ظل العدوان اللفظي السابق السرد, ومصطلحات من قبيل زبالة وروائح وأشياء تقارب ثقافة سوقية, هي أشياء تصوغ خطاب طائفي يكشف حقيقة مصدرها.

بعيداً عن الشخصنة واستجداء للموضوعية من شخوص تاهت بوصلتهم, وراحوا يخوضون معارك دونكيشوتية ضد شركاء مفترضين لهم في الثورة- في حين أن الأجدى والأثمر- أن توجه تلك الكلمات للنظام وحلفائه في طائفة القتل والإجرام وخلق الأصوليات المحلية والعابرة للحدود.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات