المؤتمر الذي افتتح أعماله صباح الحادي عشر من أيار الجاري بالنشيد العربي السوري، والوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، اقتصرت كلماته الافتتاحية على كلمتين، الأولى للأستاذ ميشيل كيلو الشخصية الأساسية المنظمة للمؤتمر، والثانية كلمة هيئة أركان الجيش الحر التي ألقاها د. عبد الحميد زكريا.
تقول توصيات اللجنة التنظيمية إن غاية اللقاء تتمثل في النقاط التالية:
1- لقاء تشاوري تحضيري لإنشاء تنظيم سياسي ديمقراطي، ليس حزباً إيديولوجياً، بل قطب ديمقراطي عريض يضم مختلف القوى الديمقراطية في الساحة السورية بكافة أطيافها وتلاوينها الديمقراطية .
2- يمثل أهداف الثورة السورية في الحرية والديمقراطية والكرامة ويعمل لإسقاط النظام بكافة شخوصه ورموزه ومؤسساته وإقامة الدولة الديمقراطية التعددية وحقوق الإنسان ودولة المواطنة والمساواة.
3- يلعب دوراً أساسياً في القضية السورية ويعزز الدور الوطني السوري في الصراع الدائر في سورية.
4- يساعد بعد إسقاط النظام في إعادة بناء سورية الجديدة دولة ديمقراطية مدنية تعددية تقوم على تداول السلطة. دولة المواطنة والمؤسسات وسيادة القانون.
وفي كلمة ميشيل كيلو بدا الحديث عن ضرورة إفساح المجال للأصوات الشابة ملحاً، كما جرى الحديث عن أن الفكرة السائدة في العمل السياسي السوري اليوم هي أن لكل طرف قناعاته التي على الآخرين أن يأتوا إليه كي يلتقوا معه بها، بينما من الضروري أن نبحث عن نقاط التقاء في منتصف الطريق، وألا نتردد في الذهاب إلى الآخرين لمحاورتهم وإقناعهم بوجهات نظرنا.
لكن كل هذه الإشارات الواضحة، بدت في نظر الكثير من المشاركين في المؤتمر أو الساعين لمعرفة أهداف التحالف الذي سينتجه نظرية... فالفارق بين الكلام النظري وبين الأهداف العملية دفع البعض للتساؤل: هل وظيفة هذا المؤتمر هو تقسيم المقسم وشرذمة المشرذم؟! هل يريد أن يكون بديلاً عن الائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة؟ هل سيتوازى أو يتقاطع معه؟! هل يهدف إلى الحصول على حصة من عدد مقاعد الائتلاف لكسر سيطرة الإسلاميين عليه، وتشكيل ما أسماه أحد الحضور (ثلث معطل)؟!
الإجابات على كل هذه التساؤلات بدت ملتبسة ومتناقضة... فمرة يقال (والتسجيلات موجودة في رسائل تلفزيون الأورينت) لن نذهب إلى الائتلاف ولا علاقة لنا به، وأخرى يقال بأننا نريد الحصول على (25) مقعداً في الائتلاف لإحداث نوع من التوازن الوطني لأنه من غير المسموح لطرف لا يعبر عن كل الشعب السوري أن يسيطر على هذا القرار... وثالثه يقال: هذا الكلام غير صحيح ليس همنا الحصول على مقاعد من أين تأتون بهذه الأخبار؟!
ولعل هذا التخبط في التصريحات أحدث انطباعاً عاماً لدى بعض متابعي المؤتمر... بأن هناك أهدافاً معلنة ذات طابع نظري ومثالي لا يجيب على الأسئلة بوضوح، وأخرى غير ملعنة يتوافق عليها منظمو المؤتمر لأنهم يعرفون الهدف الحقيقي الذين يسعون من أجله من خلف تشكيل هذا التحالف أو القطب.
هذا الانطباع عززته إحدى استنتاجات الحاضرين حيث تساءل: هل نحن أمام هيئة تنسيق جديدة لمواجهة الإسلاميين بعد أن خسرت هيئة التنسيق كل رصيد شعبي من الثقة والاحترام؟!
في كل الأحوال لا يبدو أن التحالف أو الاتحاد أو القطب الذي يسعى العلمانيون واليساريون مع أبناء الأقليات لتشيكله، يرفض التعاون مع الإسلاميين أو ضمهم إليه... بل كان واضحاً أنه يبحث فعلياً عن ضم أي إسلامي يقبل أن يكون جزءاً من كل، لا (الكل بالكل) كما يرى منظمو المؤتمر حال المجلس الوطني والائتلاف، ويتوافق على ديمقراطية أغلب الأصوات فيها يسارية وعلمانية، تنادي بتجريم الطائفية، وتنكر تورط الطائفة العلوية بالدم والمجازر متسعيضة عنها بما يسمى (طائفة النظام) وأن النظام يريد استفزاز مكونات الشعب السوري لجرهم لاقتتال طائفي لم ينجح فيه مع أن 99% من الأطفال – على الأقل- الذين قتلوا وذبحوا بالسكاكين وحرقت جثثهم في مجازر كرم الزيتون والحولة والبيضا وبانياس كانوا من أبناء طائفة واحدة، قتلوا بيد عناصر من أبناء طائفة واحدة قد تسمى طائفة النظام أو سواه لا فرق!!!
لكن رغبة المؤتمر بجمع كل من هو ليس منضوياً تحت سيطرة أو خطاب الأخوان المسلمين والمتحالفين معهم، قد دفعته لدعوة زعيم حزب ((P.y.d الكردي صالح مسلم، الأمر الذي أحدث إشكالا حقيقياً فقد اتهمه بعض المشاركين في المؤتمر، بأن في رقبته دماء ومعتقلين، وذهب أحد الناشطين الأكراد في حديث لأورينت نت إلى القول إن (دم مشعل تمو في رقبة صالح مسلم... وأن هناك العديد من أقربائي الناشطين الأكراد من اعتقلوا على يده حين كلفه النظام بإدارة المناطق الكردية) وقد انبرى أسامة الملوحي مع بعض المشاركين إلى التصدي لوجود مسلم طارحاً على ميشيل كيلو سؤالا: (لو أتى علي مملوك فهل ستستقبله في المؤتمر مادمت تستقبل هذا الشبيح) شجار احتدم في أروقة المؤتمر، ودفع الدكتور كمال اللبواني إلى القول بأن الملوحي (مدفوع من المجلس الوطني كي يخرب) فيما سعى الأب باولو إلى التقليل من إشكالية وجود مسلم في المؤتمر داعياً لفتح صفحة جديدة تحت شعار: (كلنا كنا مؤيدين، وعندما كان ميشيل كيلو سجيناً كنتُ أنا أخطب مباركاً رئاسة بشار الأسد) لكن كل هذه التبريرات لم تخفف من حدة المشكلة في جوهرها المتعلق بموقف صالح مسلم أثناء الثورة لا قبلها، وبالأفعال والارتكابات التي قام بها ضد الثورة لا الآراء أو الأقوال فقط!
التعليقات (7)