يقول هؤلاء السوريون، نقلاً عن «أصدقاء» من داخل النظام، أن بشار الأسد لا يكفّ عن تأكيد ثقته بأن «الأميركان لا يريدون تغييراً» و «لا يزالون متمسّكين بي». لذلك فهو لا يبدي قلقاً على مستقبله حتى أنه شبه متفرّغ لمتابعة تقارير عن أشخاص اهتز ولاؤهم له أو كانوا قريبين من بعض المنشقّين، وهو من يرسل التهديدات إليهم، إذ تصلهم دائماً نقلاً عنه وباسمه. لكن هذا الشعور بالثقة لدى بشار لا يلقى صدى عند الآخرين على اختلاف طوائفهم، بمن فيهم الأكثر والأقل قرباً منه، إذ لا يتوانون في جلساتهم عن طرح انتقاداتهم للطريقة التي يدير بها الأزمة، لكن مخاوفهم الكبرى تركّزت أخيراً على احتمالات انهيار الجيش الذي لا يزال ثلثاه تقريباً في احتجاز مستمر منذ نحو سنة. وعلى رغم أنهم لم يخططوا للانشقاق والانتقال إلى الخارج إلا أنهم صاروا بحكم المنشقّين في الداخل، وكثيرون منهم نقلوا عائلاتهم إلى «منافيهم المقبلة»، كما يسمونها متهكّمين.
يؤكد هؤلاء القريبون/ البعيدون أن الرئيس والحلقة الضيقة المحيطة به لا يعتقدون للحظة أنهم سيفقدون السلطة في يوم قريب، ومنذ تأكد لهم أن التدخل العسكري الخارجي لن يحصل أصبحوا يقولون أنهم «هم من يوجّه الثورة» مستفيدين أولاً من «العسكرة» التي استدرجوها لكسب «مشروعية» للعنف المستخدم في الرد عليها، وثانياً من جماعات «القاعدة» التي يوزّعونها هنا وهناك لإخافة الغرب وتحذيره، وقد نجحــوا فــي ذلك إلى حد أن جماعات أخرى متطرفة ظهرت ونشطت في سياق «شبه قاعدي» فشكلت تغطية لارتكابات «قاعدة - النظام» التي تبقى الأخطــــر لأنها تنفذ العمليات الأكثــــر دموية ولا توفـــّر مقار الأمن والاستخبارات بتفجيرات تلقى إدانات واسعة حول العالم باعتبارها «عمليـــات إرهابية». وفي أروقة النظام يعرف الجميع مَن يشرف على «القاعدة» وأشباهها، ويقولون أن «جبهة النصرة» مثلاً هي من مخرجات الأجهزة التي شكّلتها من سجناء أخضعوا لتدريبات طويلة وقاسية جعلتهم وحوشاً لا تتردد في تنفيذ أي أمر.
منذ فترة طويلة لم يعد القريبون يدرون كيف يفكر الرئيس ولا كيف يريد فعلاً الاستمرار في الحكم مع كل هذا الدم والخراب. يفاجئك أحدهم إذ يقول: «بلى هو باق فقط لاستكمال التدمير لا لأنه سيبقى حاكماً». ويقول هؤلاء أنه انشغل أخيراً بمتابعة معركة السيطرة على معرّة النعمان وبالحراك المتنامي في ريف اللاذقية، لأنه استشعر خطراً في التطورات هناك. لكن أكثر ما يهتم به حالياً هو الإعداد لـ «معركة دمشق» إذ يريد إبعاد القتال عن العاصمة وأوصى بعدم الإحجام عن أي وسيلة لإخضاع ريف دمشق بما في ذلك العمليات المنهجية الواسعة للتدمير والتهجير والنهب، بالإضافة إلى المجازر المبرمجة.
التعليقات (2)