من الملاحظ أن الظواهري بات يوجه الكلمة بشكل عام لكل التنظيمات الجهادية في الشرق الأوسط من باكستان وأفغانستان شرقا إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي غربا ، هذه السياسة التي بات يتبعها بعد أن قوبلت معظم الرسائل التي وجهها إلى التنظيمات الجهادية بالرفض ،وكانت أوضح تلك الرسائل رسالته التي وجهها إلى المقاومين في غزة أكثر من مرة في عام 2007 والتي دعا فيها حماس للابتعاد عن العمل السياسي وحذّر فيها من أن القطاع على مقربة من غزو اسرائيلي بمساعدة مصر والسعودية كما وجه كلمة مشابهة أيضاً قبل الحرب على غزة 2009 و بعدها لكن حماس آنذاك رفضت كل هذه الرسائل ودعت الظواهري لترك المقاومة الفلسطينية في غزة وشأنها .
والمتتبع لكلمات الظواهري يجد أن هناك كلمة سر ومفاتيح قضايا، ربما لا نهتم لها في أول الأمر ولنتذكر جميعنا رسالة الظواهري للسوريين في تشرين الثاني 2012 التي وجهها للسوريين قائلاً ( ابذلوا كل ما في وسعكم لتكون ثمرة جهادكم بإذن الله دولة إسلامية مجاهدة، دولة تكون لبنة في عودة الخلافة الراشدة ) بعد هذه الكلمة الشهيرة بدأ الحديث الأميركي عن وضع فصيل من المعارضة السورية على قائمة الإرهاب لأنها تقاتل من أجل إقامة دولة إسلامية في المنطقة،وتم وضع جبهة نصرة أهل الشام على قائمة الإرهاب في 11/12/ 2012 أي قبل انعقاد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري بمراكش بيوم واحد فقط وفي ذات المؤتمر يقول فابيوس وزير خارجية فرنسا (إن الشكوك بشأن جبهة النصرة تدفع فرنسا وبريطانيا للتريث بشأن رفع حظر السلاح المفروض على سوريا، إن فرنسا ستدرس "دور جبهة النصرة بالتفصيل لأنها قضية لا يمكن تجنبها ).
إذن هي كلمة مفتاحية لوضع الجبهة على قائمة الإرهاب وإيقاف تسليح المعارضة بحجة أن السلاح يجب ألا يذهب إلى الأيادي الخطأ ولعل الخوف الأكبر من حصول الجيش الحر في سورية بكل فصائله وجبهة النصرة هو مصدر قلق شديد لدى إسرائيل التي تتدخل في كل مرة لإنقاذ النظام المتهاوي وبحسب اعتقادي فالتصريحات أو رسائل الظواهري المنسوبة له تأتي دائما في أوقات يراد لها أن تكون في غير صالح المسلمين. وما قناعة الأميركان و الأوربيين أن مثل هذه الرسائل المنسوبة للظواهري حقيقية إلا لعبة استخبارتية لتمرير ما لا يمكن تمريره في الأوقات العادية ..
في كل مرة لابد من إخافة العلمانيين والأقليات في البلد الذي يستهدفه الظواهري ليخرج علينا المتحدث باسم البيت الأبيض أو غيره من المتحدثين الرسميين لإعلان أن الإدارة الأميركية تأخذ تصريحات الظواهري على محمل الجد وتصدر قرارات تقوض فيه أي حل يوقف حمام الدم الذي أنهك الشعب السوري ودائما الذهاب إلى الحل السلمي .
كما أعتقد أن رسالة الظواهري الجديدة التي نسبت له في 6/4/2013 إنما تأتي في إطار تجفيف مصادر السلاح المتجه للمعارضة، خصوصاً أن معركة دمشق الكبرى التي أعلن عنها المجلس العسكري لدمشق باتت قاب قوسين أو أدنى، وصول الثوار إلى مشارف ساحة العباسيين من جهة حي جوبر، كل هذا سوف يقوض الحل السياسي الذي تسعى الولايات المتحدة وروسيا لتسويقه وخصوصاً أن أي حسم عسكري للثوار على الأرض وفرض تحرير دمشق سوف يخرج أي مصالح روسية من سورية ،وفي الوقت ذاته لم يعد هناك مصداقية للإدارة الأميركية في مساعدة الشعب السوري التي تدعيها وكسر الهلال الشيعي الذي تحلم إيران بامتداده ..
لعل استخدام أي تسجيل منسوب للشيخ الظواهري يأتي في سياق خدعة استخدمتها غير مرة لخداع الشعوب المسلمة ذات الفكر الجهادي والمعتدل، ووقوف اليساريين والاقليات ضد هذه التصريحات،كذلك فرض الشقاق بين مكونات الشعب الواحد والبدء بالعمل على الطائفية بكل ألوانها واتجاهاتها تمهيدا لحرب أهلية مستعرة كما حدث في العراق .
التعليقات (7)