مأزق إعلامي مستقبلي
هذه المقدمة لتوضيح واقع الإعلام المصري ولنستطيع مقارنته بالإعلام السوري سواء أكان إعلام الثورة السورية أم إعلام نظام الأسد وخصوصا في ما يتعلق بالإعلامي النجم الذي يمتلك مهارات مقدم برنامج talk show السياسي الاجتماعي اليومي، سنجد أنه لايوجد في سوريا النظام وسوريا الثورة أي إعلامي محترف بهذه المواصفات أي أننا في سوريا الحرة القادمة بعد سقوط النظام في مأزق إعلامي حقيقي لحاجة المجتمع السوري لنوعية هذه البرامج التي تخاطب الناس وتناقش مشاكلهم اليومية وتحاور المسؤولين وتكشف أخطاءهم وتواكب كل التطورات اليومية وتقوم بتحليلها، هذا الإعلامي لا يصنع في يوم وليلة والأسماء المصرية المذكورة أعلاه أغلبها من الكتاب الصحفيين الكبار ومنهم من كانوا رؤوساء تحرير لصحف ومجلات وتنقلوا بين مهن إعلامية مختلفة، أي أن لديهم تاريخاً إعلامياً ومهنياً لايُستهان به، ذلك بالإضافة لكونهم من الشخصيات المثقفة القادرة على المحاورة في مواضيع متنوعة ومع شخصيات مختلفة.
نظام الأسد قتل الإعلام
النظام السوري حارب على مر عقود، وبطريقة ممنهجة ولادة أي إعلامي تلفزيوني ولم يسمح للنجومية أن تطل برأسها بهذا الشأن... فالنظام كان يخاف دوما من أي صوت يمكن أن يصبح مؤثراً في الرأي العام أو قادراً على توجيه رسائل غير التي يرغب بإيصالها عبر شخصياته الإعلامية الهزيلة، ولعل هذا ما يبرر عدم إعطائه لأي ترخيص لقناة فضائية غير قناة الدنيا وقناة الإخبارية المحسوبتين عليه نفسه ومنع برامج talk show منعا باتا، كما أغلق قناة (شام) قبل أن تبث أول نشرة أخبار على الهواء... ورأينا كيف حارب بكل ما أوتي من قوة تلفزيون (الأورينت) وحاصره من كل الجهات من أجل خنقه اقتصاديا أولا... ولكنه رغم كل محاولات التشويش والاستهداف لم يستطع إسكات صوته الحر.
إعلام ثوري.. ولكن!
باستثناء تجربة (الأورينت) التي بدأت تصارع لإيصال رسائلها المختلفة قبل الثورة ومعها، شهدنا بعد بدء الثورة السورية بأشهر انطلاق أكثر من قناة فضائية تعنى بأمور الثورة وتغطية أحداثها... ولكن أياً منها لم يقدم إعلاماً مهنياً محترفاً، ولم تستطع أي قناة أن تحصد جمهوراً سورياً كبيراً لها، حتى أن أسماء هذه القنوات كانت تقليدية من قبيل: "سوريا الشعب – سوريا الغد – سوريا الكرامة- الجيش الحر – شامنا - دير الزور وغيرها" و أكثر العاملين في هذه المحطات ليس لديهم خبرة تلفزيونية سابقة، ومن الملاحظ أن الصبغة الدينية تطغى على الأسلوب الإعلامي المقدم، هذا يعني أننا حتى الآن ومنذ انطلاق الثورة لم نشهد إعلاماً مهنياً محترفاً ومقنعاً.
هل سنشهد إبهاراً إعلاميا؟!
بعد سقوط مبارك وانتصار الثورة المصرية تم الترخيص لأكثر من عشرين قناة فضائية مصرية جديدة وشهدت الساحة الإعلامية المصرية تنافساً حاداً بين المحطات المصرية وتصدرت بعض القنوات الجديدة المراكز الأولى من حيث نوعية الإعلام المقدم ومن حيث المتابعة الجماهيرية ، من بين هذه القنوات " قنوات cbc – قنوات النهار " التي قدمت إبهاراً إعلامياً من حيث المهنية والقدرة الإنتاجية الهائلة ، وهنا يأتي السؤال : عندما ستنتصر الثورة السورية وتستقر البلاد نوعا ما هل سنشهد ولادة إعلام سوري مبهر؟؟ هل سنشهد تنافساً عالي المستوى بين قنوات فضائية سورية ؟؟ هل سيشارك الإعلام ببناء المجتمع السوري الجديد؟؟ أم أن المجتمع السوري الجديد يحتاج إعلاماً جديداً حتى غير الذي أنتجه النظام والثورة معاً؟!
التعليقات (4)