بين الثقافة القائدة و الثقافة الهامشية

بين الثقافة القائدة و الثقافة الهامشية
"يكرهون بعضهم بعضاً, السنة يمارسون التحريم الحياتي على الشيعة,والطرفان يكرهون الدروز. والجميع يمجون النصيريين/اليهود".

العبارة السابقة لمستشرق بريطاني زار دمشق مطلع سبعينيات القرن التاسع عشر- لطالما كانت النظرية الكولونيالية المبنية على استشراقات فنتاميزية- تنظر إلى الأمة العربية وخاصةً سوريا ولبنان, نظرة دونية متعالية تقوم على عدمية الفعل الحضاري, وعلى أنها غير متحابة؛لذلك تقوم على حماية وتمايز أي قطاع سكاني خارج الثقافة الإسلامية/القائدة بما تجسده من أصالة والتراث.

أصالة وتراث تمنح الثقافة/ القائدة قوة - حتى في حال عدم استعمالها في وجه باقي القطاعات هي سلاح خطير- ويقوم التعاون التجاري والوساطة التجارية والتبادل الثقافي وتنمية البرجوازية وسط ثقافات القطاعات/الهامشية, ليبقى الصراع دائراً بين ثقافة/ قائدة مستلبة ومقهورة بدعوى أصالتها وتراثها وقوتها, وقطاعات هامشية تنمو وتستخدم أداة للتغلغل متعدد المستويات, ويبقى الشوفيني والمتعالي بما يجسده من مجتمع غربي حائز على مصالحه عبر تفعيل أدوات التفرقة المجتمعية غير المتجانسة من وجهة نظره.

إذاً... التجانس المجتمعي ذو الألوان المتعددة طبيعي, وغير طبيعي هو التجانس ذو اللون الواحد, الذي لا يمكن تحقيقه سوى في طوباويات الذين ينشدون الأمم المتخطية لحالة الدولة نحو حالة ما فوق الدولتية, ونفحات عنصريات مثل النازية وغيرها.

التجانس متعدد الألوان يقوم على إقامة روابط مدنية تتخطى الانتماءات والحصون الضيقة,الإثنية والدينية والعرقية والقومية منها, ليغدو انتماء ذو نفحات مؤنسنة تنشد البقاء للعيش المرتكز على التنمية المجتمعية والتعليمية, بما هي قوى جوهرية قادرة على انتشال المجتمعات من حضيضها.

وأي محاولات راديكالية لضرب النسيج المتجانس ذو الألوان المتعددة في المجتمع السوري-رغم ما اعتراه من حالة غير متجانسة ونسبية ومحدودة تاريخياً- تكون انتكاسة جديدة في تتالي وتعاقب انتكاسات تبقينا ضمن حضيض الأمم.

والانتكاسات الجديدة تتجلى في موجة من المؤتمرات خلال الآونة كان مسرحها بعض العواصم المتوسطية والأوربية, والممولة من مؤسسات ومراكز أبحاث, يلتحف وارءها مجموعة من أجهزة مخابرات دول عديدة وبوكالة مجموعة من جوقة رأس المال والثقافة ممن يملكون رصيداً رمزياً يرغبون بصرفه.

ومهمة هذه المؤتمرات تقوم على إعادة تنمط وتصدير الخطابات غير المتجانسة, والراغبة في إحداث التمايزات المتعددة المستويات التي تجعل من المجتمع مجموعات قطاعات متحاربة لا بد أن يكون هناك دائماً/ وسطاء بينهم ليشرفوا على اشتغالاتهم السياسية والاقتصادية والمجتمعية والدينية, ويكون الوسطاء/ الأجانب راغبين في أن يكونوا شركاء بالمحاصصة في اقتسام أرباحهم من فواتير وطنية صرفة وبطريقة ناعمة.

إذاً الابتعاد عن الانتماءات الضيقة ذات البعد الديني والمذهبي, وسلك دروب التمهيد المجتمعي التعليمي والاقتصادي, هو الخلاص نحو الدولة الموعودة القائمة على مواطنة تكون التمايزات فيها خاضعة لمنظومة من الكفاءات والخبرات والأفكار النبيلة.

التعليقات (2)

    نور

    ·منذ 11 سنة شهر
    شو هالكلمات الغربية الشوفيني والمابعرف شو لله وكيلك انا جامعية و مافهمت شي

    حنكليس

    ·منذ 11 سنة شهر
    تحياتي لقلمك المبدع التوليتاريوي.. وبالأخير لا يمكننا القول إلا الله يفرج .. علينا وعليك
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات