جهاد عورتاني: الأسد شخصية نمطية لكل رسامي الكاريكاتير العرب

جهاد عورتاني: الأسد شخصية نمطية لكل رسامي الكاريكاتير العرب
يرى رسام الكاريكاتير جهاد عورتاني المولود في عمان 1977 أن سيرته الذاتية هي سيرته الفنية: "أنا ولدت يوم احترفت الفن، فقد بدأت حياتي منذ لونت أول ورقة بيضاء، حينها بدأت شمس الحياة تشرق، وبدأت أشق دربي نحو طموحاتي المستقبلية، كان ذلك وأنا ما أزال على مقاعد الدراسة، وشاءت الصدف أن تفتح الصحف المحلية أبوابها أمام تجاربي الأولى في مجال الرسم الكاريكاتوري، فقد عملت في عدد من الصحف الأسبوعية، واليومية، العربية، قبل أن أنتقل للعمل في جريدة (الدستور) الأردنية، رساما للكاريكاتير السياسي فيها، حيث عملت فيها أربع سنوات قبل ان أنتقل للعمل في صحيفة (الوطن) السعودية التي أثرت تجربتي في هذا المجال، وفتحت أمامي آفاقا جديدة، فكانت النافذة التي أطللت من خلالها على القارئ العربي. لأعود مرة أخرى للعمل في جريدة "الدستور" جنباً إلى جنب لعملي في صحيفة (الوطن) لأحلق بجناحين محلي وعربي".. وكان لأورينت نت هذا الحوار معه:

- كيف تختار مواضيع الرسومات التي تبدعها؟

ولادة كل رسم كاريكاتوري لي عبارة عن ولادة قيصرية، فأنا لا أبدأ الرسم إلا بعد أن أتصفح معظم الصحف العربية، إضافة إلى العديد من المنابر الإعلامية العربية والأجنبية المرموقة حتى أكون على تواصل مع مستجدات الأحداث على الساحات المحلية والعربية والعالمية، ولذلك تكون أمامي العديد من الخيارات قبل أن أبدأ الرسم، حينها أقوم باختيار الموضوع الأفضل والأكثر سخونة. ولا يهمني إن كان الرسم سياسيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا، أو طرفة من النوادر المتداولة في الشارع العربي، فأنا يهمني دائما أن أكون قريبا من وجدان الإنسان العربي، ويهمني التعبير بصدق عما يعتمل في داخله من مشاعر وأحاسيس.

- رسوماتك تتناول الشأن السوري بعمق وبلسان حال الشعب الثائر، كيف تنظر إلى الثورة السورية بالكلمات؟

رسوماتي التي تتناول الشأن السوري هي تعبير عما يجول في داخلي كإنسان عربي يقف ضد كل طبائع الاستبداد التي سادت عالمنا العربي، ومن يدقق في رسوماتي يدرك مشاعري تجاه عملية التغيير في سوريا، لذلك فإن الصمت في هذا المجال أبلغ من الكلمات، فأنا منحاز للناس الذين ينزف دمهم في داخلي، والنزيف الداخلي أكثر خطراً من النزيف الخارجي، خاصة إذا كان المولود المنتظر ما يزال غير واضح الملامح، في ظل حاضنة سياسية تفتقر إلى أي برنامج سياسي لأي حزب كبيراً كان أو صغيراً في عالمنا العربي.

- يقال أن بشار الأسد شخصية تصلح جداً لرسم الكاريكاتير، ما رأيك بهذا الطرح ولماذا؟

لا توجد شخصية في هذا الكون غير صالحة لأن تكون مادة للرسومات الكاريكاتورية، فرسام الكاريكاتير يستطيع الوصول فورا إلى ما يجعل أي إنسان رسما كاريكاتوريا وذلك من خلال تضخيم بعض السمات في الشخصية، وهذا هو ما يجعل هناك قواسم مشتركة للعديد من الرسومات الكاريكاتورية للشخصيات السياسية، وهذا ينطبق تماما على شخصية بشار الأسد التي أصبحت شخصية نمطية لرسامي الكاريكاتير في الوطن العربي والعالم.

- كيف نظرت إلى خبر اعتداء شبيحة الأسد على الفنان السوري علي فرزات في بداية الثورة السورية؟

إن الاعتداء على أي نفس يشكل جريمة كبرى وذلك تطبيقا لقوله تعالى " مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً" فكيف إذا كان هذا الاعتداء على إنسان يشكل ضمير الناس المقهورين، إن الاعتداء على علي فرزات لا يشكل إعتداء على الفنانين والمبدعين فحسب وإنما يشكل إعتداء على كل الناس الذين عبر علي فرزات عن همومهم وأحلامهم.

- ما هي أبرز المحطات في الثورة السورية التي تأثرت بها كثيراً؟

أبرز المحطات وبصدق هي المحطة الأولى التي خرج فيها الناس بصدورهم العارية للتصدي لأشرس نظام متمرس في قمع الشعب، وكنت أتمنى لو بقيت الانتفاضة الجماهيرية سلمية، كي تفوت على النظام عملية القمع الشرس التي يمارسها حاليا ضد الناس، ولكنها أرغمت أن تتحول على الشكل الذي نراه الآن، إنني أخشى أن يدفع الناس ثمناً باهظاً أكثر لهذا الصراع المسلح بين النظام والثورة، فالصراع المسلح في ظل الفوضى العارمة لا يدفع ثمنه سوى الناس البسطاء الذين يقعون بين شقي الرحى، فيطحنون في صراع كانوا يأملون أن يروا زهرة ربيعه.

- هل لديك تصور مسبق لكاريكاتير سقوط بشار الأسد؟

الأسد لا يمكن أن يكون استثناء للقاعدة التي تشكل نسقا واضحا لسقوط الديكتاتور، لقد رأينا نفس النمط لسقوط ديكتاتوريات كثيرة في عصرنا الراهن، وإذا دققنا في صورة السقوط سنجدها صورة نمطية واحدة.

- هل تعتقد أن رسم الكاريكاتير واكب الربيع العربي بشكل جيد؟

أحب أن أصحح مقولة الربيع العربي من منظوري الخاص، فأنا أعتقد أن ما كنا نعتقد أنه ربيع أصبح خريفا بكل ما في الكلمة من معنى، صحيح أننا ضد الديكتاتورية والاستبداد والفساد وكل المفردات السلبية في حياتنا السياسية، ولكننا من ناحية أخرى ضد الهاوية التي ستقودنا إليها حركة ما أطلق عليه خطأ اسم الربيع العربي. إن أول حركتين عفويتين شكلتا نقطة البداية للربيع العربي، أقصد تونس ومصر كان يمكن أن تشكلا مفصلا حقيقيا نحو ذلك الربيع، لكن تم التآمر عليهما من كل القوى لتعود الديكتاتورية لتسيد الساحتين من جديد، وأنا هنا لا أستثني أحدا، فكلا البلدين تعيشان ديكتاتوريتين متناقضتين ديكتاتورية الحكم وديكتاتورية المعارضة. وأنا هنا أستذكر مقولة للكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي بورخيس فقد سئل بورخيس ذات يوم عن رأيه في الديموقراطية فقال: " الديموقراطية هي ديكتاتورية الغوغاء" وأنا أجد في هذا التعبير أصدق وصف عن المناخ الديموقراطي الذي سيسود مجتمعاتنا العربية مستقبلا. أما الدول الأخرى التي شهدت انتفاضات ضد الحكم مثل ليبيا وسوريا واليمن والبحرين، فأنا أعتقد أن أصابع الغرب والشرق قد لعبت بها على حد سواء وذلك من أجل هدم ما تبقى من بنى في تلك الدول، لم تتمكن نظم الحكم السابقة من هدمها. لدرجة أنني أصبحت أضع يدي على قلبي من تفجر انتفاضة جديدة.

- يقال إن الربيع العربي سبقه إرهاصات بلورته، هل كان للكاريكاتير دور في تهيئة الجو لذلك؟

أعتقد أن للكاريكاتير دوراً كبيراً في تهيئة الأجواء التي صنعت الانتفاضات في الساحة العربية، فالكاريكاتير مثله مثل أي إبداع ساخر، يعتبر من أقدر أشكال التعبير على التحريض، فرسم كاريكاتوري واحد يمكنه أن يشكل رافعة تحريضية أكثر من وسيلة إعلامية بأكملها، والدليل على ذلك أن الكاريكاتير هو الفن الوحيد الذي نراه في ساحات الانتفاضة العربية، لقد رأيت رسوماتي الكاريكاتورية في كل من مصر وليبيا وسوريا وهي تشكل جداريات كبيرة في الساحات جنبا إلى جنب مع الحشود الجماهيرية. وهذا ليس غريبا على الكاريكاتير الذي يعتبر المعبر الأول عن هموم الناس، والذي يجد معظم الناس أنفسهم فيه. لكن هذا لا يلغي أدوارا أخرى للإبداع ساهمت هي الأخرى في إشعال فتيل التغيير في عالمنا العربي. وكنت أتمنى لو أنه لم يتم حصار هذا الوعي من قبل قوى داخلية وخارجية مهمتها الأولى أن يسود الظلام عالمنا العربي، وأن تغلق كل النوافذ التي فتحتها الدماء الطاهرة البريئة.

- رأيك هل أوفى رسامو الكاريكاتير بواجبهم تجاه الربيع العربي؟

أعتقد أن رسامي الكاريكاتير قد سبقوا الربيع العربي في رسوماتهم، وأتمنى أن يكون هذا الربيع بحجم رؤى وطموحات رسامي الكاريكاتير.

- الرسم الكاريكاتيري فن متطور ولامع جداً في الأردن، ماالسبب؟

أعتقد أن السبب الأول والأخير في تطور هذا الفن، هو حجم مساحة الحرية الموجودة في الساحة الأردنية، فهذه الساحة قياساً بالساحات العربية الأخرى تتمتع بحرية نوعا ما.

- هل تعتمد التقنيات الحديثة في الرسم، أم أنك تقليدي إن صح التعبير وتفضل الرسم على الورق ولماذا؟

منذ بداياتي الفنية وأنا أحاول الاستفادة قدر الامكان من التقنيات الحديثة في مجال الرسم، فأنا أعتقد أن التقنيات تضيف الكثير للتجربة الإبداعية عامة وفي مجال الرسم بشكل خاص، وقد طورت تجربتي بشكل كبير من خلال الثورة التقنية.

جهاد عورتاني من مواليد عمان/ الأردن 1977 حاصل على 3 شهادات تقدير من جائزة الصحافة العربية للكاريكاتير عن الأعوام 2007 و2008 و2010 وعدد من المعارض الشخصية والمشتركة في عدة دول عربية.

التعليقات (6)

    هنادي صمادي

    ·منذ 11 سنة 3 أسابيع
    فعلاً استاذ جهاد رسام مبدع ولوحاته الكريكاتيرية من أجل اللوحات خصوصاً التي يرسمها عن الثورة السورية رغم كل الألم في هذه الثورة نرجو الله أن ينتصر الشعب السوري الشقيق على الطاغية المجرم بشار الفسد

    منى البريجي

    ·منذ 11 سنة 3 أسابيع
    رسومات رائعة وقضية أعظم والنصر للشعب السوري

    sori hor

    ·منذ 11 سنة 3 أسابيع
    جهاد عورتاني فنان يختزل ما يجيش في صدورنا فيقوم برسم الكاريكتير بحس عالي ومرهف وخطوط قوية وتفاصيل دقيقة بالتوفيق والى الامام يا فنان الثورة السورية الكبير

    نوري الأندبوري

    ·منذ 11 سنة 3 أسابيع
    الله محيي أصلك يا جهاااااااااااااااد

    منال جدعي

    ·منذ 11 سنة 3 أسابيع
    رسومات الفنان جهاج من أجمل الرسومات التي سخرت من بشار الأسد الساقط بإذن الله تحية للأردن شعباً

    صنوان

    ·منذ 11 سنة 3 أسابيع
    الشعب السوري من أذكى شعوب العالم - في المظاهرات ومنذ اليوم الأول كان يهتف بالحرية لم يذكر الديموقراطية - أصلا هي كلمة إغريقية تتكون من كلمتين ديمو \
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات