أرقام خيالية
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً ذكرت فيه أن عدد المعتقلين يبلغ قرابة 200 ألفاً , وتأتي حلب في المقدمة من حيث أعداد المعتقلين بـنحو أربعين ألفاً تليها حمص بأكثر من 35 ألفاً ثم ريف دمشق بحوالي 30 ألفاً , فحماه وادلب بأكثر من عشرين ألفاً. ومن بين المعتقلين 9000 معتقل دون سن الثامنة عشرة , وحوالي 4500 امرأة , يتعرضون فيه لتعذيب ممنهج تمارسه قوات الأسد داخل المعتقلات أدى إلى وفاة 1215 مواطناً بينهم 17 امرأة و34 طفلاً و23 مسناً ممن تجاوزت أعمارهم الستين , وتأتي حمص في مقدمة المحافظات من حيث عدد الذين قضوا تحت التعذيب بـ 313 شهيداً ثم درعا بـ 221 وادلب بـ 182 وريف دمشق بـ 122 ثم حماه بـ 115 وحلب بـ 83 . وتستخدم وسائل تعذيب عديدة إن كانت جسدية تصل إلى الاغتصاب , أم نفسية لتجبر المعتقل على الانهيار و(الاعتراف) بما يريدونه .. سادية في استخدام فنون التعذيب لم يشهدها بشر على وجه المعمورة , فمن طريقة الشبح والصلب والكرسي الألماني والكهربائي والضرب بالكابلات المعدنية ونزع الشعر واللحم وصولاً إلى الاغتصاب أو إجبار بعض المعتقلين على اغتصاب زملائهم حسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان وهذا كله يندرج ضمن أساليب التعذيب الجسدي , أما التعذيب النفسي فيبدأ بتجميع المعتقلين في زنزانة صغيرة وتجويعهم لفترات طويلة وعدم السماح لهم بالذهاب إلى المرحاض والتهديد بالاغتصاب أو بإجباره على مشاهدة زملائه يغتصبون ومشاهدة الناس عراة وصولاً إلى إيهام المعتقل بأنه سيخرج في اليوم التالي ثم تعذيبه بدل الإفراج عنه أو بالادعاء بأنه سيُعدم في اليوم التالي لتبقى أعصابه مشدودة هو ورفاقه المعتقلون داخل الزنازين ليلة كاملة .
توقيع تعهد فقط !
كاترين واحدة من المعقتلات اللواتي خضن تجربة التعذيب النفسي خلال فترة اعتقالها التي استمرت شهرين وانتهت بصفقة التبادل التي جرت بين الجيش الحر وعصابات الأسد , كاترين الطالبة الجامعية الثائرة لم تقبل أن تبقى دون أن تشارك في المظاهرات التي كانت تخرج في دمشق , في إحدى المظاهرات كانت متتبعة من "عوايني" أخبر عنها الشبيحة الذين قاموا باعتقالها وضربها مع العبارات الغير أخلاقية وتم أخذها إلى مقر لهم عبارة عن منزل يقيمون به وتم تهديدها لمدة ساعة كاملة بكل أنواع العقاب . تقول كاترين لأورينت نت "اعتقلوني داخل المنزل مع عدة شباب وشابات لمدة ساعة ثم أتت دورية لتأخذني إلى الفرع وأحدهم قال لي :حاج تبكي ولا تخافي هلء مناخدك ع الفرع بتوقعي تعهد وبتطلعي"..
شهران في المعتقل
تصف كاترين أول ساعات اعتقالها "أبقوني 12 ساعة بين الدخول إلى غرفة التحقيق وبين وقوفي إلى الحائط , والعناصر تمر أمامي وتضحك عليي بأني مثقفة (طالبة جامعة) و شوفي حالك وين صرتي ! , وأرى الشباب أمامي في الممر كيف يتعرضون للضرب , ومن ثم يعيدونني إلى غرفة التحقيق التي كان فيها المحقق يخبرني ويعلمني بأني لست محتاجة إلى الحرية فهي –أي الحرية- متوفرة لي حسب رأيه , لدينا بيت بالملايين وأصرف ما أشاء في الشهر وأخيراً أخرج مع أصدقائي الشباب ولا أحد يسألني ماذا تفعلين (شو بدك حرية أكتر من هيك !) وعندما رنّ موبايلي لأكثر من مرة قلت للمحقق أريد أن أردّ على الهاتف أهلي يتصلون بي , أو تكلم معهم وأخبرهم بأني في فرع الأمن , فقال لي : يا حيوانة إنتي وين مفكرة حالك بمخفر شرطة ؟ إنتي بفرع مخابرات ! . ولكن لحسن الحظ بأنه لم يعرف أن يقرأ حتى اسم واحد من الأسماء المتواجدة لدي لعدم معرفته باللغة الانكليزية إطلاقاً" تتابع كاترين " أنزلوني إلى المهجع وعندما استقبلني السجان قال له أحد العناصر أدخلها إلى مهجع الشباب , كمحاولة للضغط عليي وأدخلوني إلى زنزانة مرعبة جداً ومليئة بالدماء , لمدة ثلاث ساعات , ثم تم نقلي إلى غرفة البنات , كان أصعب مافي الأيام الأولى سماع أصوات الشباب وهم يعذبون وأحيانا يأتوا ليضربوا رؤوس الشباب بباب الزنزانة , ولم نستطيع عمل شيء سوى الضرب على الأبواب للتشويش عليهم والبكاء من شدة أصواتهم , عندما كنا نخرج للحمام بعد حفلة تعذيب الشباب نجد دمائهم على الأرض" .
الاغتصاب !
تتحدث كاترين عن قضية الاغتصاب في المعتقل "كانوا يهددوننا دائماً بالاغتصاب دون أن يفعلوا شيئاً من ذلك , إلا مع واحدة كانت معنا وذلك للضغط على زوجها الذي ينتسب للجيش الحر حيث تم استدعاؤها مرتين بعد منتصف الليل إلى غرفة النقيب "م" الذي كان يغتصبها وتعود إلينا بحالة نفسية مستحيلة الوصف . أيضاً تعرضت إحدى المعتقلات لجلطة , وكانت في نفس غرفتي الناشطة منى الوادي المتهمة بالمساعدة الإنسانية للمحتاجين في الغوطة الشرقية , حيث أخبروها في يوم من الأيام بأنها ستعدم في صباح اليوم التالي ما أثر فينا وفيها يوماً كاملاً لنتسنتج أنه نوع من أنواع الضغط النفسي ومن ثم تم نقلها إلى فرع آخر" . في اليوم الخامس عشر لاعتقالي طلبني المحقق ليجبرني على نقل أسماء من يخرج من أصدقائي بالمظاهرات بعد خروجي ولكني كنت أتهرب بطريقتي حتى قال لي في إحدى المرات أنتي داهية ولكنك ستُكتشفين "
مُخبرة
تقول لنا كاترين بأنه "كان في زنزانتا مخبرة تصعد للمحقق في اليوم مرتين أو ثلاثة لتوصل أخبارنا إليه , وفيم نتحدث به . كان السجانون يشتموننا ويقولون لنا (هي هيي الحرية الي بدكين ياها ! عيشوا بالحرييّ , ووين شباب الحرييّ تبعكين تيجوا يطالعوكين ! ) بقيت كاترين على هذه الحالة إلى أن تمت صفقة التبادل بين الجيش الحر والعصابة الأسدية . من القصص العديدة التي صادفت كاترين تقول "كان في غرفتي معتقلة وأمها في غرفة ثانية وأثناء خروجي اقتربت الأم لتسألني عن اسم ابنتها وكانت ابنتها قد أوصتني بأن اطمئن أمها عليها وقد حز في نفسي الموقف , كما تأثرت أيضاً بمشهد المعتقلين من الشباب أثناء خروجهم والدنيا تثلج بغزراة وهم بالشورتات وبالقمصان الداخلية وعندما انتبه العناصر لي شتموني وقالوا لي بأني أبكي على هؤلاء الإرهابيين ! وبعدما قابلت أقاربي وأصدقائي اقتربت مني امرأة وسألتني عن اسم ابنتها وأجبتها بالنفي فضمتني إلى صدرها وأجهشت بالبكاء وهنأتني بسلامتي ودعت أن يفرح قلب أمي برؤيتي".. أما أكثر ما أضحكني عندما قال لي العناصر بأن " القائيد الخاليد وبشار هلق إلهين 40 سنة ميقاومو إسرائيل , ونحني هالفراتيك رح نخلي إسرائيل وأمريكا تحتلنا !!!"
معاناة المعتقلين تشكل الوجع الأكبر في هذه الثورة فهم يشهدون الألم ويعيشونه بكل تفاصيله مع سجان ظالم , مجرم , مختل عقلياً ومريض نفسياً .. سادي في إجرامه لا يقيم وزناً لا لـدين ولا لـأخلاق ولا لإنسـانية .
التعليقات (12)