خيارات مرّة.. دير الزور بعد 3 أشهر من مواجهات ميليشيا قسد والعشائر

خيارات مرّة.. دير الزور بعد 3 أشهر من مواجهات ميليشيا قسد والعشائر

منذ الحملة الأخيرة في آب الماضي والمتواصلة لميليشيا قسد على دير الزور "مناطق الجزيرة"  ومع استمرار تصدي مقاتلي العشائر لهجماتها، والقصف المتبادل بين ميليشيات إيران من جهة، والتحالف الدولي من جهة أخرى على جانبي نهر الفرات،  تسوء حياة المدنيين وتتدهور في مختلف المجالات.

الحياة في مناطق دير الزور شبه متوقفة، حظر التجول الذي فرضته ميليشيا قسد لا زال سارياً للأسبوع الثالث توالياً، والاعتقال وإطلاق النار نصيب المُخالفين، إضافةً لمنع التنقل بالدراجات النارية، وحتى الحالات الإسعافية ممنوعة من الخروج بسبب القيود التي فرضتها الميليشيا على السكان، خاصة في مناطق الريف الشرقي منها.

انتهاكات ميليشيا قسد 

وفي ظل هذا التشديد الأمني في دير الزور، لم تتوقف الاعتقالات منذ بدء شهر أيلول الماضي، وعدد المعتقلين فاق الــ 500 معتقل بحسب مصادر محلية، من بينهم أطفال.

وطالت الاعتقالات التي كان آخرها مداهمتين في بلدتي ذيبان وجديد عگيدات شرق دير الزور 4 أشخاص، وتمت سرقة أموال وتحطيم أثاث منازلهم خلال المداهمتين واللتين حصلتا السبت الماضي. 

وخلال شهر أكتوبر المنصرم وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال61 مدنياً بينهم 14 طفلاً على يد ميليشيا "قسد"، في آخر تقرير لها، 47 منهم في دير الزور، فيما تتصاحب المداهمات التي ينفذها عناصر الميليشيا، بعمليات سرقة وتعفيش للمنازل، إضافةً للاستيلاء على أكثر من 30 منزلاً وتحويلها لمقرات عسكرية.

ومنذ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم وحتى تاريخ 10 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قتلت قسد 16 مدنياً في دير الزور، غالبيتهم عبر عمليات قنص وقصف من بينهم طفلان وأربعة مُسنّين.

 وأمس الإثنين قصفت قسد حي البلعوم بقذائف الهاون، ما أسفر عن مقتل  مدني يدعى "شكور الحمادي الناصيف".

وأمام تصدّيات مقاتلي العشائر وهجماتهم المتواصلة، ترد قسد بعقاب المدنيين جماعياً وتضيّق عليهم معيشتهم، وهو ما تجلى عبر إغلاق الأفران في منطقتي العِزبة وذيبان.

ففي تاريخ 22 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم استولت الميليشيا على "فرن الكيلاني" في قرية العِزبة شمال شرق دير الزور، ونقلت معدات الفرن إلى الحسكة، ووضعت نقطة عسكرية داخل البناء، وعند محاولة الأهالي منعهم، أطلقت الميليشيا الرصاص على الأهالي لتفريقهم، وهو الفرن الرابع في دير الزور الذي تستولي عليه، سبقته ثلاثة أفران في بلدة ذيبان.

وخلال شهري آب وأيلول الماضيين استخدمت قسد عدة مشافٍ ومحطات مياة كمقرات عسكرية ونشرت عليها قناصين، كما سرق عناصرها مشفيين اثنين في الشحيل وذيبان خلال شهر أيلول.

وفاقت تجاوزات ميليشيا قسد في دير الزور كل الحدود، فأغلقت عدداً ضخماً من المدارس وحولتها لمقرات عسكرية، ما تسبب بإيقاف العملية التعليمية في المنطقة، وحرمان أكثر من 30 ألف طالب من التعليم المتدهور أساساً تحت حكمها، وتم توثيق استيلاء الميليشيا على 46 مدرسة في ريف دير الزور منذ بدء الاقتتال بينها وبين قوات العشائر، حسب شبكة رصد لحقوق الإنسان.

 

حراك العشائر المسلح

ورغم تراجع حِدتها مقارنةً بشهري آب وأيلول، لم تتوقف هجمات مقاتلي العشائر التي تستهدف نقاط ومقرات ميليشيا قسد، وتتركز تلك الهجمات بغالبيتها في الريف الشرقي لدير الزور حيث يتواجد ثقل قبيلة العكيدات، وباتت هجمات مقاتلي العشائر تعتمد على أساليب الكر والفر.

وبحسب ماقال مقاتلون من قوات العشائر، "اللجوء للكفاح المسلح ضد ميليشيا قسد هو الخيار الأخير أمام تجاوزاتها في المنطقة، والهجمات باتت منسقة لحد كبير، ويعود سبب انخفاض حدة الهجمات لغياب الدعم والتمويل من أي جهة".

وتحاول ميليشيا قسد عبر أبواقها الإعلامية شيطنة حراك العشائر بدير الزور عبر ربطه بميليشيا أسد تارة وتنظيم داعش تارة أخرى، وكذلك اتهامهم بالارتباط مع قائد ميليشيا البكارة نواف البشير وكذلك ميليشيات الحرس الثوري الإيراني.

من جهتها تحاول ميليشيا أسد استغلال الحراك العشائري في دير الزور عبر إعلامها وبعض عرابيها في المنطقة على غرار المدعو "غديف الهليل" وهاشم المسعود، اللذين يمتلكان خلايا في مناطق الجزيرة بدير الزور تروج لميليشيا أسد منذ سنوات.

وقاما بتمويل وتأسيس مجموعات على السوشيال ميديا باسم "حركة أبناء العشائر" وتقوم هذه الصفحات بتغطية هجمات مقاتلي العشائر ضد ميليشيا قسد وتتبناها.

والجدير بالذكر أنه وخلال بعض الهجمات التي تنفذها قوات العشائر تقوم ميليشيا أسد عمداً باستهداف بلدات منطقة الجزيرة بقذائف الهاون عشوائياً وهو ما وثقته عدة شبكات محلية، وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين.

التحالف غائب

 يقول الصحفي مُهاب ناصر :"حراك العشائر المسلح الحاصل اليوم، تضاءل مقارنةً بالحراك الذي كان بداية حملة ميليشيا "قسد" على دير الزور، وهو محصور حالياً بشخص إبراهيم الهفل والذي تحول لقائد التفّ حوله كل الرافضين لوجود الميليشيا.

وأضاف أن الجزئية المهمة التي لم تساعد على نجاح مساعي أهل دير الزور هو عدم الاهتمام بما حصل من قبل التحالف الدولي، والذي كان أقرب لدعم ميليشيا قسد، فالتحالف لا يرغب بالتغيير حقيقةً في المنطقة، رغم كل الدماء والقصف والانتهاكات التي ارتكبتها قسد بالمنطقة.

وتابع: "رأينا ما حصل من استهداف للمدنيين بالقصف عبر الطيران المُسير، والإعدامات الجماعية، واتخاذهم كدروع بشرية وغيرها، كل هذه الممارسات لم يُلقِ التحالف الدولي لها بالاً وهذا دليل على سياسته تجاه الحاصل بدير الزور، هي سياسة أقرب لدعم ميليشيا قسد".

 ورغم كل الحاصل من انتهاكات قسد منذ سنوات، وتصاعد وتيرتها مؤخراً، فإن التحالف الدولي يكتفي بالمراقبة، ويتابع دورياته بالمنطقة بشكل اعتيادي، حيث يقتصر نشاطه الوحيد ضد تنظيم داعش، وميليشيات إيران في مناطق "الشامية" بدير الزور.

وعن سياسة التحالف في المنطقة ومدى احتمالية تغيرها، قال الكاتب والصحفي فراس علاوي: "التحالف الدولي لا يرغب بالتغيير في المنطقة، أو الانحياز لأي طرف، وهو يُراهن على الحل طويل الأمد،.. الواقع الحالي ووجود الميليشيات الإيرانية يدفع بالتحالف للمحافظة على الوضع الراهن، لذلك فهو يراقب من بعيد،..  المنطقة غالباً لن يطرأ عليها أي تغيير حالياً من حيث السيطرة".

أبواب الحل مغلقة

ومؤخراً وأمام فشل المساعي السلمية لحل معضلة دير الزور عبر اجتماعات عُقدت في قطر بين الشيخ مصعب الهفل شيخ قبيلة العكيدات، وبين ممثلين عن التحالف، قرر الشيخ مصعب التوجه لسوريا، نحو دير الزور لمقابلة التحالف شخصياً في قاعدة حقل العمر، وعندما وصل الرجل لمعبر سيمالكا الحدودي بين إقليم كردستان العراق وبين سوريا يوم أمس الإثنين، منعته ميليشيا قسد من دخول الجزيرة.

وبحسب تسجيل صوتي للشيخ ابراهيم الهفل شقيق مصعب، فإن ميليشيا قسد طلبت من مصعب اللقاء بمظلوم عبدي زعيم الميليشيا، وعندما رفض مصعب طلبات قسد، منعوه من دخول سوريا بذريعة أن الوضع الأمني غير مستقر في محاولة لتهميش أي مطالب للسكان، وفرض قرارها على الجميع بعيداً عن التحالف.

كل الخيارات مُرّة

أمام واقع الحال الذي يعيشه سكان دير الزور اليوم يضعهم أمام خيارات أحلاها مر، فهم بين المطرقة والسندان، بين ميليشيات قسد المدعومة أمريكياً، والتي تسرق خيرات المنطقة منذ سنوات وتهمش حياتهم، وتقمع مطالبهم عبر السجن والقتل، وبين خطر ميليشيا أسد وإيران المتربصة بالمنطقة خلف نهر الفرات، وأمام هذه الكوارث التي ألمت بسكان دير الزور، فلا حلول تلوح في الأفق.

وأمام كل هذه الظروف لوحظت حركة هجرة جديدة من دير الزور نحو محافظات ثانية، فيما توجه بعض المغادرين لخارج البلاد نحو منافذ التهريب، بينما يزداد الوضع سوءاً في دير الزور بسبب ممارسات الميليشيات من أسد وقسد وتردي الوضع الأمني والمعيشي.

التعليقات (7)

    Marwan Safi

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    يجب طرد PKK من سوريا بالكامل وكل مؤيديهم، مجموعات لاجئين اكراد من تركيا صار بدهم دولة ويتحكمون ببلادنا

    علي الناظم

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    ماظل علينا الا الاكراد لاخوش سالفة

    جمال السالم

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    من وين يلاقونها اهل الدير من Kلاب الاسد ولا kلاب قسد

    محمد الديري

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    املنا بالله ثم بالشيخ الهفل وثوار العشائر بدحر مرتزقة قنديل الايرانية التركية وذيول النظام وروسيا

    قسد

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    نعم طبيعي يتم طرده وقسد باقية رغم على انوفكم يا حاقدين نسيتو لاما حررو نسوانكم وفعلا قناة مرتزقة

    المهاجر

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    تكالب علينا الاوباش الله المستعان

    غليص الجزيرة

    ·منذ 5 أشهر أسبوع
    عصابة PKK جبناء اوباش حرامية دجاج، تخسى انهم حرروا شبر باادير، كل يلي قاتلو ضد داعش 2017 اولاد الدير، من ابو بكر قادسية لياسر الدحلة وشباب النخبة الشعيطات، عصابة PKK لولا التحالف صفر، قال حرر نسوان قال، روح جيبوا بناتكم نايمات باحضان الاتراك بجبال قنديل.
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات