أبعاد عالمية للحرب على غزة

أبعاد عالمية للحرب على غزة

هذه الحرب بين قوة تسيطر على مساحة بحجم محافظة حلب تقريباً ضد منطقة أخرى بحجم غوطة دمشق، ورغم ذلك، فإن عواقب هذا الصراع تكاد أن تصبح عالمية، وتتمثل في الاضطراب الاقتصادي، والضعف العسكري، واستقطاب سياسي عميق. 
وأشار التقرير الذي أصدره البنك الدولي في الثلاثين من الشهر الفائت، إلى أن حرب السابع من أكتوبر قد تسبب "صدمة" اقتصادية عالمية، تتضمن زيادة أسعار النفط إلى 150 دولاراً للبرميل، وتعرّض الملايين للجوع بسبب ارتفاع أسعار الغذاء.

الأزمة قد تكون مشابهة لتلك التي تبعت حرب 1973، عندما فرضت الدول العربية الأعضاء في أوبك، بقيادة السعودية، حظراً على بيع النفط للولايات المتحدة رداً على دعمها لإسرائيل.
الحظر النفطي لعام 1973 أدى إلى "ارتفاع أسعار النفط بتأثيرات عالمية"، حيث إن "سعر برميل النفط ارتفع مرتين، ثم أربع مرات، ما أدى إلى فرض تكاليف عالية على المستهلكين وتحديات كبيرة لاستقرار الاقتصادات الوطنية"، كما إنه أثّر بشكل كبير على الاقتصاد الأمريكي الذي كان يعتمد بشكل متزايد على النفط الأجنبي.
التقرير الجديد للبنك الدولي يبرز الآثار المتوقعة بعد مرور نصف قرن على تلك الأزمة، و"النزاع الأخير في الشرق الأوسط يأتي في أعقاب أكبر صدمة لأسواق السلع الأساسية منذ السبعينيات.

وقال إندرميت جيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي ونائب الرئيس الأول لاقتصاديات التنمية، في بيان مرافق "إن على صنّاع السياسات توخي الحذر، إذا تصاعد النزاع، فسيواجه الاقتصاد العالمي صدمة طاقة مزدوجة لأول مرة منذ عقود - ليس فقط من الحرب في أوكرانيا، ولكن أيضاً من الشرق الأوسط".
وتتعرض الولايات المتحدة حالياً لتهديد واقع يتمثل في احتمال الانجراف نحو صراع عسكري أوسع في منطقة الشرق الأوسط، وهو تهديد ملموس، ويظهر هذا التحدي بشكل واضح من خلال نشر البنتاغون مجموعتين بحريّتين مجهّزتين بأكثر من 150 طائرة حربية، إلى جانب الصواريخ القوية.

وفي إطار التحضير لهذا السيناريو، تم تجهيز جنود للانتقال إلى مناطق تعدّ من بين أكثر المناطق تقلّباً في العالم، والهدف هو منع التصعيد الذي قد يستدعي تورّط أطراف أخرى، وتأمين حماية للقوات الأمريكية.
وعلى الرغم من هذه التحركات العسكرية القوية، يظهر أن القوات الأمريكية ليست بمأمن من الهجمات، ومنذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، سجّل البنتاغون 23 هجوماً نفذها وكلاء إيرانيون باستخدام طائرات دون طيار وصواريخ، وتركزت هذه الهجمات على مواقع في العراق وسوريا، حيث تنتشر القوات الأمريكية، مع تسجيل تسع هجمات في العراق حيث يوجد نحو 500 جندي أمريكي، و14 هجوماً في سوريا، ويتمركز الجنود الأمريكيون في مناطق متعددة بشكل متفرق، وتأتي هذه الجهود كجزء من إستراتيجية مستمرة لمواجهة تنظيم داعش، وفي إشارة إلى نتائج هذه الهجمات، أفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأن معظمها فشل في تحقيق أهدافها.

تاريخياً، تعود المخاطر التي تواجه القوات الأمريكية إلى كارثة عسكرية في عام 1982، حينما قامت الولايات المتحدة بنشر مئات من مشاة البحرية كقوات حفظ سلام لفصل إسرائيل والفلسطينيين في لبنان بعد الغزو الإسرائيلي، وبغض النظر عن النيات السياسية الأصلية، انجرفت قوات حفظ السلام في النهاية إلى الاندساس في الحرب الأهلية في لبنان بعد عام وأصبحت هدفاً لجماعة حزب الله الناشئة في ذلك الوقت، في هذا الشهر قبل أربعين عاماً، في 23 أكتوبر 1983، قاد سائق انتحاري سيارته إلى ثكنات مشاة البحرية المؤلفة من أربعة طوابق في الفجر، وهو وقت كان فيه الجنود نائمين، ما أسفر عن مقتل 241 من أفراد البحرية، وكانت هذه هي أكبر خسارة في الأرواح العسكرية الأمريكية في حادث واحد منذ معركة إيو جيما اليابانية عام 1945، وكانت أيضاً أكبر انفجار غير نووي منذ الحرب العالمية الثانية.

وقد عبّر وزير الخارجية الأمريكي عن قلقه من تصعيد الميليشيات التابعة لإيران، وصرّح في مقابلة مع شبكة CBS Face the Nationفي 29 من الشهر الفائت: " نتخذ جميع الإجراءات اللازمة للتأكد من قدرتنا على الدفاع عن جنودنا، وإذا لزم الأمر، سيكون الرد بقوة.. ليس هذا هو ما نبحث عنه أو نرغب فيه على الإطلاق، ولكننا سنكون جاهزين إذا اختاروا القيام بذلك ".
وفي عالم متوتر يتّسم بالانقسامات، امتدت الحرب إلى أقاصي القارات وعواصم بعيدة، مع تأثيرها الملموس على حرم الجامعات المنقسمة، هذه الانقسامات لم تقتصر ببساطة على تأييد إسرائيل أو الفلسطينيين، بل تجاوزت ذلك إلى مظاهر عدّها البعض معادية للسامية، وفي الوقت نفسه، خرجت مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين من لندن إلى كوالالمبور.
في 31 تشرين الأول/أكتوبر، قاطع العديد من المتظاهرين مراراً شهادة وزير الخارجية أنتوني بلينكن أمام الكونغرس حول قضايا الأمن القومي الأمريكي، وحينها صرخت امرأة تحمل لافتة "لا لحصار غزة"، قبل أن يتم طردها من قبل الأمن.

ورفع بعض المحتجّين أيديهم الملطخة بالدماء في قاعة الكونغرس، وكتبوا "غزة" بالطلاء الأسود على سواعدهم، وبعد إزالة العديد من الأفراد الذين يحملون لافتاتهم الخاصة، انفجر الحشد في هتافات "وقف إطلاق النار الآن!" وتم طردهم أيضاً.

وحتى الحلفاء في حلف الناتو انقسموا بشأن الحرب، حيث وصفت الولايات المتحدة أعمال حماس بالوحشية، بينما وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل بأنها قوة احتلال ونفى تصنيف حماس كجماعة إرهابية.
الفكرة الآن هي أن التطبيع العربي الإسرائيلي قد يواجه تحديات ضخمة في تعزيز التوازن في الشرق الأوسط، خاصةً مع غضب الجماهير المتنافس، فالقادة الإقليميون الذين تعاملوا مع إسرائيل يواجهون ضغوطاً للتراجع، وربما أكثر من ذلك فقد لا تنتهي التباينات في وجهات النظر العالمية ببساطة بوقف القتال.

التعليقات (1)

    .

    ·منذ سنة 3 أسابيع
    لا اتوقع الدخول في الحرب او صدام عسكري مباشر الا اذا نوت الولايات المتحدة ذلك
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات