منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة، لم يدعم نظام أسد الفصائل الفلسطينية إلا بقليل من الشعارات وبكثير من الصمت، لكن رغم ذلك يحاول النظام التعاطي إعلامياً مع ما يجري في غزة من موقع المعني بالحرب، وليس من موقع المراقب، كما هو الحال.
وفي سبيل تحقيق ذلك، يُشيع النظام أنه يتحضر لدخول الحرب ضد الاحتلال من خلال قرارات "استعراضية"، آخرها اختبار جاهزية المستشفيات الميدانية، تحسباً لـ "اتساع دائرة الحرب في غزة وتحوّلها لمواجهات إقليمية"، على حد تأكيد وسائل إعلام موالية.
وقد سبق اختباره للمشافي الميدانية، تفقده حالة الملاجئ في دمشق، والتي تبيّن أن غالبيتها مؤجرة (سوبر ماركت، عيادات)، حيث أكد معاون مدير الدفاع المدني التابع للنظام محمد شعبان أن معظم الأقبية الموجودة والمجهّزة كملاجئ في الأبنية السكنية مؤجرة وهناك صعوبة في إخلائها"، كما اختبر نظام أسد صافرات الإنذار في مدينتي دمشق واللاذقية، وقد حملت وسائل إعلامه مسؤولية تعطّل غالبيتها لـ "الأعمال الإرهابية".
إيحاء إيراني
واعتبر الخبير العسكري والإستراتيجي العميد أحمد رحال" خلال حديث لـ أورينت نت، أن ما يقوم به نظام أسد بهذا الصدد ما هو إلا محض "استعراض هزلي"، في ظل الصمت المطبق وخذلان غزة من قبل ما يُعرف بـ "محور المقاومة"، متسائلاً في الوقت نفسه عما إذا كان نظام أسد وجيشه وميليشياته، يمتلكون أصلاً مستشفيات ميدانية مزوّدة بفرق متخصصة".
وأضاف: "هذه التدابير تُتخذ عادة قبل الحرب وبشكل سرّي، لكن الإعلان عنها على وسائل الإعلام ودون أن يجري تنفيذها على الأرض يُفقدها أي أهمية عسكرية"، مشيراً إلى أن إيران توحي لنظام أسد باتخاذ هذه التدابير لإرسال رسائل للاحتلال مفادها أن (المقاومة) تتحضر لدخول الحرب، علماً أن ذلك يبدو مستحيلاً".
تحسباً لقصف أمريكي
من جانبه، اعتبر العميد "عبد الله الأسعد" رئيس مركز رصد للدراسات خلال حديثه لـ أورينت نت، أن إعلان نظام أسد ما هو إلا "حركة استعراضية"، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن هذه الحركة تعبّر عن مخاوف نظام أسد وإيران من توسيع الولايات المتحدة للحرب في غزة.
وتابع: "نتيجة الإهمال الشديد والفساد في جيش أسد، وصل الترهّل إلى مستويات غير مسبوقة، بحيث بات نظام أسد يدرك أن مستشفياته العسكرية والميدانية لن تكون قادرة على التعامل مع قصف أمريكي للثكنات العسكرية، وخاصة للتشكيلات المهمة لديه كالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري".
ولفت إلى أن "احتمال توسّع الحرب وارد، وذلك نتيجة الوجود الأمريكي العسكري المكثّف في المنطقة، لذلك وبعد شهر من حرب غزة (وضع النظام يده على رأسه)، وبات متخوّفاً من امتداد الحرب إليه، علماً أن هذه الإجراءات لن تفيد نظام أسد بشيء".
سيناريوهات مُتفق عليها
بدوره أكد الباحث في مركز جسور للدراسات (وائل علوان) في حديث لـ أورينت نت، أن "التصعيد المحدود في جبهة الجولان هو خيار مطروح، وذلك على غرار ما يجري جنوب لبنان، لذا فإن نظام أسد يبدو جاهزاً للمشاركة في مسرحيات متفق عليها بشكل مباشر أو غير مباشر مع إسرائيل، وبالتالي فإن هذه الإجراءات تخدم ما يتم التخطيط له"، إلا أنه اعتبر في الوقت نفسه أن نظام أسد ملتزم بقرار مناصرة غزة بالتصريحات والمسرحيات الإعلامية فقط، المتناقض تماماً مع شعارات (وحدة الساحات) التي يتغنى بها محوره.
أما القيادي في الجيش الوطني النقيب "عبد السلام عبد الرزاق"، فقد استبعد احتمالية انخراط نظام أسد في مواجهة مع إسرائيل، وأن نظام أسد يحاول عبر هذه الإجراءات إيهام حاضنته بأنه يناصر القضية الفلسطينية، وأنه يتحضر لدخول الحرب، لا سيما بعد زيادة الضربات الإسرائيلية والمطالبات من حاضنته بالرد".
ورغم كل البروباغندا الإعلامية حول دخول نظام أسد الحرب، إلا أن ذلك لم يكن كافياً للتغطية على مسرحياته، حيث يتساءل موقع "سناك سوري" عن الأسباب التي تدفع بنظام أسد للتفكير بالملاجئ وصافرات الإنذار، رغم أن هذه التدابير لم تتخذ رغم مضي 12 عاماً على الحرب في سوريا، والتي قصفت خلالها إسرائيل مواقع نظام أسد وإيران مئات المرات، وسط احتفاظ نظام أسد وحلفائه على الدوام (بحق الرد) كسلاح فتّاك وفعّال ومناسب في جميع الأوقات.
التعليقات (3)