سببان وراء تسابق روسيا وتركيا على "حماس".. هل تقبل إيران؟

سببان وراء تسابق روسيا وتركيا على "حماس".. هل تقبل إيران؟

لم تكن قد مضت سوى أيام قليلة على آخر لقاء بين الديبلوماسية الروسية وممثلي حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، حتى اندلعت الحرب الجديدة في غزة، ما جعل موسكو توجه دعوة لقيادة الحركة في الخارج من أجل زيارتها.

دعوة أثارت حفيظة إسرائيل والغرب بشدة، كما هو الحال مع التصريحات التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعلى وجه التحديد تلك التي أكد فيها أن حركة حماس ليست منظمة إرهابية.

موقفا روسيا وتركيا من "حماس" وبالطبع مما يجري في غزة كانا لافتين وبشدة، إذ ورغم التوقعات المسبقة بأن البلدين سيناهضان أي هجوم أو قصف على القطاع المحاصر، إلا أن الموقف من الحركة التي تتعرض لحملة تأليب غير مسبوقة في الغرب، كان متقدماً وأثار الكثير من الأسئلة، كما استدعى العديد من التحليلات، كان أهمها أن أنقرة وموسكو تريدان تعزيز موقف حماس من أجل إفشال مخططات الغرب الساعية لـ"تغيير الشرق الأوسط".

وكان وفد من "حماس" بقيادة موسى أبو مرزوق قد وصل إلى العاصمة الروسية يوم الخميس الماضي، بالتزامن مع وصول نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري إلى هناك، حيث استمرت الزيارة لمدة ثلاثة أيام.

ورغم محاولات روسيا امتصاص الغضب الإسرائيلي من هذه الزيارة، حين اقتصرت لقاءات وفد حماس على مساعدي وزير خارجيتها، وتأكيدها أن المحادثات تركزت على السعي لـ"إطلاق سراح الرهائن"، إلا أن أهدافاً أبعد تسعى إليها روسيا من هذه الخطوة بالتأكيد.

استعادة الدور التاريخي

فمن جهة ترى موسكو أن التداخل في الحرب الجارية في غزة يمكن أن يسبب مأزقاً للغرب، كما يمنحها فرصة لزيادة تأثيرها في المنطقة، واستعادة دورها كعضو في اللجنة الرباعية الأولية الراعية للسلام بين العرب وإسرائيل، والتي باتت مهمشة منذ وقت طويل.

ومن جهة أخرى، لا يُستبعد أن تكون روسيا قد تنبهت إلى أهمية القوى غير النظامية في المنطقة من أجل مجابهة الخطط الغربية المعادية لها في النهاية، حيث تعتبر حركة حماس واحدة من أهم هذه القوى لسببين:

الأول أنها حركة سنّية مقبولة من شعوب المنطقة العربية، والثاني أنها تنظيم محلي ليس لديها أي أجندة خارج حدودها الوطنية.

وهنا يؤكد المحلل السياسي الدكتور نصر اليوسف أن العلاقة بين روسيا وحركة حماس ليست طارئة أو وليدة الحالة اليوم، بل هي قديمة وتعود للإرث السوفييتي بما يخص احتضان ما يسمى حركة التحرر الوطني في العالم.

أما السبب الذي يدعو موسكو لاستقبال وفد من حماس في هذه اللحظات المتوترة، فهو تذكير العالم بضرورة التوقف عن تهميش اللجنة الرباعية الدولية التي تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالإضافة إلى روسيا، حيث جددت موسكو موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي بضرورة انسحاب الاحتلال حتى حدود حزيران 1967 والتأكيد على استعدادها لاستئناف دورها في التسوية على هذا الأساس.

اليوسف، وهو متخصص في السياسات الروسية، يرى أنه "ومن خلال ذلك، فإن روسيا تقول إنه رغم خوضها مواجهة مع الغرب في أوكرانيا، إلا أنها لم تنسَ دورها كقوة عظمى في حفظ الأمن الدولي، بالإضافة طبعاً إلى رغبتها في لعب دور بالمفاوضات حول تبادل الأسرى وإطلاق سراح الرهائن، ما يزيد من حضورها ونفوذها".

تركيا بين المبادئ والمناكفة مع الغرب

ويؤيد اليوسف في ما ذهب إليه الباحث المتخصص بالجماعات الإسلامية عباس شريفة، الذي يرى أن من مصلحة الروس والأتراك بالفعل اتخاذ هذه المواقف ودعم حماس على الأقل معنوياً وسياسياً.
وقال في تصريح لـ"أورينت نت": بالنسبة لروسيا فهي تأمل أن يسهم الانفجار الحالي في الشرق الأوسط بتشتيت أنظار الغرب المتركزة على الحرب في أوكرانيا، وتوزيع الاهتمام والجهد الأوروبي-الأمريكي المنصب عليها حتى ما قبل 7 تشرين الأول/أوكتوبر ليكون على جبهتين ما يريحها، ولذلك فهي لا تريد أن تنهزم حماس.

أما فيما يخص تركيا، فإن شريفة، وهو باحث في مركز جسور للدراسات يقول: إن موقفها جاء بعد التصعيد الإسرائيلي الكبير في غزة والذي حظي بدعم غربي كامل، وعندما تقول أنقرة إن حماس ليست منظمة إرهابية، فهي توجه رسالة للغرب مضمونها أن التصنيفات لا تكون على مقاسكم، فكما إنكم لا تعتبرون حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) فرع حزب العمال الكردستاني في سوريا، منظمة إرهابية، فنحن أيضاً لا نعتبر حركة حماس منظمة إرهابية.

ويضيف: بالإضافة إلى ما سبق هناك سببان في تشكيل موقف الحكومة التركية المتقدم، الأول الاستجابة لغضب الشارع التركي العارم بسبب ما يحدث في غزة والدعم الغربي اللامحدود لإسرائيل، والثاني الاستثمار في مرحلة ما بعد نتنياهو في إسرائيل، حيث اقتنع الكثيرون أن رئيس الحكومة الإسرائيلية انتهى سياسياً، وبالتالي يمكن لأنقرة أن توسع من تأثيرها في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال هذا الموقف وما سيترتب عليه.

ورغم اتفاقه مع شريفة في النظرة للموقف التركي، فإن د. نصر اليوسف يشدد على أن موقف أنقرة هذا ينسجم والموقف التاريخي لحزب العدالة والتنمية من القضية الفلسطينية، حيث كان الحزب وحلفاؤه بالسلطة حاملاً مهماً لإعادة فلسطين كقضية أساسية في الوجدان الشعبي التركي، واليوم فإن حكومة أردوغان تؤكد على هذا الأمر الذي يمنحها كذلك استمرار الحضور الفاعل بالمنطقة.

من الواضح إذاً أنه وبينما يريد الغرب مع إسرائيل القضاء على حركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، ما يخرج هذه الفصائل من الحسابات، تريد القوى المناهضة للغرب أو المتخوفة من أجنداته المتعلقة بالشرق الأوسط، دعم الحركة التي تعتبر أقوى الفصائل الفلسطينية اليوم من أجل إفشال مخططات الغرب للمنطقة.

ومع الاعتقاد المتزايد بأن المحيط العربي الرسمي لا يمانع بأغلبه في القضاء على هذه الفصائل، تجد كل من روسيا وتركيا أنها فرصة سانحة لاستقطاب الحركة أكثر إلى ناحيتهما، وتوسيع التعاون فيما بينهم خاصة مع الاتفاق في الأهداف، لكن السؤال الذي يطرحه هذا السعي هو ما إذا كانت إيران ستقبل بذلك وتسمح بنفوذ دول جديدة داخل الحركة حتى وإن كانت هذه الدول صديقة أو حليفة لها.

التعليقات (4)

    مصطفى

    ·منذ 5 أشهر 3 أسابيع
    اتوقع بأن حماس والجهاد سيجنحوا أكثر باتجاه تركيا وروسيا وذلك بعد الهدوء الذي سيسود الحرب القائمة لان إيران خذلتهم في هذه المعركة الفاصلة وكل ما المفاجئة الكبرى لهم بعدم دخول حزب اللات المعركة بأوامر إيرانية وكذلك تبدل الموقف السياسي الايراني من اسرائيل وامريكا. بالمختصر الحرب على غزة أسقطت ورقة التوت عن إيران وعداؤها لإسرائيل وعلمت حماس جيدا بأن قم تستخدمها وليس هدفها تمرير فلسطين والأقصى؟؟؟

    علي

    ·منذ 5 أشهر 3 أسابيع
    في كثير من المناسبات ترى العرب خارج الحسابات بل ويبحثون عمن يفكر عنهم لقد وصل الوضع العربي لدرجة البلاهة السياسية والعته الاستراتيجي الذي ينذر بكارثة كبرى يعتقدون بأنهم في منئ عنها ........ .....ويل للعرب من شر قد اقترب...
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات