كشفت منصة إيكاد والتي تُعنى بتحقيقات (استخبارات المصادر المفتوحة) عن تحقيق حول نشر قنوات تيليجرام إسرائيلية لمحتوى إجرامي صادم وسادي عنيف، يثبت جرائم تمثيل بجثث فلسطينيين بطريقة وحشية، وتحريض على قتل الأطفال والنساء الأبرياء.
وتمكّن التحقيق من الوصول لعدة مجموعات على تيليجرام، وتحليل جزء بسيط من محتوى هذه المجموعات، والقائمين عليها، منها مجموعات أربع نشطت تزامناً مع عملية "طوفان الأقصى"، تحت اسم "Terrorists_are_dying"، ومن خلال تحليل رقمي دقيق لكلّ ما تنشره هذه المجموعات على تيليجرام، وُجِد أنها تنقسم إلى: توثيق جرائم التمثيل والتنكيل بالجثث التي تعد جرائم إرهاب دولية، ودعوات كثيفة بقصف المدنيين وقتل أطفالهم في غزة، والاعتراف بالمجازر والفخر بها والتشجيع عليها، إضافة إلى السخرية من جثث القتلى.
#تحقيقات 🧵| إيكاد تكشف قنوات تيليجرام إسرائيلية تنشر محتوى إجرامي سادي عنيف، تنكل بالقتلى، تهزأ بهم وبجراحهم وجثثهم، وتحرض على قتل الأطفال والنساء الأبرياء، وتنشر مقاطع مصورة تثبت جرائم تمثيل بالجثث بطريقة وحشية.
— Eekad - إيكاد (@EekadFacts) October 21, 2023
‼️⚠️ ما كشفناه في هذا التحقيق من بشاعة في المحتوى صادم وعنيف… pic.twitter.com/uIjxgwoDTk
ماهي الجرائم؟
استعرض التحقيق مجموعة من التوثيقات البشعة التي تظهر التنكيل بالجثث والتمثيل بها، حيث تم معاينة:
- قيام إسرائيلي في مقطع الفيديو بضرب جثة قتيل فلسطيني بعصا ممسحة، وإدخالها في تجويفات عينيه وشتمه بألفاظ نابية.
- مقطع يظهر طعن إسرائيلي لجثتين من قتلى مقاتلي القسام في كافة جسديهما وقد انهال عليهما بالشتائم.
- السخرية والاستهزاء بجثث القتلى، عبر نشر صورة لجثامين قتلى فلسطينيين والمطالبة بتقطيعها وتحويلها لقطع "بسطرمة" وإطعامها لسكان قطاع غزة.
- تشبيه الضحايا والقتلى بالخنازير والتعليق الساخر عليها: "تحدي البحث عن الخنزير جار حالياً.. من يستطيع التعرف على عدد الخنازير الذين تم إقصاؤهم في الصورة".
- نشر صورة لقتيل وُصفت جراحه بـ "روث الحيوانات"، وأرفقت بدعوة لقتل المزيد من الفلسطينيين في غزة.
- مقطع فيديو يوثّق عشرات القتلى والمصابين جراء قصف إسرائيلي عنيف، وقد تمّ تشبيه دماء المصابين بصلصة الطماطم وأشلاء القتلى بالأفوكادو.
- نشر صورة جثة مصور رويترز "عصام عبد الله" الذي ظهر وقد غطّت الدماء وجهه، ليعلق عليها أحد الإسرائيليين بأن عصام قد أكثر من المكياج، مشبهاً هذه الدماء بالمساحيق التجميلية.
- نشر مقطع يظهر جثة صحفي لبناني قُتل بعد القصف وقد ظهرت جثته محترقة بشكل كامل وممزقة، حيث كتب معها: "الخنزير اللبناني قد وضع في الفرن لكي يخبز".
- تشويه جثث الأطفال، حيث شبّه أحد الإسرائيليين جثة الطفل الذي قُتل جراء القصف بـ "قطعة لحمة يود أن يأكلها"، معلقاً: "أخيراً قطعة من اللحم يمكن وضعها في خبز البيتزا".
- تعديل صورة أصلية تظهر الصلاة على القتلى الأطفال، حيث استبدلت جثث الأطفال فيها بالخنازير عبر الذكاء الاصطناعي، وعُلّق عليها: "تحوّل رعاة الأغنام إلى الخنازير".
- التشجيع على المجازر، وقد ظهر ذلك بعد مجزرة المعمداني، حيث نشر أحد المتفاعلين على المجموعات الإسرائيلية فيديو القتلى المجزرة، مطالباً بالتبرع بأكياس قمامة لجمع الجثث وأشلائها ساخراً من أن أكياس الجثث قد نفدت.
- نشر صورة تظهر دماء قتلى ومصابين في أحد مستشفيات قطاع غزة، إذ علّق عليها "شخص هنا يستعد بالفعل لخسارة العذرية وقد مزقت ملابسه بالفعل.. ".
من ينشر على هذه المجموعات؟
حسب التحقيق، فإن جنود قوات الاحتلال لا ينشرون على هذه المجموعات، بل من ينشر هم مستوطنون، مدنيون إسرائيليون من مختلف أطياف الشعب الإسرائيلي، كما إن بعض هذه المجموعات أنشئ بعد بداية العملية يوم 7 أكتوبر، وبعضها قديم أنشئ منذ أكثر من سنة ونصف، ويتجاوز عدد المشتركين فيها 80 ألف مشترك إسرائيلي، يتحدثون بالعبرية وينشرون محتوى متطرفاً.
وقد تم تأسيس هذه المجموعات من قبل جماعات إرهابية إسرائيلية، فأحد الحسابات المركزية فيها يسمّي نفسه "الموت للعرب" ويضع صورة الحاخام "Yoshiyahu Pinto"، وهو حاخام مغربي إسرائيلي بارز، بارك خطوات جماعة متطرفة توصف، بحسب الإعلام الإسرائيلي، بـ "طالبان اليهودية" ويتم ملاحقة عناصرها عالمياً لأعمالهم غير قانونية مع الأطفال بما فيها الزواج.
فيما تجدر الإشارة إلى أن الإسرائيليين يستخدمون في مجموعات التليجرام صوراً لقادة هذه الجماعات، ما يعني أن المشرفين على هذه القنوات إما متعاطفون مع هذه الحركات المتطرفة البيدوفيلية، أو منتمون لها ولحاخاماتها.
وخلُصت منصة التحقيق (إيكاد) إلى استعدادها لمشاركة نتائج وبيانات هذا التحليل الرقمي الدقيق مع مؤسسات دولية وحقوقية لإجراء اللازم، والذي يثبت ضلوع مستوطنين بجرائم وانتهاكات دولية متعددة الأشكال ونشرهم دعوات إرهابية وحشية، والتحريض على القتل ضد الفلسطينيين والأطفال والنساء.
إسرائيل دعشنة واضحة
يعيدنا تحقيق منصة إيكاد إلى العنف المفرط وجرائم الحرب التي انتهجها عناصر تنظيم داعش، إبان سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسوريا قبل سنوات، إضافة إلى التفنّن بعمليات القتل وأساليبه والتمثيل بالجثث، وقد تمّ تسليط الضوء الإعلامي العالمي على تلك الجرائم في تلك الحقبة، بزخم كبير، فيما يتعمّد الإعلام العالمي تغييب تغطيته عن أساليب المستوطنين ودعواتهم لقتل الفلسطينيين ونسائهم وأطفالهم، لا بل والتمثيل بجثثهم وعكس صور قتل سادية واستهزاء جديدة مستوردة من أدبيات القتل والذبح الداعشية، ما يمكن اعتباره إستراتيجيات فعالة لإخافة الفلسطينين، أو بدوافع دينية يهودية متطرفة، ولا سيما أن التحقيق يظهر تأسيس مجموعة تسمي نفسها "الموت للعرب" وتضع صورة حاخام متطرف لجماعة يهودية متشددة تعرف بـ "طالبان اليهودية" معروفة بالاتجار بالبشر وارتكاب جرائم جنسية فادحة، وإجبار أطفال على الزواج، وإجبار فتيات على ممارسة الجنس.
في حديثه لأورينت، يشير المحامي عبد الناصر حوشان، إلى أن حالة النفاق الدولي تجلّت واضحة تماماً في حرب غزة، وظهرت على العيان للقاصي والداني، فسابقاً كان العالم يضجّ بجرائم داعش وطرق قتلها وانتهاكاتها ولا سيما ضد الأقليات في سوريا والعراق، في حين أن العالم كله يتعامى الآن على دعوات مستوطنين إسرائيليين للتمثيل بجثث الفلسطينيين والتنكيل بهم بعيداً عن الآدمية، وبشكل أقرب لتصرفات وحوش برية.
مضيفاً، أن ما يظهر على وسائل الإعلام ما هو إلا انعكاس لطبيعة الإسرائيليين الحقيقية المتعطشين للدماء، والكارهين للعرب، لأن حكومتهم بالأصل تنتهج هذا النهج وتشجّع عليه عبر مجازرها الحاصلة الآن.
التمثيل بالجثث.. رأي القانون الدولي
تنصّ القاعدة 113 من مدونة القانون الدولي الإنساني العرفي، على أنه يتخذ كل طرف في النزاع كل الإجراءات الممكنة لمنع سلب الموتى ويحظر تشويه جثث الموتى، وتنطبق هذه القاعدة على النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.
كما تنصّ القاعدة 115 على وجوب معاملة جثث الموتى بطريقة تتسم بالاحترام وتحترم قبورهم وتصان بشكل ملائم، مشتركة مع اتفاقيات جنيف أيضاً، والتي توجب دفن الموتى، إذا أمكن، وفقاً لشعائر دينهم، إضافة لاحترام رفات الموتى وإعادتها إلى أقارب الموتى إن أمكن.
يؤكد المحامي حوشان، أن الحكومات الغربيّة التي تتشدّق بالديموقراطيّة وحماية حقوق الإنسان هي حكومات منافقة لا تتمتّع بأي مصداقيّة فيما تدّعيه ولا تخجل من إظهار هذا النفاق بكل وقاحة عندما تتعارض مصالحها مع قيم الديموقراطيّة، وحقّ الشعوب الأخرى، أو إحكام القانون الدوليّ، والقانون الدولي الإنساني، حيث تهرع إلى نصرة الأنظمة الاستبداديّة والكيان الصهيوني الغاصب للأراضي.
كما تجلّى النفاق في قيام المؤسسات والوكالات الإعلاميّة بتحذير موظفيها أو مراسليها من إبداء أي موقف يعارض العدوان الإسرائيلي أو يكشف حقيقة ما يتعرّض له الفلسطينيون في غزّة من جرائم إبادة، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة، وعدم تسليط الضوء على دعوات التحريض من المجتمع الإسرائيلي لقتل الفلسطينيين بطرق بشعة مشابهة لمحاكم التفتيش، حسب حوشان.
التعليقات (2)