للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، أعلنت قوات الفجر استهدافها لإسرائيل عبر الجنوب اللبناني المسيطر عليه عسكرياً من قبل ميليشيا حزب الله - كما هو معروف- بعدة صواريخ.
وعزت قوات الفجر قيامها بالقصف الذي حققت فيه إصابات مباشرة حسب وصفها، "رداً على العدوان الصهيوني الذي طال ويطال السكان في جنوب لبنان من مدنيين وصحفيين، فضلاً عن قصف المنازل والمساجد وتدميرها".
وفي بياني القصف أكدت القوات تعاطفها مع غزة "شعباً ومقاومةً في مواجهة العدوان الصهيوني الغاشم"
ولمن لا يعلم، فقوات الفجر هي الجناح العسكري للجماعة الإسلامية اللبنانية "السُنية" التي تأسست عام 1964 أي قبل تأسيس ميليشيا حزب الله بنحو 20 عاماً.
ورغم أن الجماعة شاركت بالقصف والقتال في عام 2000 وفي عام 2006، إلا أن "الجزيرة" وصفت قصفها لإسرائيل مؤخراً تطوراً نوعياً، وهو ما يؤكد أن ميليشيا الحزب تسمح للجماعة وحتى غيرها من الجماعات السُنية في الجنوب بالخروج للضوء متى وكيف تشاء، ثم تحتكر إعلامياً وسياسياً "المقاومة" ضد إسرائيل لوحدها، أي إنها تشركهم في المغرم فقط.
ولم يقل نائب رئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية الدكتور بسام حمود، ذلك صراحة، لكنه أشار لمعلومة مهمة جداً قد تكون معروفة ولكنها منسية وهي أن المناطق الحدودية بين لبنان وفلسطين والتي تجري فيها العمليات العسكرية الحالية بين ما أسماها "فصائل المقاومة والكيان الصهيوني"، هي بمعظمها مناطق وقرى (سُنية) ابتداءً من منطقة العرقوب وصولاً للقطاع الغربي في قرى يارين ومروحين والضهيرة والبستان وغيرها، وحضور الجماعة متأصل فيها بين أهله ' لذلك فهي ليست مناطق خاضعة لنفوذ حزب الله ديموغرافياً، ووجودنا كفصيل مقاوم موجود فيها بشكل طبيعي.
لكنه أكد أن هناك تعاوناً وتنسيقاً مع الحزب بموضوع المقاومة منعاً لحصول أي خلل في ميدان المعركة". على حد تعبيره.
وما لم يشأ قوله أو الاعتراف به حمود، ربما بداعي ما ذكره حول الحاجة في هذا التوقيت "لتوحيد الجهود ورصّ الصفوف وتجاوز الخلافات السياسية"، قاله الصحفي اللبناني أحمد الأيوبي بوضوح، وهي أن المناطق الحدودية مع إسرائيل بالجنوب وهي حوالي 9 قرى سُنية، ومنها شبعا ومزارعها، ممنوع على أهلها أن يعملوا مقاومة ضد إسرائيل، إلا بإذنه، رغم أن شرعية وجود "حزب الله" مأخوذه من هذه القرى، وبدونها لا يمكن أن يستمر بحمل سلاحه بحجة تحرير أراضٍ لبنانية.
أهداف ميليشيا " نصر الله"
يتّفق الصحفيان اللبنانيان طوني بولس والأيوبي بأن ميليشيا حزب الله هي من سمحت للجماعة بأن تقصف إسرائيل في هذا التوقيت، لأن الميليشيا تريد أن توجه رسائل لإسرائيل والمجتمع الدولي أنها حالة وطنية ومغطاة من السُنة ومن جميع مكونات المجتمع اللبناني وليس حركة شيعية طائفية تتبع لإيران.
وبحسب بولس فإن ميليشيا حزب الله تهدفُ أيضاً من السماح لهذه الفصائل السُنية بقصف إسرائيل، التنصّل وعدم تحمّل المسؤولية عن القصف في حال واجهت خطراً حقيقياً، حيث تزعم حينها أن من قام بالقصف فصائل غير منضبطة "كالجماعة الإسلامية وحماس وسرايا المقاومة"، وهو ليس له علاقة بشكل مباشر.
وهذا الأمر (اشتراك الجماعة الإسلامية بالقصف على إسرائيل)، اعتبره الأيوبي "تهوّراً" مدفوعاً برغبة جمهور الجماعة لتسجيل الحضور في هذه المناسبة، لكنه لن يصبّ إلا في مصلحة " إيران وحزب الله"، وخاصة وأن الجماعة هي أكبر الحركات السُنية في لبنان.
وكلا الصحفيين لم يعوّل على هذا القصف، فاعتبر بولس أن لا قيمة عسكرية له بمعزل عن ميليشيا حزب الله، وهوّن الأيوبي منه على اعتبار أن الجماعة إمكاناتها العسكرية أصبحت محدودة بعد عام 2000.
"وحدة الساحات" ورفع الحرج عن إيران وحزب الله
ما ذكره الأيوبي واعتبره "تهوّراً" وما اعتبره بولس غطاءً وتهرباً لميليشيا الحزب وإيران، لا يبدو أنه يغيب عن تفكير الجماعة، لكن وبحسب نائب رئيس مكتبها السياسي فإن "نصرة غزة واجب ديني وأخلاقي وإنساني أمام ما تشهده من حرب إبادة، ونحن كفصيل مقاوم نقوم بواجبنا وفق إمكانياتنا على كل المستويات العسكرية والإغاثية والإعلامية والشعبية، كما إن عديداً من الفصائل الفلسطينية تشارك من جنوب لبنان في قصف "إسرائيل" ومشاغلتها قدر المستطاع".
أما بالنسبة للحزب فهو قد أعلن سابقاً أن الحد الفاصل لتدخّله الفعلي، هو بدء اجتياح "إسرائيل" لغزة
ومن غير المعروف إذا ما كان ماقاله نائب رئيس الجماعة أعلاه وتصريحه لموقع أورينت "أنهم ليسوا في أي محور، وأن على من أطلق التوصيفات في إشارة إلى "نظرية وحدة الساحات"، وعقد اتفاقات ضمن محور المقاومة أن يلتزم بما تعهّد به"، كافياً لتبرير الخدمات المذكورة آنفاً والتي قد تجنيها إيران وميليشيا الحزب من هذه الأفعال.
فالمحور الذي أطلق هذه النظرية يستثني حتى الآن أهم ساحة وفق ادّعائه وهي فلسطين، بعدما قامت حماس "السُنية" بمعركة طوفان الأقصى ضد إسرائيل في السابع من تشرين الأول الجاري لوحدها دون أن تطبّق إيران ومحور مقاومتها المزعوم، حتى الآن نظريتها تلك رغم مرور أكثر من 15 يوماً على الحرب، وقيام إسرائيل بقتل أكثر من 4000 آلاف مدني بالقصف على غزة، وفي كل مرة يتنصّل بما ألزم به نفسه بذرائع مختلفة.
التعليقات (13)