25% ترك التعليم المفتوح.. التنقل يقصم ظهور طلاب الجامعات بمناطق أسد

25% ترك التعليم المفتوح.. التنقل يقصم ظهور طلاب الجامعات بمناطق أسد

لم يكن يتوقع طلاب الجامعات في مناطق ميليشيا أسد الذين عانوا مختلف أنواع الأزمات خلال السنوات الماضية، أن تقف أجور التنقل، التي زادت من الأعباء والمصاريف الدراسية، حائلاً أمام إكمال تحصيلهم العلمي، يدفعهم إلى التفكير الجدي في ترك مقاعدهم الجامعية والفرار خارج البلاد.

ويعتبر كثير من السوريين أن التعليم في مناطق سيطرة ميليشيا أسد أصبح حكراً على بعض فئات المجتمع، حيث يسير النظام نحو الخصخصة، مع تخلي حكومة أسد عن مجانية التعليم وارتفاع الرسوم الدراسية ورسوم التسجيل والسكن الجامعي، التي تزيد أعباء الأهالي المادية في ظل أزماتهم المعيشية المستمرة.

تكاليف السفر تزيد المشكلة

ورغم انسحاب آثار الأزمات الاقتصادية وغلاء المعيشة والارتفاعات المتتالية في أجور المواصلات على جميع قاطني مناطق سيطرة مليشيا أسد، إلا أنها تحمل وقعاً خاصاً على طلاب الجامعات وأسرهم.

حيث فاقم قرار رفع شركات الطيران والنقل البري أسعار تذاكر السفر بين المحافظات السورية بمعدل 30 في المئة، أوضاع الطلاب في المناطق البعيدة عن الكليات الجامعية في دمشق وحلب، ما دفع كثيراً منهم إلى التفكير الجدي في هجرة مقاعد الدراسة.

ويعتبر صهيب من سكان مدينة حماة ويدرس في جامعة حلب، أن الموازنة بين المصاريف الدراسية ومدخول عائلته صار شبه مستحيل، بسبب ارتفاع أجور السفر والمواصلات عموماً التي تزيد الضغط على المصاريف الدراسية.

ويوضّح صهيب، أن "التكلفة الشهرية لدراسته بلغت 700 ألف ليرة، وتشمل رحلة الذهاب إلى الجامعة والعودة إلى المنزل وأجور النقل داخل مدينة حلب، ووجبات الطعام والمستلزمات الجامعية التي نضطر لشرائها".

ويقول أيضاً: أحياناً يتجاوز مصروفي الشهري المليون ليرة، إذ أضطر إلى السفر والعودة في ذات اليوم، بعد أن أصبح المبيت عند زملائي الحلبيين أو المستأجرين لشقق جامعية أمراً مرهقاً نفسياً بالنسبة لي، بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها الجميع.

ويفكر صهيب في ترك دراسته في كلية الهندسة المدنية ومغادرة البلاد بحثاً عن عمل يعيل منه أسرته بسبب تراكم الديون، مضيفاً: أصبحت الدراسة متعبة لي ولعائلتي التي تقتطع من طعامها لتأمين مصاريف الدراسة، خاصة وأننا لا نملك معيلاً خارج البلاد مثل كثير من السكان هنا، حيث نعيش على مرتّب والدي الحكومي وعمله في أسواق المدينة.

الشهادة الجامعية تفقد قيمتها

بدورها تعتبر شمس وهي طالبة في كلية الطب بجامعة دمشق، أن "أجور التنقل داخل المدينة والرسوم المتزايدة التي تبدع الجامعات بفرضها على الطلاب والمستلزمات الدراسية كفيلة بهجرة الدراسة والتخلي عن الشهادة".

وكانت وزارة التعليم العالي في حكومة ميليشيا أسد، قد رفعت الرسوم الدراسية للمواد والمستلزمات العلمية والتدريسية، وشملت الرسوم السنوية ورسوم الشهادة لكل درجة جامعية، والامتحانات التكميلية وغيرها، بحيث يتجاوز الحد الأدنى من الرسوم المفروضة وزارياً 200 ألف ليرة سنوياً.

وتوضح شمس أنها انقطعت عن الحضور بعد تعليق دراستها في السنة الثالثة، لعدم قدرة عائلتها على تحمّل المزيد من المصاريف بسبب الوضع الذي تعيشه، وتزايد قناعتهم بفقدان الشهادة الجامعية لقيمتها.

وتقول: بسبب انعدام الباصات والسرافيس، أو اكتظاظها في حال وُجدت لدرجة تمنع النساء من الركوب، أضطر إلى ركوب سيارة تكسي ودفع 20 إلى 30  ألف ليرة رحلة ذهاب وعودة، ما يعني إنفاق أكثر من 200 ألف ليرة شهرياً على المواصلات فقط، عدا عن عشرات الآلاف التي تفرض علينا شهرياً كرسوم وخدمات جامعية واستخدام معدات وغيرها.

وتضيف: لم يعارض والداي قرار تركي الجامعة، خصوصاً وأن موجات الغلاء الدائمة قد أجهزت على حاضر ومستقبل الجميع، وحوّلت مصاريف الدراسة إلى هم زائد يرهق جيوب الأهل وتفكير الطلاب.

وكانت نائب رئيس جامعة دمشق لشؤون التعليم المفتوح رغداء نعيسة، قد أكدت على أن نسبة الطلبة المستنفدين أو المنقطعين قد تجاوزت 25 في المئة من طلاب التعليم المفتوح فقط، في جامعة دمشق.

اللجوء طوق النجاة الوحيد

ويتشارك يوسف، وهو طالب في كلية الهندسة الكهربائية بجامعة حلب، معاناة نسبة كبيرة من الطلاب، رغم شغله وظائف عدة لتغطية نفقات دراسته، مشيراً إلى أن "زيادة الأعباء المادية والقلق الدائم من السوق إلى الخدمة الإلزامية، دفعني لتقديم ملف لجوء إلى السفارة الألمانية".

ويوضح أنه يشرف على عمل مجموعة مولدات في المدينة وتمديد خطوط الأمبيرات وإصلاح الأعطال الكهربائية، إضافة إلى تركيب منظومات الطاقة الشمسية وغيرها من الأعمال التي تدخل اختصاصه "ومردود هذه الأعمال لا يغطي مصاريف الجامعة".

ونتيجة هذه الظروف، ارتأى يوسف أن خيار الهجرة هو الأفضل للتخلص من بؤس الحياة في سوريا والحصول على فرص أفضل تساعده في بناء مستقبل واضح، مردفاً: بدأت أحضر دروس لغة ألمانية لتعزيز ملفي وزيادة فرص قبول لجوئي إلى ألمانيا.

تأتي معاناة طلاب الجامعات وسط تراجع مستوى التعليم في مناطق سيطرة مليشيا أسد، وتفشّي الفساد والانحلال الأخلاقي وانتشار المخدرات، لتزيد الضغوط والأعباء على الجامعيين وتدفعهم لترك مقاعد الدراسة والتفكير في السفر كفرصة أخيرة للنجاة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات