بقرار أسدي أم لغاية في نفس إيران.. لماذا طُرد الحوثيون من دمشق؟

بقرار أسدي أم لغاية في نفس إيران.. لماذا طُرد الحوثيون من دمشق؟

غطى الحدث الغزاوي على ما سواه من أحداث المنطقة والعالم، ومنها إغلاق نظام أسد للسفارة اليمنية في دمشق، في الحادي عشر من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، بعد سنوات من تسليمها لحكومة أنصار الله اليمنية (الحوثيين) غير المعترف بها دولياً.

وفيما عدّها البعض انتكاسة للتمثيل الدبلوماسي للجماعة، قد تحمل الخطوة الأسدية دلالات أخرى تتعدى فشل التمثيل، لتندرج في إطار التطبيع العربي-الأسدي، أو حتى بداية خروج أسد عن القيد الإيراني المحكم، إلى البحث عن مصالحه الذاتية، حتى لو تعارضت مع مصالح إيران، أحد شرايين الحياة لنظامه لغاية اليوم.

ووفقاً لمصادر خاصة، أشارت منصة الحدث اليمني، إلى طلب حكومة أسد من ممثلي ميليشيا "الحوثي" مغادرة البلاد في أقرب فرصة، وأن كبير ممثلي الميليشيا "السفير" عبد الله صبري، غادر دمشق إلى بيروت بدعوى العلاج، قبل أسبوع من هذا الطلب.

وقد شهدت العاصمة المصرية، القاهرة، في أيلول/سبتمبر الفائت، على هامش اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، لقاءً جمع وزير خارجية حكومة اليمن الشرعية، أحمد عوض بن مبارك، بوزير خارجية أسد، فيصل المقداد، تناولا خلاله العلاقات الثنائية بين الجانبين، ومستجدات الأوضاع في المنطقة في تحوّل لافت للعلاقة بين "الجانبين".

حينها، اعتبر المستشار السياسي والإعلامي اليمني، لطفي نعمان، اللقاء خطوة أسدية لفتح "صفحة جديدة في علاقات البلدين الرسمية بموجب التفاهمات الإقليمية"، تنتظر "قرار السلطات الإيرانية".

وإلى ذلك، أشار المحلل السياسي اليمني عبد الهادي العزعزي، إلى "أن هناك تغيراً كبيراً في الموقف السوري"، معتبراً أن "هذا التغيّر قد يؤدي إلى إعادة النظر في مسألة السفارة اليمنية في دمشق، ومسألة الاعتراف بميليشيا الحوثي، أو علاقة النظام السوري بالمليشيا المستولية على العاصمة صنعاء".

بدوره، يؤكد الإعلامي والمحلل السياسي السوري، قحطان الشرقي، في حديثه لموقع أورينت، أن القرار الرسمي لم يكن نابعاً من النظام السوري أو بإرادته، إنما جاء نتيجة ضغوط إيرانية، حسب اعتقاده، في محاولة من الأخيرة لإظهار حسن نواياها تجاه الرياض، وأنها قادرة على الضغط على النظام السوري، أو القول إنها من تتحكم بالنظام السوري، والذي لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يخرج عن عباءتها.

على مذابح التطبيع

رداً على القمع الوحشي والجرائم واسعة النطاق التي ارتكبها نظام أسد بحق الثائرين السلميين والسوريين عموماً، أقدمت اليمن، إلى جوار دول عربية، على قطع علاقاتها الدبلوماسية معه عام 2011، وتضاعفت هذه القطيعة عام 2015، نتيجة دعم أسد للحوثيين في مواجهة "تحالف دعم الشرعية"، وتسليمه سفارة اليمن "للحوثي"، ومن ثم، قبوله سفيراً للمليشيا في دمشق في آذار/مارس 2016، ما اعتبرته الحكومة اليمنية الشرعية "مخالفاً للمواثيق والأعراف الدولية".

مؤخراً، كشف وزير الخارجية اليمني، حسب صحيفة اندبندنت عربية عن توجه حكومة أسد لتسليم سفارة بلاده في دمشق للحكومة الشرعية، في أول إجراء لتنفيذ المصالحة العربية التي قادتها السعودية أخيراً، ويأتي ذلك بعد إبلاغها ممثل الحوثيين إخلاء السفارة اليمنية والاستعداد لمغادرة سوريا في أقرب وقت ممكن.

هنا، ينوه المحلل السياسي اليمني عبد الهادي العزعزي، في حديثه لموقع أورينت، إلى أن تسليم السفارة اليمنية لميليشيا انقلابية كهنوتية متخلفة، كان خطأ كبيراً، لا سيما وأن من قام بذلك، نظام يدّعي أنه أحد روافع القومية العربية، معتقداً، أن كلاً من إيران، أولاً، و"حزب الله"، ثانياً، مقبلون على مرحلة من التقليص لدورهم مستقبلاً في سوريا، وهذا يحتاج تدخلاً عربياً مسانداً للشعب السوري، محافظاً على وحدة الأراضي السورية، وهوية نظامها السياسي، مع خطة حقيقية لإعادة الإعمار، والتخلص من الهيمنة الإقليمية والدولية في وقت واحد.

وبرأيه، وصل نظام حالياً إلى قناعة تامة في إحداث تغيير في علاقته العربية، وهذا التغيير لن يكون له قيمة ما لم يكن هناك تغيير في البنية الداخلية السورية، المحتاجة لإعادة ترميم البيت سياسياً، عبر إقامة "مصالحة وطنية" تعيد اعتبار الشعب الذي تعرض لنزيف مرعب علي كافة الأصعدة. وهذا الأمر يحتاج تنازلات من طرفي الصراع في سوريا، وقبل ذلك، الاتفاق على ملف المواطنة وحقوق الإنسان في سوريا، كمدخل لذلك. متمنّياً مقدرة الحاضنة العربية على إيقاف الحالة التي سماها بـ "الافتراس الدولي" للشعب السوري إقليمياً ودولياً.

خيار لتحريك الجمود

لم يصدر عن نظام أسد أي تصريح رسمي حول قرار استبعاد الحوثيين وتسليم السفارة اليمنية للحكومة الشرعية، إلا أن صحيفة الشرق الأوسط أوردت عن مصادرها أن القرار "محاولة لإنعاش تقاربه مع الدول العربية بعد تجميد هذا التقارب على خلفية تمنّع دمشق عن تلبية متطلبات وشروط التقارب في الملفات الثلاثة المطروحة، وقف تهريب المخدرات، عودة اللاجئين، بدء الحل سياسي".

طلب إخلاء ممثل الحوثيين للسفارة اليمنية في دمشق مرتبط بالتفاهمات السعودية-الإيرانية، التي بموجبها عادت العلاقات السعودية تدريجياً مع الأسد، مع تضمّنها أيضاً تعاطي السعودية مع الحوثيين بصفتهم طرفاً يمنياً، بما يفضي إلى انسحاب الجماعة من سوريا ولبنان وتركيز نشاطها في اليمن، حسب الباحث في مركز أبعاد للدراسات، فراس فحام. 

والذي أضاف في حديثه لموقع أورينت، لا الحكومة الشرعية اليمنية تتصرف خارج سياق الرغبة السعودية، ولا النظام السوري يستطيع اتخاذ قرار على هذا النحو دون تنسيق مع إيران.

يسعى نظام أسد جاهداً لكسب رضا القيادة السعودية، وفقاً لقحطان الشرقي، كونه يعلم تماماً أنها المؤثرة الأكبر على مسار إعادة علاقاته مع الدول العربية، بمعنى أن اتخاذ الرياض لأي خطوة تجاه النظام السوري ستتبعها خطوات من قبل الكثير من الدول، كذلك إذا أحجمت الرياض عن هذه الخطوة ستحجم هذه الدول عن خطواتها تجاه نظام أسد. ومع تقليله لقيمة إلغاء التمثيل الرسمي للحوثيين في دمشق، لدى قيادة الرياض، إلا أنها تمنح المملكة مؤشراً على أن إيران ونظام أسد يقدمان التنازلات، من خلال القول إن من يمثل اليمن هي الحكومة الشرعية وليس "الحوثي".

ووفقاً لهذا التقدير، يعتقد مراقبون أن طهران قد تقدم لاحقاً على خطوة مشابهة لخطوة النظام السوري، بالطلب من ممثل جماعة الحوثي لديها، إبراهيم الديلمي بتسليم مقرّ السفارة اليمنية في طهران.

تضارب التقديرات

لا تستبعد صحيفة الشرق الأوسط تنسيق نظام أسد مع إيران، قبل إقدامه على هذه الخطوة، لكنها أشارت في الوقت ذاته لاتخاذها في الوقت الذي تواجه فيه المنطقة تهديداً إسرائيلياً خطيراً، وأن نظام أسد قد مرّر قرار تسليم السفارة اليمنية للحكومة الشرعية بصمت، في ظل انشغال الإعلام بالهجوم على الكلية الحربية في حمص، ومن بعده عملية "طوفان الأقصى" وارتداداتها في سوريا ولبنان، ما يوحي بمصالح ذاتيّة لأسد في هذه الخطوة بعيداً عن إيران.

وبحسب الشرقي، لا يمكن لنظام أسد إقرار أي خطوة عسكرية بدون روسيا، ولا يخطو أي خطوة سياسية بدون إيران، وعليه، لا يمكنه الخروج عن العباءة الإيرانية أو ما يُسمى "محور المقاومة"، فهذا الخروج يعني إنهاءه، نظراً لارتباطه العضوي مع إيران. ومع كونها رسالة إيرانية أسدية مزدوجة تصب في خانة خطب ود الرياض، يحاول خلالها نظام أسد إظهار نفسه كصاحب القرار، لاسيما وأن العلاقة مع الحوثيين، لا تحظى بأهمية لديه، فيما تحظى بالأهمية لدى الرياض، خاتماً بالإشارة لمصادفة الخطوة مع التصعيد في غزة دون وجود رابط أو علاقة بين الحدثين.

التعليقات (2)

    وسيم سيمبسون

    ·منذ 6 أشهر أسبوع
    خلص القات و ما بيطلع بالبرد فراحوا لحالن ولو

    بثار الاثد

    ·منذ 6 أشهر أسبوع
    فثرتو انا و الحوثيين قثة حب لا تنتهي فنحن برئاثة الجمهورية الثورية الوراثية نرحب بجميع الحركات المثلحة على اراضي ثوريا بالاحرى ما تبقى بعد بيع الثمال للاحتلال التركي و الجنوب للاحتلال الاثرائيلي الثقيق و الغرب لروثيا و ثديقي بوتين و الثرق للاحتلال الامريكي و الباقي لي و لثبيحتي و جميع الحركات الانفثالية و المثلحة بعني نوح زعيتر و وثيم الاثد دولة و ماهر الاخ الغير ثقيق و ايران دولة باختثار ثوريا الاثد كوكب الارض مجتمع في ثبه دولة و ثكرررا
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات