تصعيد نظام أسد بإدلب يُحرج ميليشيا الجولاني ويدفعها لردّ استعراضي

تصعيد نظام أسد بإدلب يُحرج ميليشيا الجولاني ويدفعها لردّ استعراضي

رغم انخفاض وتيرتها، ما تزال الحملة العسكرية الهمجية التي تشنّها ميليشيات أسد والاحتلال الروسي مستمرة على مناطق في إدلب وريف حلب الغربي الخاضعة لسيطرة ميليشيا الجولاني، ولا سيما بلدة الأبزمو غرب حلب التي طالها القصف الصاروخي أمس الثلاثاء، ما أجبر كثيراً من عائلاتها على النزوح.

الحملة العسكرية التي بدأت منذ نحو أسبوع خلّفت وراءها ضحايا مدنيين وصل عددهم 46، بينهم 13 طفلاً و9 نساء، فيما جرح في هذه الهجمات 213 مدنياً بينهم 69 طفلاً و41 امرأة، لا سيما أنه تمّ استخدام قذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ وصواريخ تحمل ذخائر حارقة وصواريخ عنقودية محرّمة دولياً، إضافة لغارات جوية من سلاح الجو الروسي، استهدفت الأماكن المكتظة ودمّرت البنية التحتية والمرافق العامة ضمن 50 مدينة وبلدة، بغرض قتل وتهجير أكبر عدد ممكن من مدن إدلب وأريحا وجسر الشغور وسرمين ودارة عزة، وبلدات في جبل الزاوية وريف إدلب الغربي، وآفس والنيرب وترمانين والابزمو.

تناقض في استخدام القوة

التصعيد العسكري العنيف قوبل بردّ بارد من ميليشيا الجولاني اقتصر على تسديد بعض الرمايات براجمات الصواريخ، قال إعلامها العسكري إنها استهدفت معاقل النظام ضمن قرى الساحل السوري، دون أن تخلّف إصابات محققة وفق متابعة أورينت لصفحات النظام الموالية.

بالأمس القريب كانت أرتال ميليشيا الجولاني تستميت بالتوغل في مناطق الجيش الوطني الموالي لتركيا سعياً منها للسيطرة على معبر الحمران الاقتصادي، بعد أن أدخلت سيارات مصفّحة وأسلحة متوسطة وعناصر من الجهاز الأمني. المعبر الذي تعتبره ميليشيا الجولاني شريان تمويل رئيسي لها يربط مناطق ريف حلب بمناطق سيطرة ميليشيات قسد ويشكّل خطّاً رئيسياً لمرور قوافل النفط من شمال شرق سوريا.

لا يقتصر الأمر على هذا التساؤل فقط، بل تتجه الأنظار إلى قوات النخبة المعروفة بقوات "العصائب الحمراء" والتي يعتمد عليها الجولاني في العمليات الأمنية الدقيقة، وهي التي تمثّل عماد ميليشيا الجولاني في حرب الشوارع وحرب العصابات، وتعدّ رأس حربة في عمليات الانغماس والاقتحام تمهيداً لعمليات معقّدة خلف خطوط العدو.

وتتمتع هذه القوات بقوة هجوميّة عالية وتسليح نوعي وتأهيل عقائدي يمكّنها من تنفيذ "عمليات استشهادية" اضطرارية في حال عدم القدرة على الانسحاب، وقد بدت قدرتها العالية في تنفيذ عدة عمليات في أرياف حلب وإدلب واللاذقية وبلغت أوجها في الربع الأخير من العام الفائت، وهو ما يطرح جملة أسئلة عن الاستفادة من قوة هذه الكتائب لضرب ميليشيات أسد وإيران والتي تبعد نقاطها عن نقاط ميليشيا الجولاني خمسة أو ستة كيلومترات.

امتصاص غضب الشارع

لا يكفّ الإعلام الرديف لدى ميليشيا الجولاني عن التسويق لقائد التنظيم أبو محمد الجولاني، عبر نشره صوراً تُظهر زيارة الأخير للمصابين خلال حملة النظام، وزيارته مراكز إيواء النازحين، بل يجعل من وجوده مُشرفاً على ضرب نقاط العدو حدثاً يستحق الإشادة، فيما يهلّل للإنجاز الأكبر المتمثّل بإصدار قرار ينصّ على  إخلاء سبيل المحكومين الذين تنطبق عليهم شروط ما يسمى "العفو الأخير"، ما يعني أن القرار يشمل المحكومين بعقوبة تعزيرية خفيفة، ومن قضى جزءاً من الحكم وبقي عليه الحق العام، وليس في ذمته أي حقوق شخصية باستثناء جرائم السرقة تحسّباً من استغلال حالة النزوح.

إجراءات تحاول عبرها ميليشيا هيئة تحرير الشام من خلالها امتصاص غضب الشارع المحلي، ولا سيما أنها تقابل بإجراءات صفرية لدى نظيرها الجيش الوطني، ما يعني استثمار موقف "الهيئة" الذي يُرضي البعض مقارنة بلا شيء.

يدعو فريق من السلفيين المناهضين للجولاني، ومنهم القيادي المنشق عن ميليشيا الجولاني صالح الحموي عبر قناته في تلغرام، إلى دخول الهيئة بمعركة بريّة حصراً من محور الساحل للوصول إلى عمق 20 كم من حميميم ليتحقق توازن الردع والانتهاء من قصف إدلب بالتهديد بقصف حميميم وحواضن النظام في القرداحة. 

فيما سخر الجهادي "أبو يحيى الشامي" عبر قناته في تلغرام من إنجازات الجولاني التي اقتصرت على بناء المولات والملاعب دونما اهتمام بالجانب الأمني المتعلق بالحاضنة الشعبية من ملاجئ آمنة تحمي المدنيين من التصعيد العسكري الأخير. 

إذ يقول، "يوجد أماكن تشبه الملاجئ وهي تحت الأرض بناها الجولاني ليضع فيها المجاهدين الذي يتصدّون له ويفضحون عمالته، وهي السجون التي إن فتحها ربما يخرجون ليكونوا عوناً لأهلهم في وقت القصف، وعوناً لإخوانهم المجاهدين في ردع العدو، وتتسع هذه السجون كملاجئ لعدد كبير من الذين يريدون الاحتماء من القصف.. لكن ليس في سجون".

كما ألمح لترويج الإعلام الرديف "للهيئة" مقاطع قديمة لقصف سابق أو قصف على أرض غزة على أنها من قصف إدلب لمناطق بشار، مهاجماً زعيم الهيئة الجولاني، بالقول: "بعد عدة أيام من القصف والضرب والدمار وصل الخبر إلى الجولاني وتأكد منه فخرج البارحة من جحره إلى غرفة العمليات ليأخذ عدة صور من غرفة عمليات ويشرف على رمايات الهاون على النقاط الفارغة لميليشيا جيش بشار أبو شحاطة".

ردّ لتبرئة الذمّة

يوضّح الباحث في الحركات الجهادية عبد الرحمن الحاج، في حديثه لأورينت، أن الجولاني يدرك معادلة القوة جيداً، وبالتالي لا يدخل في معركة طاحنة مع جيوش نظامية، لأنه يدرك جيداً في النهاية بأنه فصيل محدود الإمكانيات مع وجود تفوّق جوي، ففي مثل هذه الحالة يلجأ العسكريون إلى الدفاع وتدعيم الجبهات خصوصاً وأن حوله أعداء كثراً.

مشيراً إلى أن الجولاني لا يمكن أن يتخذ قراراً في منطقة فيها وجود عسكري تركي، فأيّ قرار بحرب مفتوحة سيكون من الضروري التنسيق مع الأتراك، أي إن القرار يجب أن يكون تركياً أيضاً، ومن الواضح أن القرار التركي هو تجنب رد الفعل القوي، ففي حدود ما هو متاح قام الجولاني بقصف أماكن للحاضنة الاجتماعية للنظام (العلويين) وهو قصف أقرب إلى تبرئة الذمة منه إلى رد عسكري، أي أنه ليس رداً ملائماً، إنما لرفع العتب.

ويبدو أن خيار الاجتياح البري من طرف النظام والميليشيات الإيرانية بعيدٌ نوعاً ما، ولا سيما بعد أن أعلنت غرفة عمليات الفتح المبين المكوّنة من فصائل عسكرية عدّة عاملة ضمن منطقة إدلب بقيادة ميليشيا الجولاني، أن النظام طلب هدنة تضمن وقف إطلاق النار بعد استهداف الغرفة مواقع حساسة في عمق مناطق النظام، حسب قولها.

يذهب الحاج إلى التأكيد بأنه ليس هناك مؤشرات إلى أن النظام يستطيع التقدم ولا حتى أنه يرغب به، إذ لم يكن غرض الحملة والتصعيد أساساً استعادة السيطرة على مناطق شمالية خارجة عن سيطرته في إدلب، بل كان الغرض هو إظهار ردّ فعل وتوجيه النقمة إلى الخارجين عن سيطرته في الشمال وتحديداً السنة بغرض شدّ عصب الطائفة خلفه في مواجهته الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان وحاضنته على وجه الخصوص وإخماد التململ.

مرجّحاً أن عملية الكلية الحربية هي بتدبير النظام، لأن كل ردود الفعل كانت ممنهجة ومصمّمة مسبقاً، وعلى الأغلب لدى الجولاني قناعة أو معلومات مصدرها تركيا أنه ليس ثمة أيّ نوع من التقدّم البريّ، وبالتالي لا يشعر بالقلق، ويحاول تهدئة السكان الذين استهجنوا ردّ فعله الباهت.

التعليقات (1)

    الجولاني كلب

    ·منذ سنة شهر
    الجولاني لم ولن ومن المستحيل أن يؤذي ربه ومعبوده بشار.. الجولاني كلب ايران
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات