غزة وزمام المبادرة.. بمواجهة إسرائيل وإيران !

غزة وزمام المبادرة.. بمواجهة إسرائيل وإيران !

من الواضح أن الهجوم الذي بادرت إليه فصائل المقاومة في قطاع غزة قد تم التخطيط له بشكل دقيق، ما أربك العدو الصهيوني وجعله في حالة تخبّط بسبب التكتيك عالي المستوى وسرعة التنفيذ وعنصر المباغتة الذي مكّنها من السيطرة على ثلاث مستوطنات والاستحواذ على عدد كبير من الأسرى والعتاد العسكري وإيقاع الكثير من القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي الذي فقد التوازن وظهرت حالة الارتباك في صفوفه من أعلى الهرم إلى أصغر جندي، ما يوحي إلى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دخل مرحلة جديدة تاركاً خلفه السيناريوهات السابقة من الصراع التي كان بها العدو الصهيوني يعربد دون الخشية من أي ردة فعل رادعة.
هذا العمل أدخل السرور لوجدان الشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم الذين يؤمنون بحقوق الشعب الفلسطيني المسلوبة، وبحقه بالمقاومة لتحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيلي، وجميعنا شاهد حالة التفاعل الإيجابية لهذه الشعوب على وسائل الإعلام ومواقع التواصل، كيف لا وقد نشأت هذه الشعوب والقضية الفلسطينية في وجدانها..!!
إلا أن طيفاً واسعاً من هذه الشعوب كان سروره مشوباً بالقلق والحذر والتخوّف المشروع، وهنا ينقسم هذا الطيف إلى قسمين:
القسم الأول يخشى على أهلنا في غزة وفلسطين بشكل عام من ردّة الفعل الاسرائيلية، وأن تُترك غزة تواجه مصيرها أمام ترسانة السلاح الإسرائيلي، وهذا تخوّف مشروع بسبب ما حدث في المرات السابقة وكيف أثخن العدو بهم والعالم يتفرج دون تحريك ساكن..!!
أما القسم الآخر فهو يخشى ردة الفعل الوحشية وعدم قدرة الفصائل على الحفاظ على الوتيرة العالية من الردع وهي المحاصرة في بقعة جغرافية صغيرة، 

وأما السبب الثاني فهو السؤال عن المحرك الأساسي لهذه الفصائل ومن سيحصد النتائج !؟
نشير هنا إلى إيران التي لا يخفي قادة فصائل المقاومة الرئيسية في غزة تبعيتهم العمياء لها في كل مناسبة وكل تصريح.
أكثر المتحفظين هنا هم ثوار سوريا والمعارضين للنظام، الذين يعتقدون، أو يخشون أن تكون إيران هي من يقف خلف تحريك "الطوفان" من أجل خلط الأوراق في المنطقة بعد خسارتها الطريق الاقتصادي الأرميني باتجاه آسيا الوسطى، إثر سيطرة أذربيجان على إقليم كراباخ وانعطاف أرمينا باتجاه الغرب، وكذلك شعورها بالقلق من الإعلان عن الطريق الاقتصادي الجديد الذي يصل الهند بأوروبا مروراً بإسرائيل وقبلها السعودية والأردن، أي بعيداً عن أي دولة فيها نفوذ لإيران.
إيران التي يرى الكثير من المحللين أيضاً أن هذه العملية تُمكّنها من استباق عملية عسكرية أمريكية تلوح في الأفق في شرق سوريا وغرب العراق "التنف- البوكمال" والتي تهدف إلى قطع طرق الإمداد الإيرانية التي تعبر العراق إلى سوريا ثم لبنان.
إيران التي تريد تعزيز سيطرتها وملء الفراغ في سوريا، بعد الانكفاء الروسي الواقع والمتوقع من سوريا، وهي بذلك توجّه رسائل لأمريكا والغرب أنها رقم صعب في المنطقة لا يمكن تجاوزه، ولذلك يرى الكثير من المراقبين أنها تتحرك مستخدمة أدوات محلية مثل نظام الأسد وميليشياتها في لبنان والعراق وغزة واليمن.. ليدفع شعوب المنطقة الثمن وتحصد إيران النتائج دون أن تخسر جندياً ايرانياً..!!
كيف لا نتخوّف، ومحمد الضيف، القائد العسكري لحركة حماس، قال بعد انطلاق العملية وفي أول تصريح له "لن نسمح للطيران الإسرائيلي بالعربدة فوق سوريا ولبنان والعراق بعد اليوم" في إشارة إلى الدفاع عن مواقع إيران وميليشياتها في بلادنا..!!
ثم خرج علينا اسماعيل هنية ليدعو (إخوانه) في "المقاومة الإسلامية في لبنان وسوريا واليمن وإيران والعراق" للالتحاق بهم واغتنام الفرصة، وهو بذلك يشير إلى أدوات إيران الطائفية ويحصر الشرف والمقاومة في المنطقة العربية بهم !! 
كيف لا يشوب سرورنا القلق وفي العام الماضي عندما قامت حركة الجهاد الإسلامي بعمل عسكري ضد إسرائيل خرج قائدها في نهاية العملية ليشكر إيران ونظام الأسد وحزب الله على دعمهم له !! وهنا أسأل ماذا عسى أن يقدّم بشار الأسد للجهاد الإسلامي!! 

كل ذلك يزيد من هواجسنا، لأنه يذكرنا بإسماعيل هنية القائل عن قاسم سليماني "شهيد القدس" وهو الذي لم يطلق طلقة على إسرائيل، بينما أثخن في العرب والمسلمين في سوريا والعراق واليمن والسعودية ولبنان!!

أما آن الأوان للمقاتلين في فصائل المقاومة الفلسطينية أن يقفوا مع أنفسهم ويسألوا قادتهم بعض الأسئلة المشروعة، مثل:
كيف لإيران التي تحتل أربع عواصم عربية وتنكّل بأهلها أن تدعم شعباً عربياً آخر لاستعادة أرضه وحريته..
كيف لبشار الأسد الذي قتل الفلسطينيين في الحجر الأسود ومخيم اليرموك ومخيم حندرات وشرّدهم وسجنهم أن ينصر فلسطين ؟!
أليس بشار الأسد، ومنذ شهرين فقط، قال عن حماس إن قادتها "خونة ومنافقين" ؟!
كيف لميليشيا الحوثي التي فتكت بالشعب اليمني وأطلقت الصواريخ على السعودية ارضاءً للملالي في إيران أن تنصر القضية الفلسطينية ؟!
كيف لميليشيا حزب الله التي تشارك في قتل الشعب السوري والفلسطيني في سوريا منذ عام ٢٠١٢ إلى الآن، وتعطّل الحياة السياسية في لبنان أن تنصر فلسطين ؟! 

ربما لا يكون لدى أهلنا في فلسطين متسع من الوقت لقراءة كلماتنا الآن، لكن هي كلمات يجب أن نسجلها للتاريخ على الأقل، ولذلك نقول بوضوح إننا كسوريين معارضين لنظام بشار وإيران، نؤمن بعدالة قضيتكم وبحقكم المشروع في المقاومة دون جدال، لكننا نؤمن حق الإيمان أن القضايا المقدسة لا تنتصر بدعم المجرمين والقتلة، ونرى أن "دعمهم" هو تدنيس لقضيتكم.
إننا على يقين أن أكثركم يعلم ويؤمن مثلنا أن المشروع الإيراني أشد خطراً من المشروع الصهيوني، ولكم أن تقارنوا وضع بلادكم تحت الاحتلال الإسرائيلي بوضع بلداننا تحت الاحتلال الإيراني الذي لم يجلب لنا سوى القتل والتهجير والتغيير الديمغرافي والجهل والمخدرات والتخلف..!!
انزعوا عنا هذه المخاوف ولا تجعلوا الدم الفلسطيني ورقة تفاوض بيد الإيراني ليحقق المكاسب في ملفه النووي الذي لا يهدد به إلا العرب والمسلمين، أو ورقة بنكنوت في ملفه الاقتصادي الذي كلنا ثقة أنه متى توافق عليه مع الغرب سيترككم لمصيركم..!!
نحن كثوار وأحرار وناشطين نرى أن قادة الفصائل الفلسطينية أصبحوا دمى يحرّكهم الحرس الثوري الإيراني لمصالحه، بعيداً عن مصلحة الشعب الفلسطيني، وأن هؤلاء القادة في سباق وتنافس وتناحر فيما بينهم ليكون كل واحد منهم المعتمد الأول عند الحرس الثوري بعيداً عن شعب غزة الذي يرى إيران ومشروعها خطر، ولا يقل عن خطر إسرائيل...
نعتقد أن الشعب الفلسطيني بات أسيراً لدى هؤلاء القادة، لذلك نتساءل ونحن في غاية التشوق: هل يمتلك مقاتلو وكوادر وقواعد فصائل المقاومة المبادرة ليرفعوا صوتهم في وجه قادتهم السياسيين، كما امتلكوا المقدرات بالأمس على الصعيد العسكري، كي تعود هذه الفصائل إلى الاعتدال في علاقتها مع إيران وغيرها، ولا تسمح لها أن تقطف ثمار تضحياتها، وأن تعيد ترتيب خطابها من جديد لتكسب حركة الشعوب في المنطقة التي لا يمكن أن تعود إلى الوراء وترى أن إيران ونظام الأسد وحزب الله والحوثي عدو لهذه الشعوب!؟ 
نتمنى ذلك، بالقدر الذي نتمنى فيه انتصاركم على الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته.

التعليقات (1)

    حكيم

    ·منذ 6 أشهر أسبوعين
    كلام جميل كلام محق اوضح الحقائق التي تحاول ايران ان تخفيه تابع الى الامام
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات