مواقف وتصريحات متسارعة لمسؤولين ألمان تتعلق بالمزايا الاجتماعية التي تقدمها الحكومة للمهاجرين واللاجئين، ولا سيما بعد الزيادة الملفتة في أعداد طالبي اللجوء القادمين من أوكرانيا وسوريا وأفغانستان إلى ألمانيا، وما تشكّله هذه الأعداد من ضغوط على السلطة بشأن توفير الرعاية لهم.
وبحسب ما نقلت صحيفة بيلد الألمانية عن "فريدرش ميرتس" زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قوله في مقابلة تلفزيونية عن طالبي اللجوء: "إنهم يجلسون عند الطبيب ويعيدون تشكيل أسنانهم، والمواطنون الألمان المجاورون لا يحصلون على أي مواعيد".
وأشارت الصحيفة إلى أن استطلاعاً للرأي أظهر أن غالبية الألمان يعتقدون أنه من الجيد أن يتناول ميرتس هذا الموضوع (المزايا الاجتماعية المقدمة للاجئين) المثير للجدل.
وأظهر استطلاع أجراه معهد أبحاث الرأي INSA على موقع صحيفة بيلد الإلكتروني أن 46 % من الألمان يعتقدون أنه من الجيد أن يتحدث ميرتس عن موضوع المزايا الاجتماعية بينما يعتقد 34 % أن الأمر سيّئ، و19% لم يقولوا أي شيء.
وقال 69% ممن شملهم الاستطلاع إن اللاجئين يجب أن يحصلوا على مزايا عينية وليس نقدية (مثل قسائم الطعام) من الدولة، بينما 8 % فقط يؤيدون المزايا النقدية.
في حين تتفق الغالبية العظمى من الألمان أيضاً مع موقف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي بشأن هذه المسألة.
وأوضحت الصحيفة أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يريد حل أزمة الهجرة بالتعاون مع الحكومة ولذلك قدّم ميثاق لجوء لهذا الغرض يشمل خطة من عدة نقاط منها: مراقبة الحدود الثابتة، واستخدام البطاقات الذكية بدلاً من المزايا النقدية، ووقف جميع برامج القبول الطوعي، ويجب أيضاً على الحكومة وحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض العمل معاً لتقليل عدد المهاجرين غير الشرعيين.
المزايا المقدّمة للاجئين مرتفعة للغاية
بدورها، صحيفة "دي تسايت" الألمانية نقلت عن ألكسندر دوبرينت رئيس المجموعة الإقليمية للاتحاد الاجتماعي المسيحي قوله: "إنه يعتقد بأن مستوى المزايا المقدّمة للاجئين في ألمانيا مرتفع للغاية ولا بد من خفضها".
وأضاف دوبرينت أن الفائدة التي تعود على المواطنين الذين عملوا هنا لسنوات عديدة ثم أصبحوا عاطلين عن العمل، لا يمكن أن تكون بمثابة نظام مماثل للمهاجرين الذين كانوا في ألمانيا لفترة قصيرة جداً فقط، ويجب أن ينطبق المبدأ التالي: "أولئك الذين دفعوا يجب أن يحصلوا على أكثر من أولئك الذين لم يدفعوا".
ولفت إلى انه بعد 18 شهراً يحصل المهاجرون في ألمانيا على نفس المزايا التي يحصل عليها المستفيدون من إعانة المواطنة.
كما ذكّر دوبرينت المستشار الألماني أولاف شولتز بتنفيذ ميثاق ألمانيا الذي اقترحه، وقال: "نتوقع أن يفي المستشار بكلمته ويحاول الاتفاق على اتفاق ألماني مع الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي لوقف الهجرة غير الشرعية".
اللجوء أثقل كاهل الولايات الألمانية
وترى بعض الأحزاب والساسة الألمان أن توفير الرعاية اللازمة لطالبي اللجوء أصبح يثقل كاهل جميع الولايات خصوصاً مع قدوم أكثر من مليون لاجئ حرب من أوكرانيا، الأمر الذي دفع بالرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير للقول إن "ألمانيا وصلت إلى أقصى حدود قدرتها على الاستقبال".
وقبل 5 أيام، صرّح نائب المستشار المنتمي لحزب الخضر روبرت هابيك في مقابلة مع شبكة تحرير الصحف الألمانية (RND) أنه "لأجل حماية حق اللاجئين، يجب علينا تقبّل الواقع وحلّ المشاكل، حتى لو كان ذلك يعني اتخاذ قرارات صعبة أخلاقياً".
خفض المساعدات
وفي محاولة للحدّ من المهاجرين وتطبيق إجراءات التقشف التي أقرّتها الحكومة الاتحادية في ظل ارتفاع التضخم والتباطؤ الاقتصادي، أعلنت وزارة المالية الألمانية، في الأسبوع الأخير من شهر أيلول /سبتمبر عن خطة لتخفيض قيمة المساعدات المخصصة للولايات لتغطية نفقات إقامة اللاجئين العام المقبل إلى النصف.
وأشار المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين إلى أنّ عدد اللاجئين الأوكرانيين الذين قدموا إلى المانيا بعد الغزو الروسي، بلغ أكثر من مليون لاجئ بينما ارتفع عدد اللاجئين من دول أخرى بنسبة 50% في عام 2022 مقارنة بعام 2019، بحسب "ألمانيا بالعربي".
كما منحت ألمانيا للولايات الستة عشرة معدلًا ثابتاً شهرياً يعتمد على أساس عدد اللاجئين لتحمل تكاليف ونفقات الإقامة والاندماج للاجئين وذلك في الفترة من 2015 إلى 2016، حيث استقبلت المانيا حينها أكثر من مليون لاجئ من الشرق الأوسط.
لكن مع انخفاض عدد اللاجئين الوافدين في السنوات الأخيرة، عملت الحكومة على تخصيص مبلغ ثابت لنفقات اللاجئين بغض النظر عن عددهم، وتغيير سياسة التمويل في عام 2021.
وكانت مواقع إعلامية ألمانية أوضحت أنه بصرف النظر عن مليون لاجئ أوكراني جاؤوا إلى ألمانيا، إلا أن مئات آلاف المهاجرين وخاصة من سوريا وأفغانستان قدموا أيضاً بشكل غير قانوني وقدموا طلبات اللجوء.
في حين ذكرت وكالة "رويترز" نقلاً عن مصدرين حكوميين أن "خفض المساعدات للولايات إلى النصف لتغطية تكاليف اللاجئين، وإدماجهم العام المقبل في إطار إجراءات لخفض الميزانية على خلفية ارتفاع التضخم بعد سنوات من الإنفاق".
وبحسب الوكالة، فقد "أبلغت برلين كل الولايات أن الحكومة تخطط لتخصيص 1.7 مليار يورو كحد أقصى للاجئين في عام 2024، أي أكثر من النصف بقليل عما كانت عليه في عام 2023 (3.75 مليار يورو)".
فيما أعلن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، في وقت سابق، أن العديد من البلديات في ألمانيا لم تعد قادرة على توفير المأوى للمهاجرين الذين يصلون إلى البلاد.
مغادرة ألمانيا
وفقاً للسجل المركزي الألماني للمواطنين الأجانب، يتوجب على 304000 شخص مغادرة ألمانيا في نهاية عام 2022، حوالي 248000 منهم حصلوا على وضع الدولدونغ، أو التسامح المؤقت، ما يعني أنه لا يمكن ترحيلهم لأسباب مثل المرض أو الحرب في بلدهم الأصلي، بينما تم ترحيل حوالي 13 ألف شخص من ألمانيا في عام 2022، وفقا لموقع "مهاجر نيوز".
وكان بيرند باروسيل الباحث في شؤون الهجرة، أوضح في تصريحه لـ DW أن "الشيء الأكثر أهمية هو أن نحترم القانون الدولي وقانون الاتحاد الأوروبي والقانون الأساسي الألماني"، لكن الوقائع تثبت أنه يتم تجاهل هذه القوانين في العديد من الأماكن.. والعديد من البلدان تتخذ قرارات بشكل أحادي على أمل أن تصبح وجهة أقل جاذبية للهجرة غير القانونية.
يشار إلى أن قضية اللاجئين تحولت لحديث الساعة في ألمانيا، حيث طلب 204 آلاف و461 مهاجراً حق اللجوء في البلاد خلال الأشهر الـ 8 من هذا العام.
التعليقات (7)