كيف تنتصر ثورة الحرية ضد ظلم بشار الأسد؟

كيف تنتصر ثورة الحرية ضد ظلم بشار الأسد؟

انتصرت الثورات تاريخياً بالإيمان بقيم الحرية والعدالة وتوفر شجاعة التضحية لإنهاء الاستبداد والظلم وبناء دولة حرة لجميع أبنائها قائمة على العدل.

وهذا نراه في حراك السويداء السلمي، وقد دخل شهره الثاني بعزيمة ولا تراجع حتى تحقيق أهدافهم برحيل نظام مستبد لا يسمع غير نفسه، دمّر سوريا وسمح باستباحتها باحتلالات متعددة الجنسيات، عاجز عن هشها بمنشة ذباب، فكيف له أن يواجهها؟

السويداء.. البداية لتحرير سوريا

أهم نقاط البداية في أي عمل يُقدم عليه المرء توافر الإيمان والقدرة على التضحية، ويشد أزره الأهل والمحبون، حينها يحقق هدفه.

والحالة ذاتها في ثورات الشعوب تتقدمها قيادة حكيمة تضيء لهم الطريق، وهو ما حصل في حراك السويداء، بإيمانهم بقضيتهم أنهم يحتجون على الظلم ويريدون العيش بكرامة، ولا يتحقق ذلك إلا بالحرية، وشدَّ أزرهم شيوخ العقل الحكماء، الذين لهم مكانة روحية عند أهل السويداء.

وكان سماحة الشيخ حكمت الهجري، له من اسمه نصيب الحكمة والثقافة حاصل على بكالوريوس بالقانون، أيّد مطالبهم المشروعة، ولحقه سماحة الشيخ حمود الحناوي في تأييد مطالب الحراك.

ولم يترك الشيخ الهجري الشباب ينساقون لغضبهم، كان مرجعيتهم في توجيه الحراك، الذي أصبح منظّماً سلمياً، يبدعون في رفع شعاراتهم الوطنية الجامعة لكل السوريين شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً، لنرى اليوم ثورةَ مخاضٍ وطني لتولد الحرية في سورية الوطن، وطن الجميع تحت سقف القانون.

لا شك أن الطريق شاقّة، تحتاج شحذ الإرادة والتصميم على السلمية، والإصرار على مطالب آمنوا أنها هدف السوريين جميعاً، وأنهم مستعدون للتضحية في سبيلها ليكونوا جديرين بالنصر في نهاية الطريق. 

في مقدمة المطالب القرار 2254 لإنهاء حالة الاستعصاء السياسي، التي يسببها النظام برفضه غير المبرر للحل السياسي وما يأتي بعده من استقرار لبداية إعمار سوريا ودوران عجلة الاقتصاد بالاستثمارات.

مطالب مشروعة لشباب سوريا بالحرية والكرامة وتحرير سوريا وقرارها، من الارتهان للخارج، وهي مطالب جميع السوريين، الذين يعيشون مجاعة، اجتاحت مناطق سيطرة النظام، يرافقها الذل والخوف واللا مستقبل إذا بقيت على هذا الحال.

النظام ضعيف

بشار ضعيف يحاصره الانهيار الاقتصادي واجتياح المجاعة في مناطق سيطرته، وعاجز عن فعل شيء لأن القرار ليس بيده، وأصبح واجهة أو دمية بيد الإيراني والروسي، ورغم ذلك لا زال السوريون بمناطق سيطرته يخافون التعبير عن تذمّرهم بمظاهرات سلمية احتجاجاً على وضعهم البائس كما فعلت السويداء، التي عبّرت بحراكها السلمي عن السوريين كافة.

لماذا الخوف ومستقبل أبنائكم دخل العدم في ظل نظام نهب سوريا وهجّر شبابها للمنافي وهي بأمسّ الحاجة لهم لبنائها من جديد؟

لتتحرك الأقليات المساندة لنظام بشار واليوم جياع

لم يبق بيت في الساحل، حيث الطائفة العلوية، لم يفقد أحد أبنائه، ترك خلفه أمه الثكلى أو أرملته وأطفاله أو عروسه لم تكمل العام في بيته، قُتل ما لا يقل عن 350 ألف شخص، ومئات الآلاف معطوبو حرب ليبقى بشار بالحكم، وقد أوهمهم أنهم سيفقدون مزاياهم لو سقط، رغم أن الأغلبية منهم فقراء، عن أي امتيازات يتحدث.

وفي ريف حماة الشرقي مدينة سلمية وريفها كأقلية إسماعيلية لا يوجد بيت فيها لم يفقد ابناً أو ابنةً، سواء قتيل أو معتقل أو منفي، ولعل مجزرة المبعوجة التي حدثت تحت أنظار قوات النظام  ليلة 31 مارس/آذار 2015 شاهد على ما دفعته الطائفة من أولادها، 70 قتيلاً حرقاً وذبحاً خلال ساعتين واختطاف 30 مدنياً بينهم نساء لا زالوا في عداد المفقودين.

وبعد المجزرة جاء شبيحة النظام من قرية صبورة القريبة بضعة كيلومترات وعفشوا المنازل، وبعدها في 18 مايو/أيار 2015 حدثت مجزرة عقارب الصافية، تسللت مجموعة دواعش على مرأى من كتيبة مدفعية للنظام، التي تمهلت بالتدخل لتعطي الفرصة للدواعش، قتلت 53 مدنياً بينهم 15 طفلاً أغلبهم رُضَع، ذبحوا على صدور أمهاتهم بعد نحرهن.

وفي السقيلبية ومحردة حيث الأقلية المسيحية تعرضت لهجمات مسلحة بصواريخ مجهولة التبعية كما ذكرت الأخبار حينها، راح ضحيتها عشرات المدنيين، هذا فضلاً عن الفلتان الأمني في تلك المناطق بالسطو على أرزاق الناس والإتاوات على سائقي السيارات والباصات والتجار والاختطاف مقابل فدية.

ويزعم النظام أنه حامي الأقليات، وهذا ما جنته، مجازر مروعة لم يتحرك النظام لنجدتها، لماذا الصمت على هذا الظلم؟ لماذا الخنوع الذليل أمام شبيحة واحدهم لا يساوي "متليك" بين الرجال؟ كفى ذلاً، كفى خنوعاً لقاتل يزعم أنه "حامي الأقليات" وها هي الأقليات تعاني وتتمنى الموت من عيشة الذل بمجاعة غير مسبوقة بسوريا.

إن استمرار السكوت على ظلم الظالم يزيده إمعاناً في ذلِّكم ما دمتم صامتين خائفين تقبلون المذلة.

على هذه الأقليات وغيرها ممن يزعم بشار حمايتهم أن ينتفضوا بوجه بشار الكبتاغون ونظامه الفاسد، لقد أصبح نظام الأسد خطراً ليس على السوريين فقط، بل على دول الجوار والعرب والعالم بصناعة وتجارة المخدرات.

أيعقل أن تُحبط الإمارات مؤخراً  تهريب 13 ألف طن كبتاغون؟ لم يحدث هذا في عالم مافيا المخدرات العالمية أن بلغت شحنة هذا الحجم، وهذا يستوجب مقاضاة بشار بمحكمة العدل الدولية بتهمة الاتّجار بالمخدرات المحظورة دولياً. 

فكيف لو رفع السوريون الناشطون بحقوق الإنسان بالخارج دعاوى ملف قيصر، وملف حفار القبور؟ وقد راح ضحيتهما آلاف السوريين تحت التعذيب، فضلاً عن جريمة الكيماوي ضد المدنيين، حيث استخدم الكيماوي في 100 موقع، كانت الأولى مجزرة الغوطتين في 21 أغسطس/ آب 2013 اختنقت عائلات بكامل أفرادها، راح ضحيتها ما لا يقل عن 3000 مدني.

في حديثي مع أصدقاء من تلك المناطق ليكسروا خوفهم،  يردون "يحيط بنا الخوف من كل جانب، الاعتقالات القتل الخطف، هم مسلحون ونحن شعب أعزل لا نملك القوة للمواجهة، لو خرجنا مظاهرات يطلقون النار علينا بلا تردد، "واللي بياكل ضربة بتروح بكيسو"، لذا لا فائدة من مظاهرات ما لم تجد الدول الكبرى الحل لسوريا.

لا ألوم الشعب السوري في خوفه وقد تخلّى عنه العالم، وأصبحوا كالأيتام على مائدة اللئام، ولكن ما حكّ جلدك مثل ظفرك، كفى انتظاراً للمجتمع الدولي وهو يبحث عن مصالحه في المنطقة، فلتثوروا لكرامتكم ومستقبل أبنائكم.

الرد على الخوف والإحباط

باعتقادي لو استسلم طالبو الحق والعدالة لهذه المبررات لما انتصرت ثورة في التاريخ ، ولا بُنيت دولة.

كانت ثوراتهم ثورة وجود لبناء دولة الحرية والعدل، تصون كرامتهم وحقوقهم، آمنوا بتلك المبادئ، وكلهم ثقة لتحقيقها، وضحوا بأرواحهم لينتصروا على الظلم حتى لا يبقوا عبيداً مدى الدهر.

الشعب السوري بثورته 2011 كسر خوفه ورفض الانصياع والاستسلام لنظام ميّز بين أفراده بعثي وغير بعثي، فالأحقية للبعثي حتى لو كان فاشلاً، ثم تراجعت مكانة حزب البعث، فأصبح التمييز الطائفي، ثم الطائفي الموالي وغير الموالي.

وجد السوريون أنفسهم بخوف من الآخر، والغل يأكلهم من المستفيدين بالولاء والنفاق، وشاعت قيمٌ دمّرت قيم السوريين التي عاشوا ونشؤوا عليها قبل حكم آل الأسد، الذي رفع جدران الحقد الطائفي والعرقي والإثني والديني بين الشعب السوري، لذا سادت الريبة والشك بين السوريين، وانعكس على المتظاهرين السلميين أن يكون الموالون من أصدقائهم معهم بالمظاهرات لاصطيادهم أو الوشاية بهم، للأسف حصلت هذه الأشياء، راح ضحيتها شباب بالمعتقلات لا يعرف ذووهم خبراً عنهم حتى اليوم.

لكن قبل اثني عشر عاماً كانت الناس تعيش في بحبوحة، لذا نأى الموالون والانتهازيون والجبناء بأنفسهم عن الحراك، أما اليوم فجميع السوريين جياع ما عدا نسبة لا تتجاوز 5% مرفّهين من النظام وكبار المسؤولين المقربين، بينما كبار الضباط بالجيش والمخابرات والشرطة يعيشون ذات الضائقة التي يعيشها السوريون، أجل بلاء الجوع شمل الجميع.

وللمترددين الخائفين أسوق قصة شيخ مع شاب يشكو له عجزه عن مبارزة خصمه، سأله الشيخ لماذا تخاف خصمك؟ قال الشاب سيفه أطول من سيفي فيطالني، فقال الشيخ كن شجاعاً وتقدم خطوةً فيرتبك خصمك من شجاعتك فتطاله بسيفك القصير، عمل الشاب بنصيحة الشيخ وغلب خصمه، فقال له الشيح يابني عليك أن تدرك هدفك وطريقك وتؤمن به، ثم تضحي من أجل تحقيق ما تؤمن به فتنتصر".

إذا تقدم شباب سوريا هذه "الخطوة" كما فعل شباب السويداء، تقوى شوكتهم وينتصرون على ظلم دام عقوداً في سوريا، ليعيشوا أحراراً تحت سقفها بالقانون الحامي للجميع، دولة المواطنة.

التعليقات (3)

    ساخط سوري

    ·منذ 7 أشهر 4 أيام
    لا تنتصر الثورات ذات الطابع الطائفي الاقصائي وحتى إن انتصرت فينتج عنها حكم ممسوخ لا يدوم طويلاً.

    عليا جبر

    ·منذ 7 أشهر 3 أيام
    شباب السويدا مو شاطرين غير بالرقص وتفتيل الشوارب يلي كل واحد ناتعها متل شوارب الصرصور اجلك

    برهان

    ·منذ 7 أشهر 3 أيام
    على الاقل بشار الاسد اجا من الصين واحتفل بعيد مولد النبي بس خنازير العقل هدول بشوا احتفلوا دخلك ؟؟
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات