تداول ناشطون على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الثلاثاء، فيديو يظهر تصفية اثنين من مقاتلي الجيش الوطني بطريقة مروّعة.
الفيديو نُشر لأول مرة على إحدى الحسابات في موقع "تيك توك"، تحت عنوان "مخابرات قسد تغتال عناصر من السلطان" قبل أن يتم تداوله في بعض غرف الناشطين على "واتس آب" ما أدى للتعرف على الضحايا.
ومع انتشار الفيديو، أكد مسؤولون في الجيش الوطني موجودون في هذه الغرف، أن هؤلاء العناصر يتبعون للفيلق الثالث والثاني، وأنهم فُقدوا قرب مدينة إعزاز يوم السبت الماضي، بالتزامن مع الاشتباكات التي كانت تدور بين الجيش الوطني وميليشيا هيئة تحرير الشام والقوى المحلية المرتبطة بها في ريفي حلب الشمالي والشرقي.
مخابرات قسد أم عناصر الجولاني؟
وعلى الفور استبعد غالبية المسؤولين في الجيش الوطني الذين علّقوا على المقطع المصوّر، أن تكون ميليشيا قسد هي المسؤولة عن ارتكاب الجريمة، مرجّحين أن تكون قوات الجولاني أو إحدى أذرعها في المنطقة من ارتكبها، وحسب تقديراتهم، فإن المنفذين أرادوا التملّص منها فنشروا الفيديو تحت هذا العنوان كخطوة استباقية خشية افتضاح أمرهم.
بعض الخبراء الأمنيين في الجيش الوطني رجّحوا هذه الفرضية أيضاً، مع الإبقاء على كل الاحتمالات الواردة، بما في ذلك مسؤولية تنظيمات إرهابية مرتبطة بقسد، لكنهم أشاروا إلى أن كواتم السلاح المستخدم في تصفية العناصر ليست من النوع الذي تستخدمه هذه التنظيمات عادة.
وتوقع هؤلاء أن تكون هذه الكواتم مصنعة محلياً، كما إن العبارات التي تم تصويرها وهي مكتوبة على ورقة خلال عملية التصفية من قبل المنفذين، تشير إلى ارتباطهم بجماعات الجولاني وليس بميليشيا "قسد" حيث حمل أحد أعضاء خلية التنفيذ ورقة كتب عليها باللغة الغربية "انتقاماً لقتلى جرابلس ومنبج".
وتنشط بفاعلية مجموعات من هاتين المدينتين ضمن ميليشيا "أحرار عولان" وهي مجموعات معروفة بتشددها وتبنيها فكر تنظيم داعش، وقد خاضت هذه المجموعات مع مقاتلين يحملون نفس الفكر من قرى وبلدات أخرى، المواجهات مع الجيش الوطني طيلة الفترة السابقة، ما أدى لسقوط ضحايا منها، ما يرجّح وقوفها خلف هذه الجريمة.
لكن قيادي في الفيلق الثالث طلب عدم ذكر اسمه، أكد أن العمل جارٍ من أجل كشف ملابسات الجريمة وتحديد مرتكبيها، مرجّحاً مسؤولية هذه المجموعات عنها أيضاً.
وفي تصريح لـ "أورينت نت" أكد أن أحد العناصر يتبع للفيلق الثالث، وأنه تم فقدان الاتصال بالعناصر منذ يوم السبت الماضي بالتزامن مع تجدد المواجهات بين الجيش الوطني وميليشيات الجولاني في المنطقة.
وأضاف: توجّه هؤلاء العناصر من مخيم "سيجراز" قرب إعزاز للالتحاق بقوات فرقة السلطان مراد التمركزة في بلدة حور كليس، وفي بلدة كفرغان توقفوا لبعض الوقت حيث انضم إليهم عنصر آخر من عناصرنا، ومنذ تلك اللحظة فقدنا التواصل معهم، قبل أن نكتشف أسرهم وقتلهم بهذه الطريقة الإجرامية كما ظهر في الفيديو المتداول.
وصول قسد غير منطقي
ورداً على سؤال حول الجهة التي يُرجّح ارتكابها لهذه الجريمة، واتهام ناشري الفيديو ميليشيا قسد بتنفيذها، قال: منطقياً لا يمكن لقسد الوصول إلى هذه المنطقة وتنفيذ عملية أسر وتصفية عناصر من الجيش الوطني بكل بساطة، وتصوير العملية بهدوء وسهولة، ثم المغادرة وكأن شيئاً لم يكن.
واعتبر أن المعطيات تشير إلى أن الجريمة ارتُكبت من قبل جهات موجودة على الأرض وتعرف جغرافيتها، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الجواب النهائي سيتم تقديمه بعد الانتهاء من التحقيقات.
جريمة أقل ما توصف بأنها مروّعة، ويمكن القول إنها نسخة مصغّرة عن مجزرة التضامن الشهيرة التي نفذها مسؤولون في مخابرات نظام ميليشيا أسد، فأن يتم تقييد عناصر بعد توقيفهم، ثم يتم إطلاق النار عليهم بدم بارد وبشكل يظهر التشفّي والتسلّي أيضاً، فهو مشهد لا يمكن السكوت عنه أو تمريره، حسب الكثير من الناشطين، الذين طالبوا هيئة تحرير الشام بالتعاون مع الجيش الوطني للتحقيق بالجريمة على أعلى المستويات.
الناشطون رأوا أنه في حال كانت ميليشيا قسد هي المسؤولة، فإن التسجيل سيكون دليلاً استثنائياً على إجرامها، وبالتالي يسهل إدانتها أمام المحاكم والمنظمات الدولية، ما يجعل السكوت أو التهرّب من التحقيق في القضية بمثابة خيانة، ودليل غير مباشر على المسؤولية عن الجريمة.
التعليقات (11)