نشرت صحيفة "تايمز" البريطانية مقالاً للكاتب الألماني روجر بويز، تطرّق فيه إلى زيارة إمبراطور المخدرات بشار الأسد إلى الصين، واجتماعه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ.
بويز استهل مقاله الذي جاء تحت عنوان "إدمان الأسد للمخدرات سيجعل شي يفكر مرتين" بالإشارة إلى إن "بكين اعتادت على التعامل مع الأنظمة الفاسدة، لكن الديكتاتور السوري يحمل أعباء إضافية".
أحمق في زاوية النادي الاستبدادي
وكتب بويز أنه "في أكاديمية الحكام المستبدين المزدحمة، كان الجزار بشار الأسد على مدى العقد الماضي هو الأحمق في الزاوية، ليس بسبب عدد القتلى المروّع الذي سقطوا تحت قيادته والذي تجاوز نصف مليون قبل أن تتوقف المنظمات غير الحكومية عن الإحصاء، ولكن لأنه خرج من كل تلك المذبحة وهو يحكم دولة ممزقة ومختلة".
ورأى الكاتب الألماني أنه بعد 12 عاماً من إراقة الدماء، يسطع نجم بشار الأسد من جديد في النادي الاستبدادي، وكتب ساخراً: "ربما يقوم بتأليف كتاب دراسي بعنوان " كيف تنجو من دكتاتوريتك".
وأشار إلى أن الجامعة العربية سمحت للأسد بالعودة إليها، كما رحّب به الرئيس الصيني للتو في بكين ووقّع على "شراكة إستراتيجية" غامضة بين الصين وسوريا، وهناك حديث عن حجز مقعد للأسد في مؤتمر المناخ Cop28 الذي ستستضيفه الإمارات العربية المتحدة، في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لافتاً إلى أن هذا التواصل مع الأسد جزئي إلى الزلازل المدمرة التي ضربت شمال سوريا وجنوب تركيا الشتاء الماضي، بحسب بويز.
ورأى بويز أن سوريا كانت لسنوات عديدة جاهزة للانقلاب، الذي تم توجيهه وفقاً لتوقعات المخابرات الغربية من قبل شقيق بشار الأسد الأكثر قسوة، ماهر. لكن الأسد، على الرغم من كونه مديراً ضعيفاً للاقتصاد، حافظ على الانضباط في السلطة وداخل الأجهزة الأمنية.
المبادرة الصينية والممر الهندي الأوروبي
ولفت إلى أن الصين شعرت بالقلق عندما أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، والرئيس الأمريكي جو بايدن عن ممر نقل بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا في قمة مجموعة العشرين الأخيرة.
واعتبر بويز أن الممر سيكون منافساً لمبادرة الحزام والطريق الصينية، التي انضم إليها نظام أسد رسمياً العام الماضي، إذ يشمل الممر مسار السكك الحديدية والشحن الألياف الضوئية وخطوط أنابيب الهيدروجين النظيفة الممتدة من الهند عبر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وحتى الاتحاد الأوروبي.
وتساءل الكاتب: "ألا يمكن أن تكون سوريا جزءاً من الرد الذي تقوده الصين على هذه الحملة الغربية، وهي واحدة من حلفاء بكين الأكثر ثقة في الشرق الأوسط؟".
بويز قال إن الرئيس الصيني أصبح معتاداً على ظهور الديكتاتوريين على عتبة بابه، فقد زاره الزعيمان الفنزويلي والإيراني هذا العام على أمل جني المكافآت من خلال تقديم أنفسهم كضحايا للحرب المالية الأمريكية. وفي الأسبوع الماضي أصبح الأسد هو المتوسل، وليس من الواضح بعد ما إذا كان سيقنع شي بتمويل "النهضة" السورية.
مخدرات الأسد وإخراجه من جحره
وتشير التقارير إلى أن "شي" حذّر بشأن التحالف الوثيق مع الأسد، وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مشتت بسبب حربه على أوكرانيا، إلا أن روسيا تظل الحليف الأساسي للأسد.
وأكد الكاتب أنه يجب على "شي" أن يعلم أنه سيندم على مساعدة الأسد في الخروج من جحره، موضحاً أن التضامن بين الديكتاتوريين أمر مكلف. ونوه إلى أن هناك حجة حاسمة لصالح تجنب الأسد مثل الطاعون: فمن أجل الحفاظ على التدفقات النقدية إلى عائلته والدائرة المقرّبة منه، حوّل الأسد سوريا إلى دولة مخدرات.
وبحسب بويز، فقد كان للسلطات الصينية الكثير من التعاملات مع الحكومات الفاسدة، ويُزعم أن الصفقات التي تم التوصل إليها داخل مبادرة الحزام والطريق قد تم تزويدها بالمكافآت، إلا أن أي شريك إستراتجيي (نظام أسد) يجني الأموال من المخدرات لن يلقى قبولاً لدى الرئيس الصيني بسبب عقيدته السياسية المتمثلة بأن الصين يجب أن تتخلص من الإذلال الذي ألحقته بها القوى الإمبريالية، وفي المقام الأول تجارة الأفيون التي تديرها الشركات البريطانية.
واعتبر الكاتب الألماني أن عملية إعادة تأهيل عائلة الأسد تتقدم بسرعة كبيرة، دون أي مساءلة عن جرائمهم، مثل البراميل المتفجرة التي سقطت على طوابير الخبز، والهجمات بالغاز الكيماوي، وتدمير المدارس. وختم مقاله بمخاطبة الرئيس الصيني قائلاً: "فكّر مرة أخرى، شي. الأسد ليس قضية خيرية".
التعليقات (3)