من بينها سكة حديد وخط للغاز.. مشاريع تركيا - أذربيجان اقتصاد بأهداف سياسية

من بينها سكة حديد وخط للغاز.. مشاريع تركيا - أذربيجان اقتصاد بأهداف سياسية

أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين يوم أمس الأول زيارة إلى إقليم نخجوان/ناختشيفان الأذري، والتقى خلالها بالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، حيث وقّع الطرفان سلسلة اتفاقيات في العديد من المجالات العسكرية والاقتصادية.

ووقّع الرئيسان بروتوكولاً لإنشاء خط حديد كارس التركية - نخجوان الأذرية، إضافة لوضع حجر الأساس لمشروع خط أنابيب غاز "إغدير-نخجوان"، وحجر الأساس لمجمع نخجوان العسكري، المصمّم لإصلاح وتحديث مختلف أنواع الدبابات والمركبات القتالية المدرّعة والناقلات وقطع وأنظمة المدفعية ومعدات الدفاع الجوي والأسلحة النارية والمعدّات الهندسية ومعدّات الاتصالات والأجهزة البصرية. 

وتأتي الزيارة بعد عملية أمنيّة نفذها الجيش الأذري في 19 سبتمبر/ أيلول الجاري لما وصفه (إرساء النظام الدستوري في إقليم قره باغ)، فيما عدّها البعض استفزازية نظراً لمطالب باكو بإنشاء ممر نقل زانجيزور الذي يربط ناخيشيفان بالبر الرئيسي لأذربيجان، والذي بدوره سيفصل أرمينيا عن حليفتها إيران، ويصل في الوقت نفسه تركيا بدول آسيا الوسطى عبر أذربيجان وبحر قزوين.

وأكد علييف أن إقليم نخجوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الأذربيجانية، وأنه انقطع الاتصال بينها وبين القسم الرئيسي من أذربيجان بسبب فصل الاتحاد السوفييتي عام 1920 لأراضي زنجيزور الغربية عن أذربيجان، حيث يخضع الإقليم لسيادة أذربيجان رغم انفصاله الجغرافي عنها، وتبلغ مساحته قرابة 5363 كيلو مترمربع، ويتمتع بالحكم الذاتي، وللوصول إليه لابد من المرور عبر إيران أو أرمينيا ويمتلك الإقليم حدوداً مع تركيا لمسافة تمتد لنحو17 كم.

ظل زانجيزور

نصّ اتفاق وقف إطلاق النار بين أذربيجان وأرمينيا الذي توسطت فيه روسيا في 2020، على فقرة غامضة تقضي بوجوب "إلغاء حظر جميع الروابط الاقتصادية والنقل في المنطقة"، وبموجب ذلك ضمنت أرمينيا المرور عبر أراضيها للوصول إلى نخجوان، حيث وفقاً لـ (زاور شريف) العضو في مجموعة الأزمات الدولية، فقد "أعادت أذربيجان رسم الخريطة في حرب 2020 وتسعى الآن لتسوية سلميّة مع أرمينيا لكن بشروطها الخاصة".


وفي إشارة لافتة، قال أردوغان: "تم إدراك أهمية "الممر الأوسط الدولي بين الشرق والغرب" بشكل أفضل نتيجة لوباء كورونا والحروب في منطقتنا، وبهذه المناسبة فإن خط أنابيب غاز إغدير- نخجوان سيعزز شراكتنا مع أذربيجان في مجال الطاقة كما سيساهم في "أمن إمدادات الطاقة بأوروبا".


والممر الأوسط، هو عبارة عن حلقة في مبادرة "الحزام والطريق"، يصل الصين بالمملكة المتحدة عبر آسيا الوسطى وبحر قزوين وتركيا ويشكّل خط الحرير الحديدي، والذي تشكل سكة حديد "باكو- تبليسي-قارص" إحدى حلقاته، وهو ما هدّد علييف بإنشائه عام 2021 (شاءت أرمينيا أم لا) ، ومؤخراً أشار الرئيس التركي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إليه ضمن "فرصة تاريخية لبناء السلام" لا تستغلها أرمينيا بالحدود القصوى، لافتاً إلى أنه يتوقع التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين البلدين في أسرع وقت ممكن والوفاء بالوعود سريعاً خاصة فيما يتعلق بفتح ممر (زنجيزور البري).

يؤكد الصحفي والمحلل السياسي المختص بالشأن التركي "علي أسمر" خلال حديث لـ أورينت نت، أن "ممر زانجيزور ممر إستراتيجي وسيسهل حركة المواطنين والمركبات والقطارات بين تركيا وأذربيجان، الدولة التي تمثل بوابة تركيا إلى القوقاز، وطبعاً هذا الممر سيؤثر إيجاباً على المنطقة، حيث سيكون سبباً في نهضة إقليم ناختشيفان، الذي يمر به خط الغاز الجديد ( إغدير-نخجوان)، الذي تم افتتاحه مؤخراً خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى الإقليم، لافتاً إلى أن هذه المشاريع كممر "زنجيزور"  وخط أنابيب غاز "إغدير-نخجوان"  لن تكون في صالح إيران، لكونها ستقلّص الدور الإقليمي لإيران وهو ما يفسّر رفضّ طهران لها".

يضيف: "هنا سبب آخر للرفص الإيراني وهو العلاقة التنافسية بين تركيا وإيران، فالدولتان تمثلان قوى إقليمية في منطقة جغرافية واحدة وكل منهما يحاول توسيع رقعة تحكمها في المنطقة، لذا تعمل إيران دائما على إفشال أي مخطط يوسّع النفوذ التركي، وعليه ستعمل على إبقاء الطريق الوحيد بين تركيا وأذربيجان عبر أراضيها، للتحكّم بالظروف اللوجستية بين تركيا وأذربيجان، وقد لا تكون إيران الوحيدة في ذلك، فروسيا أيضاً لديها تخوفاتها وشكوكها من احتمالية لعب دور للناتو في هذه الممرات مستقبلاً. مشيراً إلى أنه بعد انتصار أذربيجان على أرمينيا لن توجد قوة توقف المشاريع الإستراتيجية بين تركيا وأذربيجان اللتين قرّرتا وصل الدولتين برّاً بدون أي وسيط.


بدوره، اعتبر الزميل الزائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية "حميد رضا عزيزي"، أن "إيران ترى في استعادة أذربيجان لكاراباخ هي الخطوة الأكثر جدية في إنشاء ممر زانجزور، وهذا الممر كما هو متصوّر في إيران سيحرم إيران من ميزة جيوسياسية خطيرة للغاية، وهي الوصول البري المباشر إلى أرمينيا وكذلك النفوذ الذي كان لها على أذربيجان بشأن وصولها إلى ناخيتشيفان".

وذكر: "بهذا المعنى، هناك الكثير على المحك"، ممر زانغزور "سيكون كارثة جيوسياسية لإيران"، وهو ما أكّده وزير الخارجية الإيراني في وقت سابق "حسين أمير عبد اللهيان"، عندما صرّح بأن إيران لن تسمح بإغلاق طريق اتصالها مع أرمينيا، وأن أية محاولة للتلاعب برسم الحدود أو تغييرها خط أحمر".

العالم التركي

يعتقد الكثيرون، أن روسيا تفضل مخطط ممر زانجيزور، لأنه يمنح روسيا وصولاً برياً مباشراً إلى تركيا ووسيلة أخرى لخرق العقوبات الغربية، وفي حال فتحه أمام حركة النقل وفقاً لموقع "أسباب:، سيعزز "ممر زنجيزور" اتصال تركيا بريّاً بدول آسيا الوسطى المرتبطة بتركيا تاريخياً وثقافياً وإثنياً، ويخدم مساعي أنقرة لتوكيد دورها كقائد لمنطقة أوراسيا التركية، ويرفع من أسهم "منظمة الدول التركية" التي تتكون من تركيا وأذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان فضلاً عن تركمنستان بصفة مراقب.


نتيجة الإيمان التركي بذهاب العالم نحو التكتلات كالاتحاد الأوروبي ومجموعة بريكس، عمل الرئيس أردوغان، منذ تولّي حزب العدالة والتنمية للحكم في تركيا على تعميق العلاقات مع ما يسمى الدول التركية كأذربيجان وكازاخستان وقيرغيزستان وأوزبكستان وكل من المجر وتركمانستان أيضاً، حسب أسمر، حيث تربط هذه الدول بتركيا علاقات تاريخية اجتماعية سياسية اقتصادية عريقة، لذلك رأينا تأسيس "منظمة الدول التركية" في 2009 والذي مهّد لتقوية العلاقات التركية بهذه الدول، وأصبحنا نشاهد موضوع "منظمة الدول التركية" في العديد من مسلسلات الدراما التركية وهذا الشيء ليس صدفة! والآن تحاول تركيا توثيق وتطوير العلاقات بشكل أكبر عبر مشاريع إستراتيجية تخدم الدول التركية جميعاً. 

وكان الرئيس الأذربيجاني قد بيّن خلال إشادته بمشروع سكة حديد قارص- نخجوان بعد توقيع بروتوكوله، أن الممر سيشكل مشروعاً مشتركاً يخدم تركيا وأذربيجان ودول المنطقة، فيما أشار نائب وزير الخارجية الأرميني فاهان كوستانيان إلى ثلاثة أهداف لعملية باكو الأخيرة، إحداها "دفع الجانب الأرميني لإعطاء ممر خارج الحدود الإقليمية".

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات