بدأ فصل جديد من العلاقات الأردنية الإيرانية يتشكل مع المباحثات التي عُقدت بين وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ونظيره الإيراني حسين عبد اللهيان في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السبت، عنوانه الأبرز "المخدرات".
وذكر بيان الخارجية الأردنية، أن الصفدي أكد ضرورة وقف التهديدات من سوريا لأمن الأردن والمنطقة، خصوصاً خطر تهريب المخدرات، الذي سيستمر الأردن في اتخاذ كل ما يلزم من خطوات لدحره، مشيراً إلى أن بلاده عازمة على تطوير العلاقات مع إيران على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وعلمت "أورينت نت" من مصادر أردنية خاصة، أن اللقاء كان بطلب إيراني، في ظل تزايد الشكاوى الأردنية من استمرار تدفق شحنات المخدرات والأسلحة القادمة من سوريا، وكان الأردن قد تحدّث في أكثر من مناسبة عن تورط ميليشيات تابعة لإيران وأخرى لأسد في تهريب المخدرات إلى أراضيه.
وتُعبّر المحادثات الأردنية – الإيرانية عن قناعة عمّان بأن حل قضية المخدرات لن يكون إلا مع طهران لا عبر وكيلها نظام الأسد، علماً أن بعض الأوساط الأردنية ترى أن من بين أهداف إيران من المخدرات خلق ملفات يمكن التفاوض عليها مع الأردن، إلى جانب استهداف شعوب المنطقة.
وثمة من يرى أن الأردن يستنجد بإيران بعد أن فشل في كبح شحنات المخدرات، لكن الباحث الأردني صلاح ملكاوي، يرى في المباحثات "محاولة" من ضمن المساعي التي تبذلها بلاده للتعامل مع قضية المخدرات، مضيفاً لـ"أورينت نت" أن "سياسة الدول الخارجية لا تُبنى على التوقعات الإيجابية، وخاصة في الحالة الأردنية – الإيرانية، حيث الخلافات المعلنة".
محاولات تسبق التصعيد
وقد يكون اللقاء من باب "تقديم العذر أو طرق كل الأبواب" قبل تصعيد أردني قادم، كما يعتقد ملكاوي، مضيفاً أن لدى الأردن "المعلومات المؤكدة عن تورط بعض ضباط النظام و"حزب الله" بتهريب المخدرات والمتفجرات، وعندما تأتي إيران وتعرض خدماتها لن يُمانع الأردن، وخاصة أن اللقاء يحظى بدعم عربي باعتبار أن المخدرات لا تستهدف الأردن فقط".
وكان الأردن قد ألمح إلى احتمالية التحرك عسكرياً داخل الأراضي السورية لوقف تهريب المخدرات، في حال فشل النظام بالوفاء بتعهداته التي قطعها للمجموعة العربية قبل إعادته لجامعة الدول العربية والتطبيع معه.
ما المقابل الذي تريده إيران؟
وما يبدو واضحاً أن إيران لن تفرط بورقة "المخدرات" لابتزاز الأردن، إلا في حال حصلت على ما تريده ولو بالحد الأدنى.
وفي هذا الاتجاه، يشير الباحث بالشأن الإيراني مصطفى النعيمي، إلى محاولات إيران اختراق الأردن عبر السياحة الدينية، لافتاً إلى رفض الحكومة الأردنية ترخيص مركز متخصص في الجنوب الأردني (مقامات آل البيت في الكرك) لاستقبال الحجاج الشيعة تحديداً، كان قد تقدم به أحد رجال الأعمال الأردنيين في آب الماضي.
وأضاف لـ"أورينت نت" أن "السياحة الدينية" هي أحد أهم أدوات إيران للتوسّع والعبث بدول المنطقة، معتبراً أن الأردن "في حالة يقظة تامة لخطورة المشروع، رغم المُغريات والضغوط".
وحتى الآن لم ينفتح الأردن على السياحة الدينية، رغم أن النقاش بخصوص فتح المجال أمام الزوار الشيعة العراقيين فقط بات يتردد في أروقة صنع القرار الأردني مؤخراً.
وبالبناء على المعطيات السابقة، يرى النعيمي أن إيران غير جادة في تقديم أي حلول لقضية المخدرات، ما لم يبد الأردن ليونة في الشق المتعلّق بالسياحة الدينية "الشيعية"، داعياً الأردن إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تدفق المخدرات، حتى تفوت على إيران الفرصة.
وفي تصريحات سابقة لوزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة، قال إن ملف سياحة الإيرانيين إلى مقامات الكرك في الأردن "محسوم منذ التسعينيات"، مضيفاً: "على الرغم من أن البعض يرى فيه باباً لزيادة إيرادات السياحة، فإن قناعة الجهات الرسمية أن له أخطاراً أمنية، وبوابة لاختراق الأردن طائفياً وسياسياً".
ويمكن بحسب مراقبين وضع اللقاء الأردني الإيراني ضمن نتائج رعاية إيران للمخدرات، والإيعاز لنظام الأسد بعدم الاستجابة للمطالب الأردنية والعربية في هذا الخصوص، لدفعها إلى التفاوض المباشر معها ومساومتها، في ظل عدم تحقيق أي تقدم في مسار التطبيع العربي مع النظام.
التعليقات (4)