بعد حملاته الواهية.. محللون لأورينت: الفساد يغذّي حكم أسد ومحاولات مكافحته كاذبة

بعد حملاته الواهية.. محللون لأورينت: الفساد يغذّي حكم أسد ومحاولات مكافحته كاذبة

حاولت حكومة ميليشيا أسد الترويج لحملات مكافحة الفساد المستشري في مؤسساتها وملاحقة عدد من مسؤوليها المتهمين بقضايا اختلاس تقدّر بمئات المليارات، وذلك للتنفيس عن الاحتقان الشعبي المتزايد في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتصاعد المخاوف من توسع الاحتجاجات الشعبية بالسويداء وانضمام المزيد من المدن.

وزعمت الميليشيا ووسائل إعلامها تفعيل الأجهزة الرقابية والكشف عن قضايا الفساد الكبيرة التي استمرت منذ سنوات طويلة في معظم المؤسسات، وكأنها حكومة منتخبة تتّسم بالشفافية والحوكمة، لا دولة ريعية تقتات على الفساد وشراء الولاءات.

وبحسب "مؤشر مدركات الفساد" الذي يصنّف 180 بلداً وإقليماً من خلال مستويات انتشار الفساد في القطاع العام، من صفر حتى 100 نقطة، احتفظت سوريا بالمرتبة ما قبل الأخيرة بـ 13 نقطة.

حملة لمحاربة الفساد

ورغم اتساع قائمة "الفاسدين" الأخيرة والمؤسسات التي طالتها الحملة، كان اللافت التركيز على مؤسسة المحروقات، التي تمثّل السبب المباشر للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مناطق أسد، بعد الارتفاعات المتتالية في أسعار المشتقات النفطية، والحديث عن إقالة مديري المحروقات في دمشق وحلب، بعد ثبوت تورّطهم بالسرقة.

وتوسّعت الدائرة، كما كان متوقعاً، لتشمل ملاحقة شركات النقل والسفر الداخلي وسيارات الأجرة، بتهم متعددة تراوحت بين التلاعب بالحصص المدعومة وتأجيل رحلات السفر، وإضافة رحلات وهمية لتحصيل مخصصات زائدة من المحروقات المدعومة.
كما كشفت وسائل إعلام أسد، عن الفساد المستشري في الجمارك والحدود البرية، ووجود قضايا تعود لسنوات طويلة تمتد لما قبل عام 2011، تقدر قيمتها بمئات مليارات الليرات السورية، وبشكل خاص المنافذ البرية مع الأردن التي تشهد توترات وإغلاقاً متكرراً لمعبر نصيب.

وقد سبق هذه الحملة تضخيم قرار إزالة الحواجز العسكرية بين المدن والأحياء السكنية، وبشكل خاص حواجز الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، المعروفة بفرضها إتاوات على السكان والتجار، وذلك كشكل من أشكال القضاء على الفساد.

حملات شكلية

وفي حديثها لأورينت نت، أكدت مصادر محلية أن إزالة حواجز الفرقة الرابعة لم يغيّر شيئاً من الأوضاع، مع انتشار حواجز المخابرات والأمن السياسي والعسكري وغيرها، التي تحولت إلى حواجز مشتركة بعد انضمام عناصر الفرقة الرابعة إليها، وسيطرة الفرقة على الأمن العسكري منذ سنوات.

وأشارت المصادر إلى أنه بالنسبة للمكافحة في مؤسسة المحروقات، كان الأفضل التوجه لمركز التوزيع بمصفاة بانياس بشكل مباشر، حيث تتزايد عمليات السرقة ونقل المحروقات للسوق السوداء بإشراف مدير المصفاة محمود قاسم وبسام خضور وغيرهم، حيث يخرج يومياً أكثر من 20 ألف ليتر من المحروقات إلى السوق السوداء، وهي الكمية الخاصة بهم، عدا عن الكميات المنقولة من قبل أمراء الحرب والنافذين كنوع من التمويل الذاتي والمكافآت.

ولفتت إلى أن وعي السكان ارتفع وجرأتهم في النقد زادت، وصاروا يمتلكون رداً على كل نقطة تثيرها أو تروج لها حكومة ميليشيا أسد، بداية من مؤسسة المحروقات ومروراً بالجمارك وليس انتهاء بالسوق المحلية التي أصبحت تحت حكم تجار الحرب.

الفساد يغذّي حكم الأسد

وتُظهر حالة اللامبالاة من قبل السكان بالتعاطي مع حملات أسد الأخيرة، إدراك السوريين أن هذه المسيرة المكررة لا تتعدى محاولات التخدير، ولفت النظر عن إخفاقات اقتصادية مزمنة وعميقة ساقهم إليها، لتخفيف الاحتقان والسخط الشعبي الواضح الذي تحول إلى احتجاجات في السويداء قد تتوسع في أي لحظة.

ويعتبر الخبير الاقتصادي "فراس شعبو"، أن حملات محاربة الفساد واهية، إذ إن وجود نظام قائم على الفساد يزيد من هذه الظاهرة، كما إن إنهاء الفساد يعني سقوط النظام الذي يعيش ويقتات عليه، حيث يستبيح أموال الشعب ومؤسسات الدولة، وبالتالي فهي لا تتعدى عملية التمويه تحت الفكرة المعروفة للسوريين (الأسد جيد بس اللي حواليه فاسدين).

ويضيف أن الفساد اليوم بات مستشرياً بأضعاف ما كان عليه سابقاً، ولا يقتصر على الفساد المالي، حيث يشمل الفساد الإداري والقانوني والصحي والتعليمي والأخلاقي مع تزايد حالات التحرش الجنسي في الجامعات وغيرها.

ولا يستبعد شعبو أن تكون إجراءات أسد مرتبطة بالمطالب العربية المشدّدة على الشفافية في مؤسسات الدولة، ما اضطر النظام للقيام ببعض الإجراءات لتهدئة الأجواء المشحونة داخلياً وخارجياً.

لا مبالاة بالشعب

بينما يعتبرها الخبير الاقتصادي "أحمد عزوز" أنها مجرد حركة استعراضية لا أكثر، يلجأ إليها الأسد في كل مرة تصل فيها مؤشرات التضخم مستويات مرتفعة في مناطق سيطرته.

ويقول: "فعلياً لا يهتم الأسد بالضغوط أو مطالب الشعب وحتى مطالب حلفائه، خصوصاً أن تركيبته مبنية على رفض كل شيء وعدم الاكتراث بشيء، وهذا يظهر بالمبادرة العربية المجمدة فعلياً وقبلها مطالب السوريين بالإصلاح عام 2011، ومروراً باحتجاجات السويداء الأخيرة.

ويضيف أنه حتى قبل الثورة وبينما كان يتحكم أسد بمفاصل السلطة، شهدت مؤشرات الفساد ارتفاعاً فاضحاً، حتى صار الموظف يتلقى الرشوة العلنية مقابل أي عمل ينجزه، واليوم مع وجود ميليشيات محلية وأجنبية وعدم تحكمه بمؤسسات الدولة ومقدراتها التي تسيطر عليها الميليشيات، فإن الأمر يتّجه إلى الأسوأ.

ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها الأسد لورقة الفساد ومحاربته لتخفيف الغضب الشعبي، إذ سبق أن استخدمها مرات لا تحصى، حتى صارت شعاراً تلوكه آلته الإعلامية مع كل تضخم وانهيار اقتصادي، إلا أن المختلف هذه المرة بحسب الكثير من المراقبين، مجيئها في وضع ترتفع معه أصوات الاحتجاجات في الجنوب مع غليان بقية المناطق التي تنتظر شرارة للانفجار.

التعليقات (1)

    1

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات