بعد تحطيم شرعيته.. بشار يبحث عنها في الصين

بعد تحطيم شرعيته.. بشار يبحث عنها في الصين

لم يتوجه بشار الأسد إلى مخاطبة الأهالي وانتفاضتهم في السويداء التي دخلت شهرها الثاني، وشكلت تهديداً له هو الأشد منذ أعلن انتصاره على الشعب، وقد تحطمت أصنامه وتمرغت صوره تحت الأقدام، بل قرر الذهاب إلى الصين للإيحاء بأنه ما يزال رئيساً، وبأن هناك أبواباً ما تزال مفتوحة أمامه. 

لم يجد بشار الأسد مناصاً من طرق أبواب الصين التي سيزورها غداً الخميس، بعد أن أكدت انتفاضة السويداء أن لا قاعدة شعبية يستند إليها كرئيس وطالبت باسم جميع السوريين برحيله، وتطبيق القرار 2254، في حين أفقده البعد العربي الذي طرح القرار الأممي التواصل مع العرب، لا بل قطع العرب هذا التواصل. 

التجأ بشار إذاً إلى الصين بسبب ضعفه في مواجهة الانتفاضة، والعجز الذي أبداه داعموه وشركاؤه في القتل، إيران وروسيا، وعدم رغبتهم في الدخول في مواجهة مطالب الشعب الذين لا يستطيعون وصمه بالتهم الجاهزة السابقة، وتخوفهم من ضياع الثروات التي وضعوا أيديهم عليها في إطار حسابات تحكمها المصلحة والمفاضلة بين الإمكانات والطموحات.

ويوحي الخبر الذي بثته سانا حول الوفد المرافق لبشار الأسد بأن هناك أهدافاً اقتصادية لزيارة بشار الأسد، وعليه فإنه لا شك سيحمل مغريات للصين ومزايا لتشجيعها على دعمه اقتصادياً وسياسياً، مستنداً إلى انضمامها إلى روسيا في مجلس الأمن سابقاً باستخدام الفيتو لصالحه، وإلى مطالبتها برفع العقوبات الغربية عنه، ومعوّلاً على رغبتها في تعزيز نفوذها في معادلة توازنات القوى الدولية في منطقة الشرق الأوسط. 

ولكن ما هي المغريات المتبقية في البلاد، وقد أعطى الإيرانيين والروس الموانئ والمطارات وثروات الفوسفات والنفط والغاز والعقارات الأساسية في مراكز المدن، مقابل حمايتهم له، ولم يبق ثروات إستراتيجية وكبيرة ممكن أن يقدمها للصين، اللهم سوى نفوذ سياسي في مواجهة الولايات المتحدة، مع ما يعنيه من مشاركتها روسيا وإيران في السيطرة على السيادة، واستدعاء احتلال سياسي جديد.

لن تكون تلك المغريات والمزايا أكثر من نفوذ سياسي يمنحه للصين "أو عرض خدماته من أجل مصالحها في المنطقة" ولن تعطيه الصين بالمقابل استثمارات اقتصادية كما يروج إعلامه، لأنها تدرك أنه لا يمكن أن تدخل على خط اقتصاد بلد يعاني عدم الاستقرار سياسياً وأمنياً، ولا سيما أنها طرحت في وقت سابق مبادرة للحل السياسي الشامل في سوريا تتضمن تضييق الخلافات مع جميع فصائل المعارضة السورية من خلال الحوار والتشاور وتسريع في عملية إعادة الإعمار ورفع العقوبات. 

ومن هنا فإن زيارة بشار الأسد للصين فاشلة على الصعيد الاقتصادي، وهدفها الترويج الإعلامي وإثارة ضجيج في الإعلام بعد أن داس الأهالي على صوره في شوارع محافظة السويداء وأيضاً إلى شد عصب ما تبقى من أبواق له، والإيحاء لهم بأنه لا يزال رئيساً، وخاصة أن الصين سبق لها أن أرسلت وزير خارجيتها وانغ يي إلى دمشق يوم إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في 17/7/2021، ليكون أول المهنّئين لبشار في تلك الانتخابات. 

والصين بدعوتها بشار لزيارتها تكون ارتكبت خطأ إستراتيجياً إزاء الشعب السوري في ظروف يترنح فيها ويقف عاجزاً أمام انتفاضة السويداء، وأمام إيجاد خبز لشعبه، كما إنه عاجز حتى عن إخراج عشرة أشخاص في مسيرة تؤيده، ولذلك فإنها ستفقد رصيدها المحدود جداً بين السوريين، وستكون خاسرة في مراهنتها على رأس نظام متهالك وليس على الشعب الذي حظيت انتفاضته في السويداء بدعم قوى دولية تريد الصين منافستها. 

ومن الصعب ألا تكون الصين تفهمت واقع أن انتفاضة السويداء أسمعت صوت الشعب السوري، العالم بأن السوريين لا يريدون بشار الأسد فهو الآن بات زعيم ميليشيا من ميليشات الأمر الواقع الموجودة على الجغرافيا السورية، ومنزوع السيادة، وقراره مكبل بقرار الروس والإيرانيين، الموجودين في قصره، كما في مفاصل المؤسسات، وقواتهم في طول البلاد وعرضها.

ولكن من جانب آخر وبحسب ما نقل كمال الجفا المستشار في حكومة النظام عن وكالة شينخوا الصينية فإن بشار سيصل إلى بكين لحضور حفل افتتاح دورة الالعاب الآسيوية التي سيتم افتتاحها يوم 23 الشهر الحالي، وعليه فإن "رئيساً" يعاني شعبه من كارثة معيشية وعدم استقرار سياسي وأمني واقتصادي، إضافة إلى انتفاضة في إحدى محافظاته، يذهب لحضور دورة رياضية فهذا يشكل وصمة عار بهكذا شخص لا يتمتع بأي مسؤولية ويستهتر بالشعب، من خلال رفضه إيجاد أي حل لقضيته بعد أن قتل نحو مليون شخص وهجّر نصف السكان.

كما يمثل استهتاراً بالعرب ومبادرتهم التي رفع الأهالي في ساحة الكرامة لافتات تدعوهم للعمل على تنفيذها وفق القرار 2254، ولا سيما أن العرب انطلقوا من دوافع إنسانية وعربية لإنقاذ السوريين من الكارثة التي ألحقها بهم، ولكن كما إن النهج المُصرّ أن يسير عليه بشار لن يزيد الأهالي إلا تمسكاً بالمطالبة بإسقاطه، ورحيله عن البلاد، فمن غير المتوقع ألا يتخذ العرب موقفاً أكثر تقدماً يُبنى على انتفاضة السويداء، بعد أن رفض مبادرتهم ولا يزال يهرّب الكبتاغون إلى بلدانهم ويهدد أمنها. 

ولو كان بشار الأسد يتمتع بصفات الرئيس لكان عليه التوجه إلى شعبه الذي دخلت انتفاضته الشهر الثاني وتطالبه بالانخراط بالحل السياسي بموجب القرار 2254، لحل أزمة البلاد برمتها، لا أن يذهب إلى الصين، فالسويداء التي يصم آذانه عن سماع أصوات شبانها هي أقرب من تلك الصين ومن إيران وروسيا.

بشار يثبت بذهابه إلى الصين أنه عاجز عن مواجهة انتفاضة السويداء وإيجاد حلول لأزمات البلاد المعيشية الكارثية، التي يزيدها تأزماً يوماً إثر يوم من خلال رفع أسعار المواد الأساسية، كما إنه يثبت من جديد خيانته وعداءه للشعب، وبأنه مُصرّ على أن يحكمه بأي وسيلة ممكنة حتى لو كانت في الذهاب إلى الصين والتحالف مع أي مرتزقة أو ميليشيات في أقاصي الكرة الأرضية. 

ولكن جميع هذه الممارسات ليست سوى تعبير عن يأس، بسبب فقدانه الشرعية التي لا يمكن أن تعطيها له الصين أو غيرها من الدول التي لا تنظر إليه إلا عميلاً رخيصاً، لا يتوقف عن حصار شعبه وتجويعه، وقتله، فالشرعية لا يمنحها غير الشعب دون سواه، والأهالي نزعوا تلك الشرعية وهم متمسكون بانتفاضتهم حتى تحقيق الحل السياسي للبلاد برمتها وفق القرار 2254، ورحيل بشار الأسد ومحاسبته على ما ارتكبه من جرائم.

التعليقات (1)

    بامبو الصيني

    ·منذ 7 أشهر أسبوع
    خطة روسيا وإيران لاعتقال بشار في الصين
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات