وثق تقرير نشرته منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" عدة حالات للاجئين سوريين تم ترحيلهم من قبل السلطات التركية إلى الشمال السوري عبر ثلاثة منافذ حدودية باتت بوابات رئيسية لعمليات إبعاد السوريين، وهي معبر باب الهوى، ومعبر باب السلامة، ومعبر تل أبيض.
وأشار التقرير إلى أنه منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية آب/أغسطس تم ترحيل 29،895 لاجئاً سورياً، لافتاً إلى أن العدد الأكبر من اللاجئين رُحِّل عبر معبر تل أبيض، حيث شهد المعبر 10،725 عملية إبعاد منذ بداية العام، تلاه معبر باب الهوى، الذي شهد 9591 عملية إبعاد، ومن ثم معبر باب السلامة الذي شهد 9579 عملية إبعاد.
وبحسب الشهادات التي جمعتها المنظمة لغرض هذا التقرير، فإن حملة الترحيل الجديدة ترافقت من انتهاكات عديدة لإجبار المحتجزين على توقيع ورقة "العودة الطوعية"، كما أظهرت الشهادات الحديثة، أنّ من ضمن المرحّلين نساء وأطفالهنّ ولاجئين كباراً بالسن.
اعقتلوني من أمام بيتي
وجاء التقرير على ذكر 10 قصص لسوريّين رحّلتهم السلطات التركية قسراً خلال الحملة الجديدة والمستمرة، منها قصة اللاجئ السوري مصطفى (26 عاماً) من مواليد حلب والذي اعتقلته السلطات التركية بتاريخ 21 تموز/يوليو 2023، من أحد شوارع مدينة إسطنبول، ورحّلته قسراً إلى شمال سوريا، على الرغم من أنه يمتلك “كملك” ومستخرج من المدينة ذاتها.
وقال مصطفى دخلت إلى تركيا عام 2015، واستخرجت كملك إسطنبول، أعمل في مجال بيع الألبسة، متزوج ولي طفل خرجت من البيت لإصلاح هاتف زوجتي وفي نفس الحي، تم إيقافي من قبل الشرطة، وطلبوا بطاقة الحماية المؤقتة، وكنت قد تركتها في البيت لأن المصلح في نفس الحي، أخبرتهم أن بطاقة الحماية المؤقتة في البيت، وأنه يمكنني العودة لمنزلي وإحضارها خلال دقيقتين، ولكن الشرطة رفضت ذلك، وقررت اصطحابي إلى مركز الاحتجاز، أخبرتهم أنني أملك صورة لبطاقة الحماية المؤقتة أيضاً، رفضوا رؤيتها.
وأضاف "فعلاً ذهبت معهم، وتمّ اصطحابي إلى مركز احتجاز توزلا، لم يتم تبصيمي ولا التأكد من أني أملك بطاقة حماية مؤقتة، بعدها تم اصطحابي إلى ولاية كلس، وفي مركز الاحتجاز هناك في إدارة الهجرة، تم تبصيمنا على ورقة العودة الطوعية إجباراً وإبطال بطاقاتنا للحماية المؤقتة".
لدي منزل وسيارة ورصيد بالبنك
ووثقت المنظمة قصة أخرى لسوري اسمه سامي (34 عاماً) من مواليد حلب، ويملك إقامة نظامية في إسطنبول منذ عام 2013.
وأكد سامي أنه استطاع أن يفتح محلاً لبيع الجوالات عام 2015، وحصل على ترخيص نظامي للمحل، وفتح شركة صغيرة، وحصل على إذن عمل وتأمين صحي، وموقع محله في إسنيورت.
وقال سامي إنه مع بداية الشهر السابع؛ زارني البوليس في المحل، وطلبوا تفقد جميع الأوراق والحسابات وقالوا لي إن هناك مشكلات بالحسابات، ثم فتشوا المحل فوجدوا تلفونات غير تركية مستعملة، كنت أقوم ببيعها، فقالوا هذه مخالفة ولا فواتير تنظمها.
أضاف أنه رفض عناصر الشرطة الأخذ بالوثائق الرسمية التي أبرزها “سامي”، وأصروا على أن لا طريقة للتأكد من كل هذه المعلومات بدون بصمته؛ كما إنهم رفضوا إطلاع محاميه على الوجهة التي كانوا سيقتادونه إليها.
تابع: "أغلقت المحل ورافقتهم، تفاجأت أنهم أخذوني إلى توزلا، وأخذوا هاتفي ولم أستطع أن أخبر المحامي أين أنا وبعد يومين بصمت ثم أخبرنا العناصر أنه سيتم نقلنا إلى مخفر الشرطة تمهيداً للإفراج عنا، وضعونا في الباصات بعد أن قيدوا أيدينا، مشت الباصات باتجاه شانلي أورفا، وقالوا يجب أن يتم أخذ بصمتنا من إدارة الهجرة في (شانلي أورفا) كعقاب لنا وبعدها الإفراج عنا وبعد 16 ساعة، وصلنا إلى شانلي أورفا وأنزلونا في مخيم حرّان، وبعد يومين، أخذوا بصماتنا وفي صباح اليوم التالي، وضعونا بالباصات وأُخِذنا إلى معبر تل أبيض".
وأكد سامي أنه يواجه مشكله كبيرة، لأنه كان قد أودع ما يقارب من 2 مليون ليرة تركية في البنك، وبعد توقيف الكملك، أوقفوا حسابه البنكي وعنده سيارة وشقة صغيرة، مسجّلة باسم الشركة، لا يعرف ما مصيرها.. وطلب المحامي مبلغاً كبيراً جداً حتى يتحرّك قانونياً.
أنا مريض بالقلب
بدوره، روى موسى للمنظمة أنه عام 2020، دخل تركيا إسعافياً بعد نوبة قلبية، ومنحته إدارة الهجرة كملك، على إثر وثائق من المشفى أثبتت خطورة حالته الصحية التي تتطلّب علاجاً طويلاً، كان من المقرر أن يخضع موسى لعملية جراحية بتاريخ 10 آب/أغسطس 2023، ولكنه اعتُقل ورُحّل إلى سوريا، قبل الموعد المقرر.
وتشكل عمليات الإعادة القسرية، الجماعية بأغلبها بحسب مصادر التقرير، خرقاً للقانون رقم 6458، والمعروف باسم “قانون الأجانب والحماية الدولية” والصادر بتاريخ 11 نيسان/أبريل 2013، والذي ينصّ على منح السوريين “الحماية بشكل مؤقت في تركيا ويمنع عمليات إعادتهم بشكل قسري، واستقبالهم ريثما يتم تأمين المناخ الآمن في بلدهم الأصلي.
التعليقات (18)