تعمل إيران على استغلال "السياحة الدينية" لإدخال شحنات الأسلحة والمعدات إلى الأراضي السورية عبر قوافل الحافلات التي تُقل "الزوار الشيعة" من العراق، معتقدة أن هذه الطريقة توفّر الحماية للشحنات من خطر الاستهداف الجوي، بسبب الحماية التي يوفّرها الزوار.
ويبدو أن تعرض الشحنات المنقولة جواً إلى الاستهداف في المطارات السورية أو في المخازن السرية القريبة منها، قد دفع بميليشيات الحرس الثوري إلى البحث عن طرق "آمنة" بديلة لنقل الأسلحة عموماً، وخطوط إنتاج الطائرات المسيّرة وقطع الصواريخ.
وحتى تضمن الميليشيات أمن الشحنات للوصول إلى المواقع المطلوبة، أبرمت صفقة مع المسؤولين عن أجهزة أمن نظام أسد، تنصّ على تأمين وحماية قافلات الزوار القادمة من العراق في شهر آب/ أغسطس وفق ما رصدت شبكة "عين الفرات"، موضحة أنه بموجب الاتفاق يتعين على أجهزة أمن النظام مرافقة الحافلات التي تنقل شحنات الأسلحة منذ دخولها من معبر البوكمال حتى وصولها إلى منطقة السيدة زينب في دمشق، بدلاً من مرافقتها من قبل ميليشيات "الحشد الشعبي" العراقي.
وأوضحت الشبكة أن "عراب الصفقة هو مدير المركز الثقافي الإيراني بدير الزور الحاج رسول، حيث أجرى زيارات عديدة لأجهزة النظام الأمنية، التقى خلالها بالعميد مهند محمد رئيس فرع الأمن العسكري والعميد إبراهيم الحريري رئيس فرع أمن الدولة، والعميد جهاد الزعل رئيس فرع المخابرات الجوية، والعميد أيمن الأحمد رئيس فرع الأمن السياسي".
استغلال قوافل الزوار
ويقول الناشط الإعلامي أبو الوليد البوكمال، إن إيران اعتادت على إدخال العناصر والأسلحة ضمن "قوافل الزوار"، مؤكداً لـ"أورينت نت" أن "إيران بدأت مؤخراً بنقل خطوط إنتاج وصيانة الطائرات المسيرة في الحافلات".
وتعد البوكمال منطقة نفوذ إيرانية خالصة، بحيث تسيطر الميليشيات الإيرانية على كامل مفاصل الحياة في المنطقة التي تعد بوابة العراق على سوريا.
وبحسب مدير منظمة "العدالة من أجل الحياة" جلال الحمد، دفعت إيران منذ العام 2017 بقوة بالميليشيات إلى منطقة البوكمال، بهدف السيطرة على المدينة ومحيطها بسبب أهمية موقعها الذي يربط العراق بسوريا.
ولم تركز إيران على منطقة سوريّة كما فعلت في البوكمال، مبيناً: "تدرك إيران استحالة السيطرة على كامل الحدود العراقية السورية بطولها الشاسع، ولذلك ركزت على البوكمال، واليوم تحاول واشنطن التضييق على إيران في سوريا، وبالتالي من الطبيعي أن تزيد إيران من كمية شحنات الأسلحة إلى سوريا، استباقاً لتطورات غير محسوبة".
سباق إيراني مع الوقت
وما يبدو واضحاً لمصادر "أورينت نت" أن إيران كثفت من عمليات تهريب الأسلحة إلى سوريا، وذلك بعد زيادة الأنباء عن نية الولايات المتحدة إغلاق الحدود العراقية السورية، لتبدو الميلشيات وكأنها قد دخلت في سباق مع الوقت لتهريب أكبر قدر ممكن من شحنات الأسلحة، رغم نفي وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) دقة تلك الأنباء.
ويخدم تدفّق الزوار الشيعة إلى سوريا في هذا الوقت توجّه إيران نحو زيادة تهريب شحنات الأسلحة، على حد تأكيد الباحث والخبير بالشأن الإيراني ضياء قدور لـ"أورينت نت"، مبيناً أن "حركة الزوار الشيعة من جنسيات عراقية وباكستانية وأفغانية وعراقية، تتم عبر مسارات برية وجوية".
ويضيف أن "تدفّق الزوار يسهل على إيران تهريب شحنات الأسلحة بشكل سلس من خلال إحدى المسارات، رغم أن إيران لم تتوقف عن إدخال شحنات الأسلحة من المسار البري، بالتوازي مع عمليات تهريب الأسلحة جواً".
ويؤكد أن إيران اعتادت على نقل الأسلحة الدقيقة جواً، بينما يتم نقل الأسلحة الكبيرة عبر المسار البري.
أما الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي فيقول لـ"أورينت نت"، إن استخدام المسار البري من قبل إيران يأتي بعد زيادة الضربات الجوية للشحنات الإيرانية في المطارات، في حين يُعد النقل البري أكثر أمناً خاصة بعد إحكام إيران السيطرة على الطريق البري ونشر ميليشياتها من البوكمال شرقاً إلى دمشق جنوباً.
ويقول علاوي وهو من دير الزور، إن الذرائع التي تستخدمها لنقل الأسلحة متعددة، مثل الزوار الشيعة، والمساعدات بعد الزلزال الذي ضرب سوريا في شباط الماضي، وإدخال مساعدات طبية وإنسانية.
وفي أيار الماضي، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن نقل إيران شحنات عسكرية بذريعة تقديمها مساعدات إنسانية للمنكوبين، موضحة أن "إيران نقلت 30 طائرة مسيرة ومواد عسكرية في شاحنات مساعدات من العراق إلى سوريا".
وتابعت الصحيفة نقلاً عن مصادر استخباراتية، أن عمليات تسليم الأسلحة تتم باستخدام مركبات من العراق أشرفت عليها ميليشيا "فيلق القدس" ومجموعات مسلحة حليفة لإيران.
التعليقات (1)