لماذا أصرّت تركيا على انتخاب هادي البحرة رئيساً للائتلاف وما علاقة الروس؟

لماذا أصرّت تركيا على انتخاب هادي البحرة رئيساً للائتلاف وما علاقة الروس؟

إن أسوأ ما حدث أن ممثل المعارضة في لجنة كتابة الدستور يفوز بمنصب رئيس الائتلاف بالصرماية، فتخيلوا أي مستقبل ينتظر السوريين مع هؤلاء ؟!"، بهذه العبارة علّق الناشط السياسي "درويش خليفة" على ما حصل في انتخابات الائتلاف الأخيرة، التي أثارت جدلاً واسعاً جداً بين السوريين.

تعليقات كثيرة لاحقت هذه الانتخابات التي لم تكن لتحظى بكل هذا الاهتمام على الرغم من فجائعيتها، لولا العبارة التي نُقلت على لسان عضو الائتلاف، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، والتي قال فيها إن "هادي البحرة سيحصل على منصب الرئيس بالصرماية"!.

عبارة أحدثت ضجة واسعة وأثارت سخرية كبيرة وغضباً شديداً في الوقت نفسه داخل أوساط المعارضة السورية، التي اعتادت على عملية تبادل الطرابيش والمناصب بين عدد من الشخصيات ورؤساء الكتل المتنفذة في الائتلاف، لكنها لم تستطع السكوت على هذه العبارة التي اعتُبرت مهينة لكل السوريين، فما الذي حصل؟، وكيف اختير هادي البحرة لهذا المنصب مجدداً؟ وما التداعيات المحتملة لهذا الإجراء؟

ماذا جرى قبل الانتخابات؟

في حزيران/يونيو 2023 انتهت الدورة الانتخابية الماضية للائتلاف، وكان يفترض أن تجري الانتخابات الجديدة في تموز/يوليو، لاختيار رئيس جديد للمؤسسات مع ثلاثة نواب وأمين عام، بالإضافة إلى أعضاء الهيئة السياسية.

لكن هذه الانتخابات تم تأجيلها لمدة شهرين، بمبرر التفرغ لمواجهة موجة التطبيع العربي مع نظام ميليشيا أسد، بينما أكد العديد من أعضاء الائتلاف بشكل غير رسمي أن التأجيل كان بطلب من تركيا، التي خرجت للتو من الانتخابات العامة وكانت ما تزال منشغلة في ترتيب بيتها الداخلي.

ومنذ تلك اللحظة بدأ الترويج لتسليم هادي البحرة منصب رئيس الائتلاف خلفاً لسالم المسلط المنتهية ولايته، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى رغبة أنقرة بترشح اللواء سليم إدريس لهذا المنصب.

لكن المروّجين لهادي البحرة، وهم كتلة ما يُعرف بالـ (جي- فور) بالإضافة لكتلتي المجلس التركماني ومجلس العشائر، وكذلك كتلة المجلس المحلية، وجميعها يهيمن عليها رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، كثفوا من التمهيد للبحرة، باعتباره (خياراً تركياً) في هذه المرحلة.

خيار حاول البعض مواجهته بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن تراجع اهتمام السوريين بالائتلاف ومجمل مؤسسات المعارضة السورية، أدى إلى عدم تحقيق أثر واضح لهذه الحملة.

ولمواجهة هذا الاعتراض على محدوديته، بدأت هذه الكتل بإشاعة أن هادي البحرة، الذي يشغل حتى الآن منصب رئيس وفد المعارضة إلى مفاوضات اللجنة الدستورية، هو خيار تفضله الولايات المتحدة أيضاً وليس تركيا فقط، وأن مسؤولين أمريكيين تواصلوا مع الائتلاف من أجل ذلك.

لكن بعض أعضاء الائتلاف المعترضين على هذا الخيار، وكذلك مجموعة من السياسيين السوريين المعارضين للنظام، نفوا هذه الإشاعة، وأكدوا أن أي مسؤول أمريكي لم يتحدث بهذا الخصوص.

ما هو موقف تركيا؟

طيلة الشهرين الماضيين التزمت أنقرة الصمت كعادتها حيال الترتيبات الانتخابية في مؤسسات المعارضة، ولم يصدر عن أي مسؤول تركي تصريح بهذا الخصوص، بينما كانت تجري اتصالات بين المسؤولين عن الملف السوري في وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات التركية، وبين الشخصيات الرئيسية في الائتلاف.

اتصالات مهّدت الأرضية بالفعل لخيار تنصيب البحرة، لكن رغبة المعارضين لهيمنة الـ (جي- فور) وعبد الرحمن مصطفى بعرقلة ذلك، أحدثت بعض الاضطراب، حيث وحّد كل من (نصر الحريري الرئيس الأسبق للائتلاف، وربا حبوش نائبة الرئيس المنتهية ولايتها، وهيثم رحمة الأمين العام، بالإضافة لنذير الحكيم وعبد الإله الفهد)، جهودهم بمواجهة كل من بدر جاموس، وهادي البحرة، وعبد الأحد اصطيفو، وأنس العبدة، الذين يشكلون كتلة (جي- فور) المتحالفة مع عبد الرحمن مصطفى، من أجل إفشال وصول البحرة لرئاسة الائتلاف.

3 أسلحة والنتيجة.. قرار تركي

ثلاثة أسلحة استخدمها فريق المعارضة لتحقيق هذا الهدف، أولها إرسال مجموعة إيميلات إلى البريد الرسمي للهيئة العامة للائتلاف، من أجل حشد أكبر عدد من الأعضاء ضد البحرة، مع تسريب هذه الرسائل إلى وسائل الإعلام، بهدف لفت انتباه الرأي العام، على أمل إثارة ضجة شعبية وإعلامية تمنع ذلك.

لكن، ورغم الأثر الذي خلفه هذا السلاح، إلا أن تحميل الكثيرين لفريق المعارضة الحالي في الائتلاف، المسؤولية بالتساوي مع الفريق الآخر، عما لحق بالمؤسسة على مدار السنوات الماضية من جهة، وخشية أعضاء الهيئة العامة من سطوة الشخصيات المتنفذة بالائتلاف من جهة ثانية، حدّ من فاعلية هذا السلاح.

الوسيلة الثانية التي لجأ إليها المعارضون، تمثلت بحشد شخصيات بارزة في المعارضة السورية، على علاقة بتركيا وقطر والولايات المتحدة، من أجل دعم موقفهم في عرقلة وصول هادي البحرة لمنصب الرئيس مجدداً، لكن كان من الواضح أن استقرار الرأي في أنقرة على هذا الخيار حدّ من أثر هذه الوسيلة أيضاً.

رصاصة الرحمة

وعليه لم يبقَ أمام هؤلاء سوى استخدام السلاح الأخير الممكن، حيث تمّ التوافق فيما بينهم على ترشيح هيثم رحمة بمواجهة هادي البحرة، على أمل أن تسهم العلاقات القديمة التي تجمع رحمة بالمسؤولين الأتراك، وتحديداً وزير الخارجية الحالي هاكان فيدان، في وضع حد للمسار الذي كان يقترب من نهايته.

وبالفعل أثبت هذا السلاح فاعليته بخلط الأوراق، حيث كانت الحكومة التركية تريد إظهار الائتلاف بأنه مجمع على اختيار البحرة، بينما أبلغ رحمة ممثلين عن الحكومة والاستخبارات، خلال لقاء وفد الائتلاف بهم في أنقرة يوم الخميس قبل الماضي، نيته الترشّح للرئاسة.

تكشف مصادر من الائتلاف أن المسؤولين الأتراك بدوا متفاجئين من موقف رحمة، وخاصة أن كل التقارير لديهم كانت تؤكد التوافق على البحرة كمرشح وحيد، لكنهم مع ذلك لم يظهروا انزعاجاً كبيراً، وطلبوا من الوفد العمل على التوافق.

إلا أنه وعلى مدار اليومين الأخيرين اللذين سبقا الانتخابات التي جرت يوم الإثنين الماضي، كثف مسؤولون من الخارجية والمخابرات التركية لقاءاتهما مع أعضاء الائتلاف، بمقرّه في إسطنبول، من أجل ثني هيثم رحمة عن قرار ترشحه، وإقناع الجميع بالموافقة على وصول هادي البحرة لمنصب الرئيس بالتزكية.

وبالفعل، تراجع رحمة في اللحظات الأخيرة عن ترشحه لمنافسة هادي البحرة، مقابل احتفاظه بمنصبه كأمين عام للائتلاف، بينما أعلن المرشّح لمنصب نائب الرئيس حافظ قرقوط عن استقالته قبل ساعات من الانتخابات، قبل أن يتبعه اللواء سليم إدريس بقرار الاستقالة بعد الانتخابات بساعات.

رجل المرحلة

اللواء إدريس كان، وحتى اللحظات الأخيرة التي سبقت إطلاق مسار التطبيع بين تركيا ونظام ميليشيا أسد، في أيلول/سبتمبر الماضي 2022 الخيار الأول بالنسبة لأنقرة من أجل خلافة سالم المسلط في رئاسة الائتلاف، لكن منذ ذلك الحين بدأ البحث عن مرشح آخر، حيث حاول عبد الرحمن مصطفى الاستفادة من تغيّر التوجّه التركي، لفرض مرشح تابع له هو جهاد مرعي، رئيس مجلس العشائر السوري.

لكن يبدو أن هادي البحرة أصبح الخيار الذي لم يكن له منافس لدى أنقرة بالفعل، حيث تكشف مصادر عدة من داخل الائتلاف أن الأتراك أبلغوا العديد من أعضاء وقادة المؤسسات أنهم يريدون البحرة من أجل هذه المرحلة.

هو رجل المرحلة إذاً.. لكن ما هي طبيعة هذه المرحلة وعنوانها؟
سؤال كبير يرجّح البعض أن تكون مرحلة المصالحة بين مؤسسات المعارضة الرسمية مع نظام ميليشيا أسد، وخاصة أن كل المعترضين على تسلم البحرة حقيبة رئاسة الائتلاف، حاولوا إقناع الجانب التركي بأن وضعه في هذا المنصب يمكن أن يفجّر الأمور داخل المؤسسات وفي أوساط الرأي العام، لكن مع ذلك أصرّت أنقرة عليه، كما فعلت عندما أصرت على أن يبقى بدر جاموس رئيساً لهيئة التفاوض.

ويتوقع هؤلاء أن تكون تركيا قد تعهدت للجانب الروسي بتهيئة هذه المؤسسات من أجل الوصول لاتفاقية المصالحة، وأنها بعد التمديد لجاموس في رئاسة هيئة التفاوض، كان لا بد لها من تعيين هادي البحرة في رئاسة الائتلاف.

بينما لا يوجد أي ضرورة لإحداث تغيير فيما يخص رئاسة الحكومة المؤقتة، ليكون الرؤساء الثلاثة موافق عليهم من قبل الروس، الذين يضعون فيتو على الكثير من الشخصيات المعارضة للنظام في هذه المؤسسات وخارجها، ويرفضون أي إشراك أو حضور لهم في المفاوضات مع دمشق، باعتبارهم من "الصقور" كما ترى موسكو، بينما تنظر بعين الرضا إلى رؤساء المؤسسات الثلاث الحاليين.

 

التعليقات (5)

    mohm alameen

    ·منذ 7 أشهر أسبوعين
    تحليلات لا قيمة لها لأسباب بسيطة _إغفال الدور الأمريكي في هذه التشكيلة _ماذا عن ديما موسى وعبدالحكيم بشار الكردي الذي يؤمن بالفيدرالية التي ترفضها تركيا _إبراز اهتمام روسيا بشخصيات الإئتلاف وهذا ليس باهتمامات الروس أصلا لأنهم يعرفون أنه لادور لهذا التجمع في أي حل نهائي

    سوريا بدها حرية

    ·منذ 7 أشهر أسبوعين
    معارضة غير شكل يتم تعين فيها المسؤلين حسب مصلحة النظام ومايريده النظام عن طريق روسيا وللاسف المعارضة تنفذ ... على سوريا السلام

    اليسر

    ·منذ 7 أشهر أسبوعين
    سبق وقلت انه لا امل ببقايا الرأسمالية وابناء او احفاد مؤسسي حزب العبث وليث البعث من رضع من حليب البعث وتربا عليه لن ينالك منه الا المذلة وذيل الكلب الاعوج مستحيل ان يستوي.... املنا بالله ثم بثوار الجبهات والاحرار الذين ينتظرون الفرصة التي تجعلهم ينهضون من جديد فقد اتعبتهم خيانة هذا الاتلاف والنظام والمتملقين والاحتلال الروسي والفارسي

    عربي سوري

    ·منذ 7 أشهر أسبوعين
    سفالة الروسي والصفوي معروفه، بس الاخس والاحقر هو سفالة التتر الأتراك ودورهون الوسخ بالقضاء على الثورة السورية. واحقر منهم السرطان القاتل الاخوان المسلمين وكلاب محمد بن سلمان العبري.

    إلى اليسر

    ·منذ 7 أشهر أسبوعين
    وين الامل لكن؟ بالاخونجية ولا داعش هههه
5

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات