18 يوماً مرت على ثورة أبناء السويداء وانتفاضتهم بوجه نظام أسد، ورغم رفع متظاهري السويداء شعارات إسقاط النظام والمطالبة برحيل إمبراطور المخدرات بشار الأسد إلا أنه لم يبدِ أي ردة فعل علنية، في الوقت الذي تعمل فيه مخابرات النظام على إخماد الثورة المتجددة وضمان عدم تمددها بأوامر من "القيادة".
وبينما يظهر بشار الأسد بمظهر غير المكترث لما يحدث في السويداء، رغم أنه أرسل مندوباً عنه للسويداء، وحاول تحريك أزلامه في المحافظة دون أي جدوى، تعمل أجهزته الأمنية ومخابراته على تنفيذ توجيهاته بإحداث شقّ في صف الموحّدين الدروز، وتصدير الموالين له منهم إلى الواجهة على حساب المعارضين المنتفضين بوجهه.
تسجيل مسرّب
في الأول من شهر أيلول الحالي، تداولت صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً مسرّباً لقيادي من ميليشيا الدفاع الوطني في منطقة جرمانا بريف دمشق، يطالب فيه جميع عناصره بتجهيز أنفسهم للمشاركة باللباس المدني في مسيرة مؤيدة للنظام بحي التضامن الذي يقطن فيه عدد من أهالي السويداء.
وذكر القيادي في الميليشيا أن التعليمات للمشاركة في المسيرة بحي التضامن جاءت بأوامر من "القيادة"، وأن متزعم ميليشيا الدفاع الوطني في دمشق وريفها "فادي صقر" سيجري تفتيشاً بنفسه للعناصر.
اجتماع في التضامن
وبعد يوم من تداول التسجيل، شهد حي التضامن اجتماعاً لشيوخ من الطائفة الدرزية مع الأهالي تحت عنوان "نموت ونحيا لأجلك سوريا"، وذلك تحت إشراف من مخابرات الأسد وميليشيا الدفاع الوطني.
وتم الكشف عن الاجتماع الذي عقد في الثاني من الشهر الحالي بعد 3 أيام، من نشره مقاطع فيديو بشكل متزامن من قبل مواقع وصفحات مرتبطة بمخابرات النظام ومنها وكالة "الآن" الإعلامية.
وشارك في الاجتماع إلى جانب عناصر ميليشيات أسد المتخفين باللباس المدني، شبيحة من أبناء الطائفة الدرزية من بلدات صحنايا والأشرفية وحضر وعرنة وريمة بريفي دمشق والقنيطرة.
كما تم دعوة مشايخ دروز من تلك المناطق، ومنهم من رفض الحضور وهم الشيخ هيثم كاتبة "أبو عهد" والشيخ عبد الوهاب دبوس "أبو فهد" من جرمانا وسليمان كبول "أبو نبيه" من عرنة، بحسب صفحة "معروفي أصيل" في فيسبوك".
تشكيل هيئة روحية ثانية
وفي ختام الاجتماع الذي شهد هتافات لبشار الأسد، أصدر المجتمعون بياناً أعلنوا فيه لأول مرة عن تشكيل "الهيئة الروحية لطائفة المسلمين الموحدين في دمشق وغوطتي دمشق وقرى جبل الشيخ والقنيطرة"، وهي هيئة لم تكن موجودة سابقاً.
ودعم بيان الهيئة الذي تلاه أحد الشيوخ غير المعروفين "المطالب المعيشية المحقة" لأهالي السويداء، معتبراً أن علم النظام وميليشيا أسد وبشار الأسد خط أحمر.
وبحسب ما أكدت مصادر محلية لـ "أورينت نت" فإن النظام يسعى لمواجهة ما يحدث في السويداء من خلال تشكيل هياكل ليس لها دور أو تأثير شعبي، يديرها شيوخ موالون وشبيحة من الدفاع الوطني.
وذكرت المصادر أن نظام أسد يعمل على منع امتداد احتجاجات السويداء إلى مناطق الدروز في دمشق والقنيطرة بشتى الوسائل، لذلك شكل هذا الهيكل الكرتوني الذي يضم شيوخاً ليس لهم تأثير شعبي ومرتبطين بالمخابرات مباشرة.
شقّ الصف
ويشير هذا التحرك إلى أن بشار الأسد ونظامه يحاول شق الصف لدى طائفة الموحدين الدروز من خلال إنشاء هيئة روحية موازية للهيئة الروحية للموحدين الدروز في السويداء، والتي تحظى بولاء غالبية أبناء الطائفة الدرزية في جميع المناطق السورية.
وبحسب تقرير نشره موقع "أورينت نت"، هناك أكثر من شاهد بأن نظام أسد يعوّل بشكل كبير على شق الصف وتمييع المطالب في ثورة السويداء، سياسياً وإعلامياً.
فلا يخفى على أحد أن إرسال محافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدة وهو من أبناء السويداء، إلى الشيخ يوسف جربوع، أحد مشايخ عقل الدروز الثلاثة، هدفه شق الصف، حيث خرجا معاً بفيديو يؤكد فيه الشيخ أنه مع ثوابت الوطن وهي قيادة بشار الأسد والجيش والعلم، على حد تعبيره.
والمثال الإعلامي على أن الأسد يعتمد هذا المحور كوسيلة لإفشال ثورة السويداء، هو ما روّجه الإعلام الرديف لنظام الأسد قبل أيام، مقطع فيديو ادّعوا أنه نداء من الشيخ اللبناني أبو يوسف أمين الصايغ، أطلقه إلى أهالي السويداء يصف فيه الأعمال هناك بالتخريبية ويطالب بالتهدئة وعدم الانسياق وراء أصحاب الأهواء، ليتبيّن فيما بعد أنه قديم.
التعليقات (6)