معارك دير الزور.. 3 أسباب بعيدة واعتقال "أبو خولة" مجرد شرارة

معارك دير الزور.. 3 أسباب بعيدة واعتقال "أبو خولة" مجرد شرارة

يبدو أن انخراط أبناء العشائر العربية في الاشتباكات الدائرة بين مجلس دير الزور العسكري وميليشيا قسد شرق سوريا، قد أربك حسابات الأخيرة، التي كانت تراهن على نأي المكوّن العربي بنفسه جراء خلافات أبناء العشائر المتفاقمة مع قائد المجلس أحمد الخبيل (أبو خولة)، بعد توسع نطاق الاشتباكات وتحولها إلى معركة إثبات وجود.

وأصدرت ميليشيا قسد صباح الأربعاء قرار عزل الخبيل من قيادة مجلس دير الزور العسكري، بالتزامن مع تصريحات الرئيسة المشتركة للمجلس "ليلوى العبد الله" أن العمليات الأخيرة جاءت بناء على مناشدات شيوخ ووجهاء العشائر العربية للقضاء على تنامي تنظيم داعش.

في حين بلغ عدد الضحايا المدنيين الذين قضوا على يد ميليشيا قسد منذ بدء الاشتباكات أكثر من 25 شخصاً بينهم نساء وأطفال، قضوا جراء القصف أو بتصفيتهم المباشرة كما حصل مع الطفل "حكم نواف سرحان" ووالده، أثناء محاولة الأب منع عناصر الميليشيات من اقتحام منزله في قرية ضمان شرق دير الزور.

العشائر متباينة الموقف

وعلى خلاف ما كانت تتوقّعه وتتحدث عنه ميليشيا قسد، أعلنت العديد من عشائر دير الزور وفي مقدمتها البكيّر والعكيدات التي ينحدر منها "أبو خولة"، النفير العام ضد قسد، وذلك بعد انضمام عدد كبير من مقاتلي العشائر إلى جانب مجلس دير الزور العسكري، مطالبةً التحالف الدولي بالتدخل لإطلاق سراح المعتقلين، كما دعت المقاتلين العرب المنضوين في تشكيلات ميليشيا قسد إلى الانشقاق والانضمام إليها.

لكن اللافت، كان بيان "مصعب الهفل" شيخ شيوخ العكيدات الذي أكد فيه مطلب حقن الدماء، مطالباً التحالف الدولي بالتدخل لإنهاء الصراع، مع تأكيده على اختيار العشائر لقيادة عربية تدير المنطقة ووجود مجلس دير الزور العسكري كممثّل للمكوّن العربي.

ويعتقد الصحفي السوري المنحدر من دير الزور فراس علاوي، أن المجلس العسكري يحاول جرّ العشائر العربية للصدام المباشر مع قسد، وخاصة أن معظم العشائر تأخذ موقف الحياد حتى اللحظة لاعتبارات كثيرة. دون أن يستبعد العلاوي انخراط هذه العشائر بالمواجهات في حال تطور الأحداث مع استمرار الانتهاكات في المنطقة.

وأوضح أن من مصلحة الطرفين تحوّل المواجهة إلى صراع عربي كردي، أما الطرف الثالث المتمثل بالتحالف الدولي فهو على موقفه المترقّب لمجريات الأحداث بانتظار دراسة واقع المواجهات والطرف الأقوى .

أهداف متشابهة وموقف مترقّب

وقال علاوي لموقع "أورينت نت" إنه بالنسبة لقسد فهي تريد تحويل الصراع إلى حرب أهلية بهدف انفرادها بالسيطرة على مناطقها ونفي وجود المكوّن العربي، وبالتالي تحوّلها إلى سلطة أمر واقع بيدها كل شيء.

وأضاف: "أما بالنسبة إلى مجلس دير الزور، ففي حال انخراط العشائر كلياً في المواجهات إلى جانبه للدفاع عن وجودها أولاً، خاصة مع استمرار سفك دماء المدنيين، الأمر الذي يجبرها على قتال قسد، فهذا يعني ترجيح كفة المجلس وإخراج قسد من ريف دير الزور".

وبحسب علاوي، فإن التحالف الدولي بانتظار ما ستؤول إليه مجريات الأحداث، خاصة أنه لن يضع مقاتليه في مواجهة العشائر العربية، فضلاً عن احتمال انحيازه إلى الجانب العربي، ما يفسر صمته حتى اللحظة منتظراً موقفاً حاسماً من عشائر المنطقة.

جذور الأزمة

واشتعلت المواجهات جراء اعتقال ميليشيا قسد "أحمد الخبيل" ونائبه "خليل الوحش" وعدداً من قيادات الصف الأول في مجلس دير الزور العسكري، الذي يمثّل المكوّن العربي شرق سوريا.

حيث استدعى قائد قسد "مظلوم عبدي" يوم الأحد الماضي، "أبو خولة" إلى اجتماع طارئ في مقر الميليشيا الرئيس في "استراحة الوزير" بمدينة الحسكة، لينقطع الاتصال معه قبل أن يتم اكتشاف اعتقاله مع آخرين داخل المقر.

وكانت ميليشيا قسد قد جهّزت لحملة أمنية موسعة للتعامل مع رد فعل المجلس العسكري على اعتقال قادته، واستطاعت السيطرة على العديد من المقرات في ريف دير الزور والحسكة، قبل تمكُّن المعتقلين من إرسال تحذيرات لمقاتليهم وإبلاغهم بنوايا الميليشيا.

ويعتقد كثيرون أن الأحداث الأخيرة مكمّلة لما جرى قبل أكثر من شهر، بعد هجوم قوات "أبو خولة" على نقاط تمركز ميليشيا قسد بريف دير الزور ومحاولته السيطرة على القرى القريبة من نهر الفرات ومطالبته بحصة من عائدات التهريب والتبادلات التجارية بين مليشيا قسد وأسد.

لكن الصحفي فراس علاوي، اعتبر أن أصل المشكلة متمثل برفض الحاضنة الاجتماعية منذ اليوم الأول وجود قسد، خاصة أن هذه المناطق تعد امتداداً للثورة السورية ومسلحة إلى حد كبير وتنظر إلى قسد بعين القلق والريبة، فضلاً عن تنامي نفوذ الخبيل والمجلس العسكري الذي تحول إلى مصدر تهديد لسلطة الميليشيات بريف دير الزور.

وقال: "رغم غياب الشعبية الكبيرة لأبي خولة في ريف دير الزور وهو ما بدا واضحاً خلال الأحداث الجارية، إلا أنه قام باستغلال العشائر سابقاً، إضافة إلى أن الحاضنة العربية تنظر إلى قسد كتهديد وجودي لهم، وهو ما دفعها للاستنفار حتى وإن لم تصل الأمور مرحلة الصدام الكامل".

مخاوف متراكمة

لكن مضر حماد الأسعد، "المنسق العام للمجلس الأعلى للقبائل السورية"، اعتبر ما يجري بمثابة انقلاب هدفه ضرب العرب وإبعادهم عن المشهد السياسي والعسكري وتفتيت المجلس العسكري لدير الزور، القوة الضاربة في مواجهة جماعة قنديل". 

وقال الأسعد لـ "أورينت نت" إن التعليمات جاءت من ميليشيا أسد وإيران بعد موافقة المجلس على مقترح التحالف الدولي بقيادة أمريكا على طرد الميليشيات الإيرانية من وادي الفرات ومنطقة بادية الشامية بالتعاون مع جيش العشائر والقبائل العربية بعد أن رفضت قيادة قسد PKK/PYD قتال إيران.

وأشار الأسعد إلى أن إدارة الخبيل أوغلت في ضرب المكونات العربية بتسهيل من قسد، بينما كان باستطاعتهم استمالة المكون العربي، وتشكيل قوة سياسية وعسكرية واقتصادية ضاربة في المنطقة.

لكن رغم إساءات الخبيل، إلا أنه أبدى موقفاً واضحاً برفض سيطرة قسد على ثروات منطقة دير الزور وبيعها إلى ميليشيا أسد والاستفادة من مقدرات المنطقة، بحسب الأسعد، الذي أضاف أن الخبيل أراد الانفراد بحكم المناطق العربية بدير الزور والرقة، باعتباره قائداً للمجلس العسكري وممثلاً للمكوّن العربي، الأمر الذي زاد من حنق قسد عليه حتى وصلوا مرحلة الإقرار بتحوله إلى تهديد وضرورة استبداله بشخصية تابعة لها.

رغم ترجيح الكثيرين كفّة ميليشيا قسد التي تفوق المجلس العسكري بالعدة والعديد، يعتقد مراقبون أن هذه الغلبة آنية وقد تتغير بمجرد إعلان العشائر العربية دخولها على خط الصراع، لما تمتلكه من عناصر بشرية ومقاتلين، إضافة إلى تأثيرها على شريحة واسعة من المقاتلين ضمن تشكيلات قسد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات