"من إدلب، هنا السويداء"، "من إدلب إلى السويداء، معاً ننقذ المركب من الغرق"، "معاً سننهي حكم عائلة الأسد المجرمة"، تلك هي بعض اللافتات التي رُفعت في مظاهرات الشمال التي خرجت مؤخراً دعماً لثوار السويداء.
وفور انطلاق المظاهرات السلمية والاحتجاجات في محافظة السويداء ضد نظام الاستبداد الأسدي مطالبةً بالحرية والكرامة، تداعى ثوار الشمال السوري للتضامن مع ثورة السويداء عبر مظاهرات ووقفات تأييد عمّت مدن ومخيمات الشمال، ورفعوا خلالها لافتات التضامن والدعم، آملين التخلص من نظام مستبد أذاق الشعب السوري كل صنوف القتل والقهر والتهجير.
مظاهرات مركزية خرجت يوم الجمعة في 25/8/2023 في مدن الشمال الرئيسية، كان أكبرها في مدينة إدلب والتي ضمت جموعاً غفيرة من كافة ثوار سوريا من درعا إلى الغوطة مروراً بحمص، حيث صدح الجميع بهتافات الدعم والتأييد لثوار السويداء كما رفعت مظاهرات الدعم في إعزاز وعفرين والباب لافتات تطالب ثوار السويداء بالاستمرار في ثورتهم وتبشرهم بأن نظام أسد متهالك وأن النصر قريب.
وعلى الجانب الآخر، بدأ كثير من الناشطين المتضامنين مع ثوار السويداء يوجّهون لهم خلاصة تجاربهم الطويلة والمريرة مع مليشيا أسد الطائفية، حيث وجّه الناشط المدني (بليغ سليمان) مجموعة من (النصائح) لحراك السويداء قال فيها: "تحمّلوني قليلاً، مع بيت الأسد لا تنفع ثورة سلمية، كي لا تُطيلوا على أنفسكم طريق الكرامة والحرية، غداً تبدأ التفجيرات والاعتقالات والفتن الاجتماعية، أما الأخطر فهو أن تحسبوا أنفسكم أصحاب خبرة في التعامل مع هكذا نظام بعد 12 عاماً، هذا النظام شر مطلق ولا حدود عنده للهمجية، والأخطر أن تعوّلوا على المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية حتى لو لعبتم بورقة الأقلية لأنها لن تنفع".
وطالب سليمان بالرجوع للخلف قليلاً والتدقيق في المواد الإعلامية للأيزيديين، وعدم حمل السلاح وإعداد خطط حربية وتوحيد الرسائل الداخلية والخارجية والابتعاد عن الفتن قدر الإمكان والانتباه للافتات المظاهرات السلمية، وتجنب السخرية وتمييع القضية، لأن لافتات المظاهرات تعبّر عن هوية السويداء الأصلية.
أما المهندس (حسين السليم) الذي كان أحد المشاركين في مظاهرات إدلب، فقد ذكر في مستهل حديثه لـ أورينت نت، والذي تركّز حول مصطلح (ثورة الجياع) ونعت الحراك الجديد به قائلاً: "ليس صحيحاً هذا القول، بل هي ثورة كرامة وحرية قام بها أهل السويداء وخاصة بعد أن شاهدوا بأعينهم مستوى الإجرام الأسدي الذي فاق الخيال والذي استخدم كل أنواع القتل والتهجير واستخدم كل صنوف الأسلحة المحرمة دولياً، ومع ذلك لم يأبه أبناء جبل العرب لكل هذه الأخطار وانطلقوا يهتفون بملء حناجرهم مطالبين برحيل الاستبداد".
وحول سؤاله بخصوص استخدام نظام أسد لآلته العسكرية مع أبناء السويداء كما فعل مع ثورة 2011، أجاب: "النظام مجرم بالفطرة ولا يتورع عن استخدام كل ما لديه من سلاح في سبيل الحفاظ على كرسيّه، ولكن تدخل هنا بعض الاعتبارات الدولية والإقليمية التي تفرض عليه أن يعدّ للعشرة قبل أن يبدأ استخدام العنف في السويداء إضافة لمنع إيران من الاقتراب من حدود إسرائيل وتردّد روسيا عن دعمه خلافاً لما جرى في الشمال السوري".
أما الناشط السياسي (رضوان الأطرش)، فقد دعا إلى دعم الحراك في الجنوب واستثماره لدعم ثورة الشمال في سبيل القضاء على نظام الاستبداد والانتقال إلى الدولة المدنية التي تضمن حقوق كل فئات الشعب وبكافة أطيافه الاجتماعية والدينية، كما طالب الأطرش بعدم التدخل في احتجاجات السويداء وترك الحراك الشعبي يمشي بعفوية وتجنّب التسميات والخلافات، داعياً أحرار السويداء والساحل للاستمرار.
وتساءل بالقول: "لماذا تغيب الطبقة المشيخية والحقوقية والنقابية والأكاديمية ورجال الأعمال ورؤساء المنظمات وقادة الفصائل والوزراء والحكومات والجامعات ووجوه العشائر والأغنياء عن المظاهرات ولا تحضر إلا بطلب رسمي من السلطة الحاكمة؟، هل أنتم أفضل من الشعب أم إن أهدافكم قد تحققت؟، ولماذا يقتصر الحضور على بسطاء الشعب وفقرائه؟، هل هذه الفئة مطلوب منها التضحية فقط؟".
كما أعلنت حكومة الإنقاذ التابعة لـ"تحرير الشام" وعبر بيان لها، تضامنها المطلق مع ثورة السويداء قائلةً: "إننا إذ ندعم الحراك الثوري في الجنوب السوري، فإننا نؤكد أن الثورة تزداد قوة وثباتاً، وبينما يزداد نظام الأسد تراجعاً وضعفاً فإن اللحظة التاريخية تكمن في استمرار الحراك الثوري وانتشاره مجدداً على الخارطة السورية، وأن تكون المطالب منسجمة مع تطلّعات الشعب السوري الذي ضحّى على مدار أكثر من عقد من الزمان، فلا بدّ من إيفاء هذا الدَّين مع ضرورة الانسجام والتآلف بين جميع مكوّنات الثورة وأطيافها لأن المستقبل للشعب السوري الحر.
كما دعا المجلس الإسلامي السوري في بيان له، للوقوف إلى جانب الحراك المدني السلمي والذي بدأه ويستمرّ به السوريون والسوريات على مساحة الأرض السورية قائلاً: " يثمّن المجلس عالياً الحراك الشعبي في حوران، والذي أثبت استمرارية روح الثورة في مهدها، كما يثمّن حراك مدن وقرى جبل العرب الأشم، كما ويثني على بيان شيخ عقل المسلمين الموحدين الدروز في سوريا الشيخ حكمت الهجري، وعلى مختلف المواقف الوطنية التي صدرت حول أحقية هذه المطالب المشروعة التي تمثل مطالب الشعب كله".
كما شدّد المجلس على "تعزيز صيغ التلاحم الوطني بين مكونات الشعب المختلفة الذي اكتوى بنيران استبداد النظام الدكتاتوري عبر خمسة عقود عجاف" قائلاً: "تدخل المظاهرات السلمية في محافظة السويداء أسبوعها الثاني وسط ارتفاع في أعداد نقط التظاهر وتوسع في أعداد المشاركين من الجنسين، يتزامن ذلك مع احتجاجات مشابهة خرجت في مناطق سيطرة مليشيا أسد مثل درعا واللاذقية وحلب تطالب كلها بإسقاط نظام أسد، وسط دعوات من الشمال المحرر لهذا الحراك بالتوحد والابتعاد عن الأجندات الخارجية أو الارتهان للدول المجاورة التي اكتوى فيها ثوار الشمال ويرغبون الآن بنقل هذه النصائح التي دفعوا ثمنها دماً إلى إخوة لهم في الجنوب ما زالوا على الدرجات الأولى من سلّم الحرية والكرامة".
التعليقات (1)