مرسوم تخفيض ضريبة الدخل إبرة مسكّن غير فعّالة للموظفين وخدمة لإيران

مرسوم تخفيض ضريبة الدخل إبرة مسكّن غير فعّالة للموظفين وخدمة لإيران

مع التخفيض الذي فرضه نظام أسد مؤخراً على ضريبة الدخل مدّعياً أنه يصبّ في صالح الوطن والمواطن ويحدّ من تدهور واقعه المعيشي، سارعت وسائل إعلامه إلى التهليل للمرسوم التشريعي الجديد، والترويج له كمنقذ حقيقي ورئيسي للوضع الاقتصادي المنهار، متناسية الواقع الحقيقي المرهون بالقطع الأجنبي وسعره أمام العملة السورية، والذي سيجعل من المرسوم الحالي عديم الجدوى وبدون إيجابيات تُذكر، ولا سيما في ظل تدنّي الأجور وارتفاع الأسعار المرهون بسعر الدولار الأمريكي.

ويأتي المرسوم الذي نص على تعديل مواد وإضافة بنود إلى قانون ضريبة الدخل رقم 24 لعام 2003، في ظل حالة من الغضب الشعبي في مناطق سيطرة أسد بسبب القرارات الاقتصادية الأخيرة لجهة تقليص الدعم، والتي أعقبها رفع أسعار المحروقات مرتين في أقل من أسبوعين، وعدم قدرة النظام على امتصاص امتعاض الشارع بقرارات مالية.

ونصّ المرسوم الجديد على خفض نسبة الضريبة على دخل الرواتب والأجور، والضريبة على الدفعة المقطوعة، مع رفع الحد الأدنى المعفى منها وربطها مباشرة مع الحد الأدنى للأجور المحدد للعاملين بالقطاع العام، اعتباراً من مطلع أيلول المقبل، إضافة لخفض نسبة الضريبة على الدخل لمكلفي ضريبة المهن والحرف التجارية وغير التجارية بما في ذلك المهن العلمية، ورفع الحد الأدنى المعفى ليصبح 3 ملايين ليرة سنوياً بدلاً من 50 ألفاً فقط، مع خفض الضريبة على الدخل بالنسبة للمنشآت السياحية إلى 2 في المئة بدلاً من 2.5 في المئة.

كما أعفى المرسوم منشآت المباقر والدواجن من الضريبة المفروضة على أرباح الدخل من بداية العام 2022 بشكل كامل، مع تخفيض نفقات المسؤولية الاجتماعية والتبرعات المدفوعة من قبل المكلفين بما لا يتجاوز 4 في المئة من الأرباح الصافية الخاضعة للضريبة، حيث استغل نظام أسد حالة الغليان التي رافقت رفع الرواتب في مناطقه، والذي تزامن مع رفع أسعار المحروقات قبل أسبوعين، ليظهر بمظهر المُنقذ المستجيب لمطالب شعبه والمندفع إلى خطوات اقتصادية من شأنها تحسين واقع المواطنين المعيشي.

المرسوم بدون جدوى

وحول انعكاسات المرسوم وتأثيره على مستوى الدخل، اعتبر الخبير الاقتصادي وأستاذ المالية في الجامعات التركية (فراس شعبو) خلال حديث لـ أورينت نت، أن "التخفيض الأخير على ضريبة الدخل من المفترض أن يعني أو يؤدي إلى زيادة في الدخل، لكن في الحالة التي أمامنا نحن نتحدث عن زيادة بسيطة على رواتب الموظفين لا تتجاوز الـ 2 دولار أمريكي ضمن الحد المعفى من الضريبة".

وفي سياق حديثه عن الفارق شبه المعدوم الذي أحدثته الزيادة الأخيرة قال: "التضخّم الذي يحكم الأسواق السورية يأكل هذه الزيادة البسيطة، ما يعني أن الغرض من المرسوم تهدئة الشارع، بحيث جاء المرسوم بعد خروج الاحتجاجات وليس متزامناً مع قرار رفع الرواتب منتصف آب"، لافتاً إلى أن زيادة الكتلة النقدية في السوق (مضاعفة الرواتب، وتخفيض ضريبة الدخل)، من شأنها رفع الأسعار، وأن البلاد أمام تضخم جديد، مع زيادة في عجز الموازنة المالية بسبب تقلص إيرادات الخزينة من الضرائب، رغم أن الزيادة كانت على حساب رفع أسعار المشتقات النفطية.

وتابع بالقول: "القرارات الأخيرة تمثّل كارثة على شريحة غير الموظفين، هؤلاء لا يقبضون الرواتب، ومع ذلك سيشترون المشتقات النفطية بسعر أعلى، القرارات الأخيرة ستجعل شريحة الموظفين أمام عجز شديد، وبالتالي هم يموتون ببطء بسبب سوء إدارة الحالة الاقتصادية من جانب حكومة أسد".

كما يرى الخبير الاقتصادي(خيرو العبود) أن تخفيض ضريبة الدخل يُعد من الإجراءات الفعّالة والمشجّعة في حالة الدول المتعافية اقتصادياً، حيث يمكن أن يؤدي خفض الضرائب على الرواتب والمهن إلى زيادة الإنتاج وتخفيف تكلفته وتحسين مستوى المعيشة، مشيراً بالقول إلى أنه "في حالة الاقتصاد المتعثر، لا تفيد هذه الإجراءات".

وأضاف في حديث لـ أورينت نت: "بالنظر إلى قيمة الليرة السورية، يمكن القول إن خفض الضرائب على رواتب الموظفين لا يمثل خسارة كبيرة للخزينة، وأيضاً لا يشكّل مربحاً للموظفين، بمعنى آخر لا تأثير للمرسوم لا على النظام ولا على السوريين، النظام يعتمد على إيرادات تجارة الكبتاغون، وعلى الإتاوات التي يفرضها على أصحاب الأموال خارج النظام الضريبي المتعارف عليه في كل دول العالم، إلى جانب التلاعب بسوق العملات، والأرباح من فروقات الحوالات المالية الخارجية، إلى جانب سرقة المساعدات الأجنبية".

على مقاس إيران

ولعل التفصيل المتعلق بإعفاء منشآت المباقر والدواجن من الضريبة بشكل كامل على أرباح الدخل من بداية العام الماضي 2022، يلفت الانتباه للمستفيدين منه، ولا سيما أن إيران استحوذت على مباقر ومنشآت حيوانية في سوريا بموجب عقود استثمارية طويلة الأمد، حيث وبمراجعة التفاصيل سيبدو وكأنه تم تفصيله ليخدم إيران التي وضعت يدها على "مبقرة زاهد" الحكومية في طرطوس في أواخر العام 2021 وبداية العام 2022 بعقد يمتد لـ25 عاماً، حيث سيمهّد المرسوم الطريق أمام إيران للاستحواذ على استثمارات جديدة في مجال الثروة الحيوانية، رغم أن السوق السورية تعاني من نقص حاد في المنتجات الحيوانية، وبالتزامن مع بحث إيران عن أية فرصة استثمارية لتحصيل ديونها المتراكمة على نظام أسد الناجمة عن دعمها له في قتل السوريين.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات