ميليشيا الجولاني تعتزم دمج "العمشات" غرب حلب.. ومصادر: قتلى أسد سرّعوا الخطوة

تعتزم ميليشيا "هيئة تحرير الشام" خلال الأيام القليلة القادمة ضم مجموعات فرقة السلطان سليمان شاه المعروف باسم "العمشات" المنتشرة على جبهات ريف حلب الغربي، إلى ما يسمى "جيش عمر" التابع لـ"تحرير الشام"، وإلغاء فكرة وجود أكثر من فصيل على خطوط التماس أو إن صح التعبير على جبهات "إدلب"، مع مراعاة دمج العتاد والعناصر وتوحيد اللباس العسكري.

وبحسب معلومات خاصة حصل عليها موقع "أورينت نت"، فإن المجموعات العسكرية التابعة لفرقة "السلطان سليمان شاه" بقيادة محمد الجاسم، المعروف بـ"أبي عمشة"، أحد فصائل "الجيش الوطني السوري"، تعتزم الاندماج مع جيش "عمر" مطلع الشهر القادم "أيلول/سبتمبر"، بما يتضمّن توحيد غرفة العمليات بما تحويها من أسلحة وعتاد متطور.

مواقع انتشار العمشات غرب حلب

وتنتشر على جبهات ريف حلب الغربي سبع نقاط عسكرية لفرقة سليمان شاه تتوزع على مسافةٍ تُقدر بـ"15 كم" بدءاً من بلدة كفر نوران وانتهاءً ببلدة تديل بريف حلب الغربي، وتتميز هذه النقاط بعناصرها الذين يرتدون زيّاً عسكرياً مختلفاً وأسلحة متطورة وعتاداً حديثاً.

وتحوي كل نقطة عسكرية لـ"فرقة سليمان شاه" على قرابة 48 عنصراً، ويتناوبون على أربع مجموعات؛ كل مجموعة تتألف من 12 عنصراً على مدار 7 أيام متواصلة في الشهر.

تؤكد مصادر "أورينت نت" أن فرقة "العمشات" سلّحت هذه النقاط العسكرية بأكثر من 250 دراجة نارية "جبلية" متطورة تحمل في مؤخرتها رشاشاً ثقيلاً من عيار 12.5 مم، بالإضافة إلى أنها دعمت النقاط بما يزيد عن 50 سيارة دفع رباعي من نوع "Toyota" و"Hunda"، وسيارات مدرعة من نوع "شاص"، وراجمات صواريخ ورشاشات ثقيلة بما فيها "شيلكا"، ومدافع من عيارات متنوعة (قصيرة وطويلة المدى).

تقول المصادر لـ"أورينت" إن فصيل "العمشات" زوّد عناصره غرب حلب أيضاً بقناصات حرارية حديثة ذات منشأ أمريكي، ومناظير ليلية متطورة، وأسلحة روسية وأمريكية فردية لكل عنصر ولباس عسكري متطور، يختلف عن لباس عناصر هيئة تحرير الشام.

وتؤكد المصادر أن مرتّب العنصر الواحد خلال نوبته الشهرية البالغة 7 أيام فقط، 1000 ليرة تركية أي ما يعادل 35 دولاراً، وأن راتب قائد المجموعة يبلغ 1500 ليرة تركية، وهو ما يعادل 57 دولاراً أمريكياً.

أسباب الاندماج

يقول مصدر عسكري من فرقة "سليمان شاه" -رفض ذكر اسمه- إن فكرة اندماج مجموعات العمشات تحت راية الهيئة جاءت عقب قيام عناصر "سليمان شاه" باستهداف آلية عسكرية لميليشيا أسد منتصف شهر آب/أغسطس الجاري، على إحدى جبهات تديل والتي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف النظام، الأمر الذي تسبّب بخلافات بين الطرفين لعدم التنسيق بينهما.

وأوضح أن هذا القرار صدر عن أمير مجموعات "العمشات" المتحالف مع هيئة تحرير الشام والذي يُدعى "أبو بكر"، ويسكن في مدينة حارم شمال إدلب، القريبة من الحدود السورية – التركية.

ولفت إلى أن القرار تضمّن دمج مجموعات "العمشات" في ريف حلب الغربي تحديداً، في لواء "جند الرحمن" العسكري التابع لهيئة تحرير الشام والذي يُعرف في منطقة إدلب بـ"جيش عمر"، بالإضافة إلى توحيد الزي العسكري وغرفة العمليات والرصد.

ووفقاً للمصدر، فإن قرار دمج المجموعات جاء في توقيت اعتبره بـ"المدروس"، وذلك بسبب قرب انتهاء عناصر العمشات بإنشاء غرفة عمليات خاصة بهم في ريف حلب الغربي، دون أي تدخّل من هيئة تحرير الشام، كان من شأنها إصدار قرارات حاسمة لأي تطورات قد تُتخذ على الجبهات دون العودة إلى تحرير الشام التي تشاركهم في خطوط التماس غرب حلب.

بداية التقارب 

في تموز/يوليو 2021، زار عدد من قيادات الصف الأول من هيئة تحرير الشام مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، على رأسهم "جهاد الشيخ" الملقب "أبو أحمد زكور"، الذي يُعرف بأنه الواجهة الاقتصادية لـ"الجولاني"، وعقدوا لقاءات مع قيادات في الجيش الوطني السوري بهدف التقارب والتنسيق المشترك بينهما، وطرحت هذه الزيارة وقتها تساؤلات عدّة، تصدرها وفقاً لما رآه مراقبون بأنها شرارة من تحرير الشام لتفكيك الجيش الوطني وتفرقة صفوفه على حساب مصالحها الاقتصادية والأمنية.

وبعد مضي شهرين من الزيارة، بدأت ملامح التطبيع تظهر إلى العلن، إذ أعلن "أبو عمشة" في شهر أيلول من ذات العام استعداده التام للتفاهم مع "هيئة تحرير الشام"، وفقاً لتصريح صحفي أدلى به إلى صحيفة "القدس العربي".

وقال أبو عمشة وقتها: "لا ننكر عمل تحرير الشام في القتال ضد النظام، وهم أبناء هذا البلد، وقد صدوا هجمات النظام كثيراً، ونحن مستعدون للتفاهم معهم، ونؤيد الاندماج الكامل لمناطق المعارضة".

وعقب تلك التصريحات، ظهر الجولاني في تصريحات أشار فيها إلى أن السكان في المناطق الواقعة في مناطق "درع الفرات وغصن الزيتون" يرغبون بدخول "هيئة تحرير الشام" إلى مناطقهم للخلاص من حالة الفوضى والانتهاكات والفلتان الأمني هناك.

وبعد قرابة أشهر من الأحداث آنفة الذكر، والذي صادف منتصف شهر حزيران 2022، دخلت هيئة تحرير الشام إلى منطقة "غصن الزيتون" وتحديداً مدينة "عفرين" عقب اشتباكات واقتتال بين "الفيلق الثالث" من جهة و"أحرار الشام - القاطع الشرقي" من جهة أخرى (والذي يعتبر أحد حلفاء تحرير الشام)، إذ امتد الاقتتال من مدينة الباب شرق حلب إلى بلدة جنديرس شمال حلب، بسبب اتهام أحرار الشام في قضية اغتيال الناشط الإعلامي "أبو غنوم" مع زوجته الحامل في مدينة الباب.

وزعمت هيئة الجولاني وقتها عبر إعلامها الرديف أن دخولها مدينة عفرين جاء منعاً لجر الساحة إلى جولات اقتتال داخلي عبثية، بالإضافة إلى الضغط على الأطراف لضرورة التفاهم وتحكيم لغة العقل، بعيداً عن لغة السلاح، وفق قولها.

وفي تشرين الأول من ذات العام، سيطرت الهيئة على مدينتي "عفرين وجنديرس" وبلدات وقرى عدّة، وتحالفت فرقة السلطان سليمان شاه وفرقة الحمزة ضد فصيل الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني.

ما وراء التقارب

تؤكد مصادر حصل عليها موقع "أورينت نت" أن هنالك توجهاً تركياً صَدر منتصف عام 2022 يَقضي بفتح قنوات تعاون وتنسيق مشترك بين فصائل الجيش الوطني السوري وهيئة تحرير الشام، من الجانب "العسكري والأمني".

وتوضح المصادر أن ما يدور بين فصيلي "سليمان شاه" و"تحرير الشام" إلى اليوم لا يتعدى مسألة تحالفات، وأنهما بعيدان كل البعد عن فكرة اندماج كامل بين الطرفين، أو جسم عسكري واحد يضم كلا الطرفين، بسبب اختلافهم أيديولوجياً.

ما هو فصيل العمشات؟

 فصيل السلطان سليمان شاه أو العمشات هو واحد أحد من فصائل "الجيش الوطني السوري"، غالبية مقاتليه ينحدرون من أبناء العشائر بريف محافظة حماة وحلب.

يتزعم الفصيل المدعو "محمد الجاسم" الملقب "أبو عمشة" وهو من مواليد عام 1987، وينحدر من قرية جوصة التابعة لمنطقة حيالين بريف حماة الشمالي، إذ عمل سائقاً لجرارات الحراثة (تركتور) والحصادات الزراعية قبل اندلاع الثورة السورية، وهو من قبائل البدو العربية.

وقبل أيام فرضت الخزانة الأمريكية عقوبات على "محمد الجاسم" (أبو عمشة)، تحت بند مسؤولية عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بعفرين مركز وجود الفصيل.